اسم الكتاب: أمة الوجبات السريعة "الفاست فود"
عدد الصفحات: 362 من القطع الصغير.
اسم الناشر: كتب مارينر "اريك شلوزر"
سنة الإصدار: 2012
إعداد: ربى عنبتاوي
يطرح الصحافي اريك شلوزر في كتابه المهم "أمة الوجبات السريعة" الطريقة الأمريكية في الغذاء ضمن ثلاثة فصول، حيث يسرد المؤلف في الفصل الأول بدايات التعلق بهذا الطعام وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية، كما يتحدث عن اللحم والبطاطا المقلية اللذين يحددا الالية الخاصة بصناعة الفاست فود، وما تتضمنه تلك الوجبة من منكهات كيميائية في الطعام، كما يناقش الكاتب في هذا الجزء طريقة وحجم تربية الماشية والدجاج، شروط عمل صناعة اللحم، المخاطر من أكل اللحم، والظروف العالمية للوجبات السريعة كبضاعة تصدر الثقافة الامريكية.
تصدير ثقافة الفاست فود
هذا الكتاب الذي يناقش الجانب المظلم في الغذاء الامريكي، يفتح النقاش على شركتي كارل كارشه والإخوة ماكدونالدز للطعام السريع، كرائدا صناعة الفاست فود في كاليفورنيا الجنوبية، يتلو النقاش اختبار العلاقة المعقدة بين شركتي والت ديزني وري كروك (ماكدونالدز) وصعود كلاهما نحو الشهرة، هذا الفصل ايضا ينظر بعين الاعتبار الى الطرق المعقدة والمربحة من اعلانات هذا الطعام للأطفال، ولاحقا في ذات الفصل يزور شلوزر منطقة كوارادو سبرينج ويتحقق من ظروف الحياة والعمل لموظفي مصانع الفاست فود، التي توظف اعلى نسبة من العمال بأدنى اجور ضمن أعلى دورة لرأس المال، مقارنة بأي صناعة امريكية أخرى.
أما الفصل الثاني فيناقش الكاتب العناصر الكيميائية التي تجعل الطعام طيب المذاق، والحياة النموذجية لمربي الماشية، آخذاً بعين الاعتبار الصعوبات في عالم الزراعة تحت الاقتصاد الجديد. ويظهر أسلوب شلوزر بشكل استفزازي حين ينتقد صناعة تعليب اللحوم، والتي اعتبرها كأخطر وظيفة في الولايات المتحدة، وإضافةً الى ذلك، اصبحت اللحوم المنتجة في المسالخ خطرة بأضعاف مضاعفة في ظل مركزية الصناعة بدءاً بالطريقة التي تربى بها الماشية، وطريقة الذبح، إلى طريقة التصنيع التي تعطي فرصة مثالية للبكتيريا القولونية التي تعيش في امعاء الماشية للإنتشار، عدا ذلك، فإن شروط العمل آخذة بالتردي.
أما في الفصل الاخير فيناقش شلوزر كيف نضجت اطعمة الفاست فود كونها تصدّر الثقافة الامريكية بعد الحرب الباردة، حيث سمح انهيار الاتحاد السوفيتي بالاجتياح الواسع للغذاء والبضاعة الامريكية في الدخول الى المناطق التي كان يضمها، ونتيجة لذلك لحق العالم ركب امريكا في ارتفاع نسب السمنة المفرطة "البدانة".
تطور صناعة الفاست فود
يستمر الكتاب في الحديث عن تطور الفاست فود بالتزامن مع تطور صناعة السيارات، ويفسر شلوزر التحول من عدد لا حصر له من المطاعم المستقلة إلى عدد قليل من المطاعم من أصحاب الامتياز التجاري الموحد. وقد ساهم النمو الاقتصادي الهائل لصناعة الفاست فود إلى تغييرات اساسية في المجتمع الأمريكي، وخلال تلك الفترة دخلت المرأة سوق العمل بأعداد قياسية، ففي عام 1975 ذهبت ثلث الامهات الامريكيات الى سوق العمل خارج المنزل، أما اليوم فأكثر من ثلثي النساء يعملن.
من هنا، لاحظ عالما الاجتماع كاميرون ماكدونالدز وكارمن سيرياني في دراسة نشراها، أن اقبال النساء على سوق العمل زاد من الطلب على الخدمات المتعلقة بدور المرأة التقليدي من طبخ، تنظيف وعناية بالطفل، ومقارنة بأوائل القرن العشرين على سبيل المثال فقد كان ثلثي دخل العائلة ينفق على شراء مكونات الطعام لإعداد الوجبات، اليوم اكثر من نصف هذا الدخل ينفق فقط في شراء أكل المطاعم وتحديداً الوجبات السريعة.
التسويق للأطفال
اما فيما يتعلق بموضوع تسويق الوجبات السريعة للأطفال، فيفسر شلوزر كيف ان شركة ماكدونالدز وضعت تكتيكات للتسويق من خلال والت ديزني، فابتكرت (أي الشركة) شخصية ماكدونالدز الشهيرة المهرج رونالد، لمحاكاة الشخصية الكرتونية الصديقة والمحببة للصغار مثل سوبر مان وبات مان، كما ساهمت ادارة التسويق ليس فقط في جذب الاطفال ولكن في جذب آبائهم وأجدادهم أيضا، هذا التكتيك غرس الولاء للعلامة التجارية الذي ممكن ان تستمر حتى البلوغ، كما استعرض الدناءة في هذا التكتيك عبر استغلال براءة الاطفال والثقة الفطرية لديهم. ويرى شلوزر ان الشركات تسللت الى المدارس تحت فخ الرعاية والدعم، مشيرا الى ان 80% من الكتب المدرسية التي ترعاها تلك الشركات، تحتوي على اعلانات منحازة لها، كما ان 30% من المدارس الثانوية تقدم الوجبات السريعة لطلبتها.
في دراسته لصناعة اللحوم في الولايات المتحدة، يجد شلوزر ان شركات تلك المصانع تستغل العمالة المهاجرة، كما تعّد نسب الاصابات في العمل من أعلى الوظائف في الولايات المتحدة، وبالنسبة للخطوات المتبعة في تصنيع اللحوم فيكشف عن العديد من الممارسات الخطرة غير المعروفة لكثير من المستهلكين، مثل ممارسة تقديم الخنازير والخيول النافقة، ومخلفات الدواجن في تغذية الماشية. والتي وفق شلوزر هي المسؤولة عن اعتلال الدماغ الاسفنجي البقري او ما يعرف بجنون البقر، فضلا عن ادخال البكتيريا الضارة في الامدادات الغذائية كتلك القولونية. كما يناقش الكاتب موضوع دور صناعة الطعام في العولمة، وربط البدانة في الصين واليابان مع ادخال الفاست فود الى تلك الدول.
في الطبعة الأخيرة يزودنا شلوزر بفصل اضافي عن مراجعات هذا الكتاب والانتقادات منذ نشره ومناقشة تأثير تهديد مرض جنون البقر على سياسة الحكومة الامريكية تجاه مربي المواشي، مؤكداً (أي الكاتب) أن كثيرا من المشاكل والمخاطر التي وثّقت في هذا الكتاب قابلة للحل اذا توفّرت الارادة السياسية.
عن هذا الكتاب، قال الصحافي الامريكي في صحيفة النيورك تايمر روب ووكر: "شلوزر مراسل جاد ودؤوب...، وان هذا الكتاب لم يُؤلَّف للنقد الهدام بل بالعكس، جاء مدعماً بالحقائق والمعلومات لدراسة عملية حول صناعة الوجبات السريعة بدءاً من اللحم وحتى التسويق.