العنب الفلسطيني... أصنافه وطرق تخزينه وصناعته البيتية

القدس المحتلة
هبة أصلان
خاص بآفاق البيئة والتنمية
مع بداية موسم قطف العنب في فلسطين خلال النصف الأول من شهر نيسان من كل عام، تفترش الفلاحات الفلسطينيات شوارع الأسواق من الشمال إلى الجنوب لتبيع بضاعتهن من العنب وورقه الذي يعتبر أحد أهم الاكلات الشعبية في فلسطين، وتتنافس تلك النسوة في التدليل على بضاعتهن من العنب من حيث الجودة والسعر، في ظل وجود نوعين من العنب هما الأبيض والأسود، فتجد من العنب الأبيض صنف الزيني والدابوقي والجندلي والسلطي وعين البقرة والبيروتي، في حين تنتمي أصناف البيوتني والفحيصي والشامي والحلواني والبلوطي إلى قائمة العنب الأسود، ليتوزعوا جميعهم على ما يقارب 50 سلالة لرزاعة العنب، جميعها أصناف تتزين فيها الموائد بأشهى وألذ الاطباق ومنها ورق العنب مع الكوسا المحشي، وورق العنب الصيامي- بدون لحوم" أو ما يعرف بـ "اليلنجي"، والذي يقدم كمقبلات باردة أو ساكنة، والكفتة مع ورق العنب.
بيع ورق العنب في القدس المحتلة
الورق الأبيض والأسود
تحرص النسوة عند شرائهن لورق العنب على تفحص أوراقه، فأوراق العنب الأبيض تختلف عن الأسود منها، ونجد أن الخبيرات في هذه العملية يفضلن ورق العنب الأسود في الطبخ، وهنا نضع بين أيديكم بعض المعلومات المفيدة عند شراء العنب، حيث تتميز أوراق العنب الأسود بنعومة ملمسها وخلوها من الزغب على السطح السفلي للورقة، وتجد لونها يميل إلى الأخضر الفاتح، وهي ذات لمعان ملفت وكأن طبقة زجاجية أو بلاستيكية تعلوها، وبالتالي فإن هذه الصفات تجعل سعره أغلى. ويتراوح سعر الكيلوغرام الواحد في بداية موسم ورق العنب في فلسطين ما بين 20- 30 شيقلاً، أما اوراق العنب الأبيض فتجدها سميكة وكأن سطحها امتلأ بالتجاعيد ويميل لونها إلى الأخضر الغامق.
فلاحة فلسطينية تفترش شارع صلاح الدين في القدس المحتلة لتبيع ورق العنب
طرق تخزين ورق العنب
أبدعت جداتنا وأمهاتنا في فلسطين في إيجاد طرق لحفظ وتخزين ورق العنب ليكفي حاجتها على مدار العام، خاصة وأنه يعتبر وجبة رئيسية تكاد لا يمر شهر على الأسرة الفلسطينية إلا ويكون أحد مكونات مائدتها، ومن طرق الحفظ هذه، نجد أسلوب التجفيف من خلال وضع أوراق العنب في قلائد، أو وضعه بعبوات بلاستيكية وتفريغ الهواء منه، أو وضعه بعبوات بلاستيكية وإضافة القليل من الماء والملح، لكن شهدت هذه الطرق التقليدية القديمة اندثاراً عند الغالبية العظمى، وقد استعاضت معظم ربات البيوت عنها بتفريز ورق العنب، وذلك بعد تقنيب العروق وترتيبها داخل عبوات بلاستيكية أو أكياس بلاستيكية خاصة، أو لفها بأوراق القصدير لتخرج ربة البيت حاجتها منه عند كل عملية طبخ.
ورق العنب والمشمش البلدي في القدس المحتلة
وفي هذا الصدد، تشير السيدة سحر الشعراوي مدير زراعة شمال الخليل، إلى سلبيات حفظ الورق داخل عبوات بلاستيكية باعتبارها غير صحية خاصة مع حدوث التفاعلات الكيميائية، لذلك تفضل استخدام العبوات الزجاجية واحكام اقفالها أو أوعية الضغط المخصصة لذلك.
طرق تصنيع العنب
تعتبر ثمار العنب من أهم الفواكه في قيمتها الغذائية، قبل ما يزيد عن أربعة عقود من الزمن كانت ثمار العنب الطازجـة والمصنعة إلى الزبيب، العنبية "عنطبيخ", الدبس والملبن، من العناصر الأساسية للغذاء فـي البيت الفلسطيني عامة، وفي هذا الصدد تقدم لنا السيدة الشعراوي، شرحا مفصلاً حول العناصر الغذائية في ثمار العنب، حيث يحتوي كل 100 غرام من العنب على التالي:
العنصر
|
الكمية
|
العنصر
|
الكمية
|
سعرات حرارية
|
74 سعراً
|
فسفور
|
21.0 ملغم
|
رطوبة
|
81.6غم
|
حديد
|
0.6 ملغم
|
بروتين
|
0.8غم
|
نحاس
|
0.6 ملغم
|
دهون
|
0.4غم
|
فيتامين" أ "
|
80.0 وحدة دولية
|
رماد
|
0.46غم
|
فيتامين" ب2 "
|
0.03 ملغم
|
كربوهيدرات
|
16.7غم
|
فيتامين" ب1 "
|
0.05 ملغم
|
ألياف
|
0.5غم
|
فيتامين" ج "
|
4.0 ملغم
|
كالسيوم
|
17.0غم
|
حامض نيكوتينيك
|
0.4 ملغم
|
أما عملية تصنيع العنب، فيندرج تحتها مجموعة من الأصناف التي تشتهر بها البيوت الفلسطينية، ومن بين هذه الأصناف نذكر الزبيب، والدبس والملبن والعنطبيخ أو ما يعرف بالعنبية، وتضع الشعراوي بين أيدينا مكونات كل صنف من هذه الأصناف وأهميته وطرق تصنيعه بيتياً.
الزبيب
- يحتوي على فيتامينات أ، ب، ج وعلى الأملاح المعدنية كالكالسيوم والحديد والفسفور.
- له دور في حماية الجسم وزيادة مناعته.
- يحوي سكر الجلوكوز والفركتوز، سهل الهضم، ويزود الجسم بالطاقة الحرارية.
· يحتفظ الزبيب بأكثر خواص العنب الطازج، خاصة الفيتامينات والمعادن، ويمد الجسم بفوائد تزيد مقاومته ومناعته ضد كثير من الأمراض، كما يحتوي على قدرٍ عال من البوتاسيوم، والكالسيوم، كما ويعتبر سكر العنب منشطاً لوظائف الكبد، كما يفيد الزبيب في معالجة النزلات واحتراق الصدر والمعدة والأمعاء. وعنه قال ابن الزبيب: صديق القلب والمعدة وينفع الكلى والمثانة .
طريقة العمل:
- يتم اختيار الثمار الناضجة ذات اللون الاصفر.
- استبعاد التالف منها والغير ناضج.
- غسل العناقيد بالماء لإزالة الأتربة وآثار المبيدات.
- غمس العناقيد في محلول الزيت القلوي (5 لتر ماء+25 غم بايكربونات الصوديوم+ كأس زيت زيتون).
- نشر العناقيد فوق وعاء مسطح، أو قماش من الكتان للتجفيف وتكون معرضة للشمس المباشرة.
- تقليب العناقيد بين فترة وأخرى، وتغطيتها بقماش لاستبعاد الرطوبة.
- بعد الوصول إلى التجفيف المناسب، تجمع العناقيد المجففة وتوضع في منطقة ظل للحصول على منتوج متجانس الرطوبة والحلاوة.
- تعتمد مدة التجفيف على حجم العنب ودرجة حرارة الشمس ووجود تيارات هوائية تساعد على التجفيف.
- تفريط زبيب العنب من العناقيد، ويمكن القيام بهذه الخطوة في البداية أي قبل عملية التصنيع.
- تعبئته في عبوات مناسبة.
· القيمة الغذائية لكل 100 غم من الزبيب هي: 71.2 غم من السكريات، و2.2 غم من البروتين، و0.5 غم دهون.
الدبس
يعتبر الدبس من منتجات العنب الأكثر انتشاراً واستهلاكاً في فلسطين عامة وفي مدينة الخليل على وجه التحديد، حيث يزداد استهلاكه خلال فصل الشتاء، وبعضها يقدم كهدايا للأقارب والأصدقاء في الدول العربية والأجنبية.
الكميات: ــ
10 كغم عنب وتربة حور 1 كغم
طريقة العمل:
- تغسل العناقيد جيدا.
- تفرط العناقيد ذات الثمار الناضجة ويستبعد التالف منها.
- تهرس الثمار وتعصر ويضاف لها تربة الحور من أجل تنقية العصير، وإزالة الحموضة منه.
- يغلى العصير خمس دقائق من أجل تثبيط الأنزيمات وقتل البكتيريا التي تساعد في عملية التخمر.
- تزال الشوائب التي تظهر على السطح وتترك لمدة يوم لترسيب الحور والشوائب.
- يتم وضع العصير في أوانٍ عالية الارتفاع نسبياً حتى يتم أخذ السائل النقي.
- يوضع العصير الصافي على النار، ومع التحريك تزال الرغوة عن السطح.
- نضيف عصير ليمونة أو ملح الليمون بكميات قليلة وذلك لمنع سكر الدبس من التبلور.
- ويستمر الغليان حتى يحدث تغير اللون ( الكرملة )، وليصل إلى لزوجة معينة ونسبة صلابة باستخدام جهاز قياس التركيز(الفلاكتوميتر).
- يتم اختبار نضج الدبس وذلك بوضع قليل من الدبس في وعاء ويخط في وسطها بالاصبع، فإذا عاد الدبس بسرعة مكان الاصبع يعني انه يحتاج إلى غلي، أما اذا عاد ببطء دل ذلك على نضج الدبس فنتركه ليبرد، ثم يعبأ في عبوات نظيفة زجاجية أو بلاستيكية.
القيمة الغذائية لـ 100 غم دبس
طاقة سعر حراري
|
Fe/ملغم
|
P/ملغم
|
Ca/ملغم
|
الياف/غم
|
رماد/غم
|
دهون/غم
|
بروتين/غم
|
سكريات/غم
|
ماء/غم
|
ويترك 293
|
10
|
80
|
400
|
0.4
|
7.7
|
0.1
|
0.6
|
70
|
21.2
|
الخبيصة والملبن
المقادير:
50 لتر عصير عنب + 4 كيلو سميد حبة البركة ، قريش أو صنوبر أو جوز، يانسون
1 لتر ماء/4 لتر عصير عنب رائق.
طريقة العمل :
- نضع العنب في كيس من القماش ونضع معه قليلاً من التراب الأبيض (الحور ) ليسحب حموضة العنب ويعصر جيداً ويصفى.
- نضع عصير العنب في "دست" كبير أو طنجرة حسب الكمية ونغليه على النار لمدة عشر دقائق ثم نصفي عصير العنب في وعاء ثانٍ، للتخلص من بقايا التراب الراسب في كعب الدست أو الطنجرة.
- نضع عصير العنب المصفى في "الدست" على النار.
- يذاب السميد في وعاء آخر إما بالماء أو عصير العنب بشكل سائل.
- عند غليان العصير يضاف السميد تدريجيا مع التحريك المستمر.
- تضاف حبة البركة أو القريش أو الصنوبر مع القليل من الينسون.
حتى هذه المرحلة يسمى الناتج "خبيصة" حيث تسكب في صحون وتزين بالجوز والمكسرات حسب الرغبة وتقدم ساخنة أو باردة.
- نمد محلول الملبن وهو ساخن على شراشف أو أكياس من النايلون خاصة للملبن بشكل رقيق وبسمك 2-5 ملمتر، ونتركه حتى اليوم الثاني في أشعة الشمس.
- عند الحصول على طبقة صلبة نقوم بنشره وتعليقه للتجفيف، وتستمر مدة التجفيف من 7-21 يوماً حسب الظروف الجوية.
- بعد ذلك يقص الملبن إلى قطع مربعة بقياس حوالي 20×20سم ويطوى ويوضع في أكياس نايلون، ويصبح جاهزاً للاستعمال.
العنبية (عنطبيخ أو عنب طبيخ)
طريقة العمل:ــ
- يفرز العنب عن التالف والمصاب بالحشرات.
- يتم فرط العنب من العناقيد وغسلها جيدا.
· وضع العنب في وعاء مناسب والضغط على الحبات حتى تتشقق.
- يوضع على النار حتى الغليان، مع ملاحظة طفو بذور العنب على سطح الطنجرة ويمكن ازالتها.
- يضاف عصير ليمون أو ملح الليمون مع التحريك المستمر، حتى تظهر نقطة النضج.
- يعبأ وهو ساخن حتى بداية عنق المرطبان.
- يقفل بإحكام وهو ساخن بغطاء معدني ثم يتم تخزينه.
زراعة العنب بالأرقام:
تأتي زراعة العنب بالمرتبة الثانية بعد الزيتون من حيث المساحة المزروعة، ووفقاً للأستاذ صلاح البابا مدير زراعة محافظة بيت لحم، فهناك 80 ألف دونم مزروعٌ بالعنب في كل من الضفة وغزة، 95% من هذه المساحة هي مثمرة في حين المتبقي هو غير مثمر، ويتفاوت حجم إنتاج هذه المساحات حسب نوع التربية، فهناك التربية الزاحفة حيث لا يستخدم فيها الحديد وتنتج حوالي 700-800 كغم للدونم، في حين تحتاج التربية الثانية إلى بنية تحتية لكنها تضاعف الإنتاج بحيث يصل إلى 1500 كيلو غرام للدونم، أما نوع التربية الثالثة فهو الحصيرة أو الشبكة والتي تغطى فيها المحاصيل بالحديد والشباك ليحصد المزارع بعدها 2000 كغم للدونم الواحد، وهذه الأرقام جميعها تقتصر على الزراعة البعلية، في حين 2000 دونم فقط هو حجم مساحة الزراعة المروية من العنب والتي تتركز في الأغوار مع حجم إنتاج يصل إلى 3000 كيلو للدونم. هذا وتتوزع هذه الأرقام على المحافظات، ليصل نصيب محافظة الخليل إلى 60%، وتتوزع النسبة المتبقية على محافظات بيت لحم والأغوار ونابلس والقدس.
العناية بزراعة العنب
العنب كغيره من المزروعات يحتاج إلى عناية واهتمام ليعطي منتوجاً وفيرا وجيدا، لذلك وحسب السيد محمد اللحام مدير دائرة الخضار والزهور في وزارة الزراعة الفلسطينية، فإن أفضل طرق تحسين الإنتاج تتلخص في التقليم الصحيح، وإزالة الشوائب، وزيادة نسبة العقد من خلال عملية تسمى بالتحليق والتي تعمل على تبكير النضج أسبوعين تقريبا.
هذا، ويشير المهندس والخبير الزراعي سعد داغر إلى الأضرار الكبيرة لاستخدام المبيدات الحشرية والكيماويات وخاصة التي تنعكس سلباً على صحة الانسان، حيث تتحول ثمار العنب من ثمار صحية جداً إلى ثمار تحمل في جوفها السموم للناس، خاصة بسبب عدد مرات الرش خلال الموسم كبير، ومن جهة أخرى، فإنه كلما ازداد الرش قل التنوع الحيوي فتزداد الآفات، وعندها مرة أخرى يزداد عدد مرات الرش، وتصبح الآفات أكثر شراسة، وهكذا نبقى ندور في دوامة المبيد-الآفة.
وعن البدائل الطبيعية للمبيدات، يقول داغر: "المسألة لا تتعلق بإحلال مبيد طبيعي مكان مبيد كيماوي، لكنها مسألة تغيير في المنهج والتحول الشمولي في العمل الزراعي لخلق أجواء تجعل الآفات مشكلة ثانوية في الزراعة، فالحاجة إلى بناء نظام طبيعي نقوم فيه بتطبيق قوانين الطبيعة عبر التعلم من نظام الغابة تقع في صميم العمل الجاد لخلق بديل للكيماويات الزراعية عامة ومنها المبيدات، إنها عملية تحول في الوعي في سبيل الوصول إلى زراعة طبيعية كما أنها حالة التزام مرتبطة أيضاً بالوعي من أجل التغيير".
يضيف داغر: "لكن في مرحلة التحول بالوعي هذه، نحتاج الى ابتداع طرق لحماية المحصول واستخدام بعض المستخلصات والوصفات الممكن تحضيرها ببساطة من أجل الوقاية من الآفات، ومن هذه الطرق والمواد":
1- الكربونة (بايكربونات الصوديوم) وتستخدم بمعدل 1,5 غم لكل لتر ماء ضد الأمراض الناتجة عن الفطريات.
2- الدخان، ونستخدم مادة الدخان المحلية والمفرومة بنقع مقدار قبضة اليد في لتر ماء لمدة 24-48 ساعة، ثم تصفية السائل ورشه لمقاومة الحشرات.
3- استخدام الأكياس الورقية ووضع القطوف داخلها للحماية من الأمراض والحشرات.