
كردالـواد مصطـفى / الجزائر
تتخذ الاحتفالات الخاصة باليوم العالمي للبيئة لسنة 2015 شعار:" سبعة بلايين حلم. كوكب واحد. استهلك برفق". فهذا الشعار الذي اختارته منظمة الأمم المتحدة للاحتفال بالبيئة يوم 5 حزيران؛ مستوحى في جوهره من روح مختلف الإتفاقيات والمؤتمرات والقمم والوثائق الوطنية والدولية المتعلقة بالبيئة؛ فمجمل هذه الأدبيات البيئية سعت إلى إيجاد علاقة توازن بين ضرورة الحفاظ على الموارد البيئية وضرورة تلبية الحاجات الإنسانية من هذه الموارد.
لكن بين هدف ترشيد استهلاك الموراد البيئية الذي يرفعه هذا الشعار؛ وواقع البيئة الذي أنتجته التصرفات الأنانية والسلوكات السلبية للأفراد والدول تكمن المفارقة، لأنّ مظاهر التدهور البيئي أصبحت تتجلى من يوم لآخر، ومن سنة لأخرى، هذا ما يدفع إلى طرح تساؤل محوري حول مدى فعالية أطر حماية البيئة الموضوعة في هذا الشأن على المستويين الدولي والوطني.
ففي العقود الأخيرة حذّرت العديد من التقارير والبحوث العلمية من تدهور حقيقي للكثير من الأنظمة البيئية؛ نتيجة تفشي مجموعة كبيرة من التهديدات البيئية كالتلوث بجميع أنواعه، والتغير المناخي، والجفاف، بالإضافة إلى الفيضانات، وذوبان الجبال والأنهار الجليدية نتيجة ارتفاع درجة حرارة الأرض.
وبدورها حاولت العديد من التقارير الإستراتيجية والأمنية الرّبط بين هذه التهديدات البيئية والأمن؛ فقد أشارت هذه التقارير إلى تحوّل الكثير من التهديدات البيئية إلى أزمات أمنية هدّدت استقرار ووحدة الدول، ولم تقتصر هذه الهشاشة الأمنية على هذه الدول فقط، بل امتدت حتى إلى دول الجوار والمنطقة ككل.
أمام تنامي هذه التهديدات البيئية بدأ المجتمع الدولي يُدرج قضايا البيئة في صلب أجنداته الأمنية والسياسية والاقتصادية، حيث عُقد في هذا الشأن العديد من المؤتمرات الدولية والقمم توّجت بإبرام إتفاقيات هامة، كما أنشأت على إثر ذلك أجهزة مختصة لمتابعة تنفيذ هذه الإتفاقيات في مجال حماية البيئة ومكوّناتها المختلفة، ومن أهم هذه المؤتمرات نجد مؤتمر استوكهولم سنة 1972، ومؤتمر مونتريال سنة 1987، وإتـفاقية كيوتو حول التغيرات المناخية سنة 1994، وقمة الأرض بريو ديجانيرو سنة 1992، بالإضافة إلى قمة جوهانسبورغ سنة 2002، ومؤتمر بالي لسنة 2007، وقمة كوبنهاغن سنة 2009.
يُوازي هذه الجهود الدولية لإسعاف البيئة وحمايتها جهود أخرى من طرف الدول على المستوى الوطني، وفي هذا الشأن سارعت العديد من الحكومات إلى إدماج أهم الإتفاقيات البيئية في قوانينها الداخلية، كما أصدرت تشريعات بيئية كرّست جيل جديد من حقوق الإنسان عُرفت بالحقوق البيئية، وبالمقابل أنشأت هذه التشريعات هيئات وطنية لمتابعة تنفيذها.
ترجع أهمية الأدوات القانونية كما هو معلوم إلى ارتباطها العضوي بمبدأ الشرعية، لأن القاعدة القانونية تُوفر عنصر الإلزام لفرض تطبيقها على المخاطبين بها، كما تُوفر عنصر الجزاء عند مخالفتها، لكن في مجال حماية البيئة ورغم تنوع الأدوات القانونية لحمايتها، إلا أن النظام البيئي في مجمله آخذ في التفسّخ والانحطاط.
وعليه لإضفاء فعالية أكثر على التشريعات البيئية وجب تفعيل تطبيقها على جميع حالات انتهاكها، مع ضرورة مرافقتها بمنظومة قيم وسلوكيات إيجابية تجاه البيئة، ويقع الدور على عاتق المجتمع المدني العالمي والمحلي في إرساء هذه المنظومة القيمية الجديدة؛ وذلك من خلال عمله الميداني على نشر الوعي البيئي لدى مختلف الفواعل الملوثة وغير الملوثة للبيئة، على غرار الدول والشركات والمؤسسات والأفراد.