خاص بآفاق البيئة والتنمية
تلتصق الثلاثينية سماح أسعد حبايبة بالهندسة المعمارية، وبشغف التدوير وإعادة إنتاج تحف ومقتنيات من المواد الُمرشحة للانتقال إلى حاويات النفايات. وتشعر بالسعادة، وهي تُدرّب الأطفال والزهرات، على مهارات التقليل من إنتاج القمامة والإبداع في إعادة استعمال القماش والبلاستيك والمعدن والورق.
تقول، وهي محاطة بعشرات الفتيات والفتيان بنابلس:" بدأت فكرة الفن واستخدام بقايا المواد المنزلية في مشغولات فنية، منذ وقت مبكر، فخلال طفولتي، كنت أجمع العبوات البلاستيكية الفارغة، وأحضر القليل من نشارة الخشب، لأصنع أدوات مكتبية، أنقلها لمعلماتي، اللواتي صرن يطلبن مني المساعدة في ابتكار وسائل تعليمية مساعدة لزميلاتي، من مجسمات تساعدهن في استيعاب الدروس، وأصنع في منزلنا تحفًا للأزهار."
بدايات
ووفق حبايبة، التي تحمل شهادة الهندسة المعمارية منذ عام 2003، وتعمل في مجال تصميم المباني، فإنها صارت تلتفت إلى محيط منزلها منذ سنواتها الأولى، وتشعر باستفزاز من النفايات المتراكمة حوله، فتبدأ بجمع البلاستيك والإطارات المطاطية، لتنظيف المكان والاهتمام ببيئته، ولتجميل المنزل بتحف فنية تسر الناظرين.
تكمل: "صنعت في منزل أسرتي مقاعد من العبوات البلاستكية الفارعة، واستخدمت إطارات المطاط التالفة في أحواض، وأستعمل القماش وبقايا الملابس القديمة في صناعة إكسسوارات يمكن استخدامها في مرافق المنزل، كبيت للهاتف، ومقلمة، ومكانٍ لوضع فرشاة الأسنان، ولحفظ أدوات الخياطة، وغيرها."
ومما تتفاخر به حبايبة، أنها استطاعت تنظيف بيئتها القريبة من منزل عائلتها وبيت زوجها من كل المواد البلاستيكية والقماش والكتب القديمة، فصنعت من الصحف تحفًا مكتبية، واستخدمت عبوات مواد التنظيف والمشروبات الغازية في تحف فنية للمطبخ، وطوّعت بقايا الأقراص المدمجة أو التالف منها في أعمال فنية، وابتكرت إطارات لوضع صور الأطفال، واستثمرت الأكياس البلاستيكية التالفة لإنتاج قبعات وتحف فنية بألوان زاهية، وأوجدت من بقايا الأقمشة وأكياس الخيش التي يحفظ بها الأرز حقائب متعددة الاستخدام.
سماح حبايبة مهندسة التدوير
فنون
تروي: "بوسعنا أن نُحوّل معظم الأشياء التي تذهب إلى حاويات النفايات إلى أدوات فنية، ومشغولات يدوية، وتحف، ووسائل تعليمية، وعندها سنخدم البيئة، ونعلم أطفالنا إعادة الاستخدام. وهي وسائل سبق وان لجأ إليها الأجداد في الماضي، وكانوا يحرصون على البيئة أكثر منا."
واستناداً إلى المهندسة حبايبة، فإن المواد المستعملة في تحويل الأدوات إلى تحف ومقتنيات منزلية بسيطة، وغير مكلفة، تتمثل في مقصات، ومشارط، وغراء، وألوان، وأقلام رصاص، وبعض المواد اللاصقة، مثل السيلكون. وبوسع الجميع أن يقتنيها أو تتوفر في الكثير من المنازل، التي تضم طلبة مدارس.
تزيد: "شعرت بالسعادة وأنا أُعلّم الأطفال، خلال تدريبِ لمركز التعليم البيئي ومنتدى الياسمين بنابلس، وبخاصة أن الصغار استوعبوا بسرعة، وتعاونوا معي أكثر مما توقعت، وشاركوني في القص، والتجهيز، والخياطة، والابتكار. والأهم من كل هذا، إنهم نقلوا الفكرة إلى غيرهم، وصاروا يناقشون ما حصلوا عليه في المنزل، وبلا شك سيحملون معهم الأفكار ذاتها إلى المدرسة."
خطط
من الخطط التي تفكر حبايبة في تنفيذها، تدريب النساء المنخرطات في المنتديات البيئية، التي أطلقها مركز التعليم البيئي في عدة محافظات، وستستطيع خلالها تمرين النساء على مهارات متقدمة في التدوير وإعادة الاستخدام، وعندها ستشعر المتدربات بالفرق بين بيئة كلها نفايات عشوائية، وأخرى نظيفة بفضل القليل من الجهد والأدوات والكثير من الإرادة.
تتابع: " عملي في البيئة تطوعي بالمعظم، فأنا أزاول الهندسة، وما يسرني، أن صغيري إلياس (5 سنوات) صار يتعلم بعض المهارات، ويشاركني في انتقاء الألوان، وإكمال الأفكار، ويطلب مني كل يوم قبل النوم، أن نصنع معًا تحفة جديدة أو لعبة من البلاستيك أو القماش."
نقلت حبايبة بعض التصاميم من البيئة إلى الهندسة، وبدأت ترسم في ذهنها نموذجًا لبيت متكامل من العبوات البلاستيكية، وراحت تهتم بإجراءات الحماية من الزلازل في المباني، واللافت أنها راحت تفكر في تجميع النفايات من سوق الخضار المركزي ببلدة بيتا بمحافظة نابلس، لغرض إنتاج سماد طبيعي، ووحدات صغيرة من غاز الميثان.
تفيد:" خلال تنقلي لأحد مواقع العمل في بلدة بيتا، كنت أشاهد بقايا الخضروات تذهب إلى الحاويات، وهذا خطأ كبير، فبوسعنا أن نستفيد منها في سماد عضوي وغاز أيضًا، وهو يحتاج فقط لإرادة بأن بيئتنا تستحق الكثير من الجهد."
يقول الأخوان عبد القادر الشريف (12 ربيعاً) و دينا ( 9 سنوات) إنهما تعلما في أربعة أيام من التدريب الكثير من المهارات، ونقلا لوالدتهما الطريقة، وأخذا ينفذانها ويتنبهان إلى عدم رمي العبوات البلاستيكية والمعدنية والقماش في حاوية النفايات؛ لأنها بقليل من الفن تصبح فنًا جميلاً.
aabdkh@yahoo.com