
استخدام التغطية العضوية والملش الطبيعي في حديقة عائلة اسماعيل للحفاظ على رطوبة التربة ومغذياتها وللتحكم بالأعشاب الضارة
خاص بآفاق البيئة والتنمية
تتوسط حديقة عائلة عزام إسماعيل مدينة البيرة، فيما تحيط بها بنايات شاهقة وشوارع عريضة. من بعيد تبدو البقعة الخضراء خارجاً عن المألوف، ففيها نباتات ملونة وأشجار مختلفة، إلى جانب دفيئة زراعية صغيرة، وشبكات ري وأكياس أسمدة طبيعية، وإشارات على اتباع أساليب زراعة عضوية.
يقول مهند عزام إسماعيل، وهو يقطف محصول الخيار: نعيد ما بدأ به جدي "عليّ" فقد كان ينتج كل ما يحتاجه من خضروات وفواكه، حيث وضعنا خطة من خمس سنوات للاستغناء نهائياً عن الأسواق، فما يباع فيها من خضروات وفاكهة لا طعم له ولا رائحة، ولا نأكله بطمأنينة فكله مواد كيماوية، وسرعان ما يتلف بعد فترة قصيرة من تخزينه.
أفراد عائلة اسماعيل في مدينة البيرة يثابرون يوميا على العناية بحديقتهم العضوية
تنوع إنتاجي
زرعت العائلة منذ العام الماضي عشرات الأصناف، ونجحت في تقليل اعتمادها على السوق، ففي الأرض التي تقترب مساحتها من ألف متر مربع (دونم) تتجاور نباتات البقدونس، والخيار، والبامية، والبندورة، والخس، والجرجير، والفجل، والهندباء، وورق اللسان، والكوسا، واليقطين، والقرع، والذرة، ودوار الشمس، والحمص، والفلفل، والفاصولياء، والباذنجان، والنعناع، والفراولة. فيما تحيط بها أشجار التفاح والمشمش والبرتقال والخوخ والغار والقاقا.
يقول مهند الذي يحمل بكالوريوس إدارة الأعمال ويعمل في التجارة: في الشتاء الماضي أنتجنا البطاطا، والفول، والبازيلاء، والخس، وورق اللسان، والهندباء (العلت)، والخيار، والجرجير، والشومر، وأكثر ما نشعر به ونحن نقطف الثمار ونضعها على مائدتنا أننا نحصل على محصول نظيف من الكيماويات، ويكفي أن نلاحظ أن ثمارنا لا تتلف، ويتغير شكلها ولونها ومذاقها، كما هو حال المحاصيل التقليدية.
وبالنسبة لعائلة إسماعيل، فإنها ستصمد حتى اللحظة الأخيرة في وجه الزحف الإسمنتي، ولن تُحوّل المزرعة الواقعة على شارع رئيس ومركز تجاري إلى مبانٍ وعقارات، وستكتفي بأن تشاهد مناظر جميلة للمزرعة، وما تمنحه من محاصيل.
يقول مهند: في الماضي كانت الحديقة خالية من المزروعات، وكان المارة يلقون النفايات فيها، وبعد أن زرعناها، تبدل الحال وصار الناس يقفون وراء السياج، ويعجبون بما يشاهدونه داخل الحقل.
التنوع والتسميد العضوي والتقنيات الطبيعية والميكانيكية هي ما يميز حديقة عائلة اسماعيل في مدينة البيرة
زراعة بيئية
ويعمل الشاب حمزة داغر (19 عاماً) في رعاية المزرعة، إذ يبدأ نهاره باكراً، ويرويها ويقطفها ويرشها بالصابون البلدي المبروش، ويراقب النباتات المتعاقبة، ويُسمدها بزبل الأغنام، ويضع الكرتون تحت الأشجار لمنع إنبات الأعشاب الضارة، وللاحتفاظ برطوبة الأرض.
يقول: العمل جميل، والكثير من المارة يعجبون بالحديقة من أول مرور في المنطقة، وأجد فرقاً بين ما نقطفه وما يباع في الأسواق، ويكفي أننا لا نستخدم المواد الكيماوية، ونحصل على خضروات لها رائحة طبيعية، ومزروعة من بذور بلدية، ومعالجة بالصابون النابلسي.
وبحسب مهند، فإن الأحوال الجوية الحارة جداً، التي صارت تتكرر في بلادنا صيفاً، وانحباس الأمطار، وهو ما يدفع العائلة للبحث عن مصدر ماء جديدة، إضافة إلى بئرين كبيرين لجمع مياه الأمطار حفرهما الجد قبل سنوات.
ووفق مهند فإنه تحمس لفكرة المزرعة كثيراً، وشجع والده على المضي فيها، خلال جولاته المتكررة في البلدات والقرى الزراعية. فيما تعد العائلة لتوفير حديقة طبيعية داخل المنزل، من خلال استخدام مواد طبيعية من الفخار والحجارة، وزراعة المزيد من النباتات والأزهار.
ينهي مهند بابتسامة: من يزرع يحصد، حتى لو بين البنايات الإسمنتية.
حديقة عائلة اسماعيل العضوية
نموذج
بدوره، يقول المهندس والخبير في الزراعات البيئية سعد داغر، إن عائلة إسماعيل استطاعت أن تحقق الكثير، وتقدم نموذجًا عن الزراعات العضوية، والاعتماد على الذات، وقد حققت تطوراً حين انتقلت من مجرد زراعة بلدية عشوائية، إلى زراعة منتجة.
ووفق داغر، فإن العائلة، التي يشرف على إدارة مزرعتها، تنتج الكثير من الخضروات، وأصبح يتوفر لديها اليوم فائضٌ من الخضروات في العروة الشتوية والصيفية، وتعتمد على نمط الزراعة البيئية، وتأكل خضروات نظيفة وآمنة، ولا تذهب إلى السوق.
يضيف: نستخدم الكثير من الأساليب البيئية، ونستعمل الكرتون في تغطية الأرض لمنع إنبات الأعشاب الضارة، كالنجيل، ونرش المواد العضوية فقط، وتجمع العائلة ماء المطر في بئرين لتعيد استعماله خلال الصيف، ونخطط لتوسيع الإنتاج وزراعة أصناف جديدة.
حديقة عائلة عزام اسماعيل العضوية المنوعة والغنية في مدينة البيرة
aabdkh@yahoo.com