أم مُراد: مهن عديدة لمواجهة الفقر!
أم مراد الفلاحة التي تكافح الفقر بالإنتاج
خاص بآفاق البيئة والتنمية
تصر الأربعينية نعيمة محمد الخطيب، على تحسين أحوال عائلتها الاقتصادية بمهن عديدة، فهي التي تصنع خبز الطابون والشراك، وتُحضر رقائق الكلاج، وتجهز القطايف، وتصنع الصابون البلدي، وتنظف وتطبخ الكوارع، وتربي الأغنام والدواجن، وتُصنع المخللات ورب البندورة والمربى والزعتر والبرغل والمفتول، وتُعد المُسليات لزوجها لبيعها في الأعراس والمناسبات، وتصنع الحلوى التقليدية كالحلبة والفطائر، والعكك والعوامة، وتُعد التبغ العربي في لفائف لتسويقه، وتعّد نباتات الزينة قبل أن يُسوقها زوجها.
أم مراد متعددة المواهب الإنتاجية
يوميات شاقة!
تقول: بدأت منذ خمسة عشر عاماً في صنع الخبز، بعد أن جهزت بنفسي الطابون العربي من بيت النار والغطاء، فقد صنعته من تراب خاص أحضرته من منطقة الفارعة، وكنت سعيدة بنجاحي في تلك المهمة، وانتقلت بالتدريج لأعمالي الأخرى، وصار الناس يطلبون مني ما يريدون من خبز وحلوى وكوارع ومصنوعات تراثية، وأمضي أحياناً أكثر من 16 ساعة عمل، وتساعدني بناتي الثلاث: مروة وميساء ومرح وأطفالي: مراد وسعيد ومعين، ويذهب زوجي لبيع أشتال الزينة وفي الأعراس يبيع الترمس والفول والذرة، وكلنا نتعاون للتغلب على متاعب الدنيا.
وتسكن أم مراد وعائلتها في بيت قديم وسط طوباس، وتحيط بالمنزل أطلال لبيوت تهدمت، وصارت موئلا للزواحف والقوارض، ولا تجد من وسيلة لمقاومة الفقر غير العمل اليدوي، والتخصص بالمأكولات والحلويات والمسليات والسجائر، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في المنزل من ألبان وأجبان وبيض ولحوم وغيرها.
تتابع: ولدت عام 1969 بطوباس، وتعلمت حتى الصف الرابع، وصرنا نعاني الفقر، وسكنا في بيت عائلة زوجي القديم، ولم أجد أفضل من العمل، وشجعني أحد الجيران على أن أسوق منتجاتي على نطاق واسع، وصار ما أصنعه يصل إلى نابلس وقراها، والأغوار، وبيوت كثيرة في طوباس، وأعمل في بعض الأيام حتى الساعة الواحدة ليلاً، ولا أعرف النوم غير ثلاث ساعات، وفي هذه الأيام الرمضانية، يتضاعف العمل، ويزيد التعب والسهر، وكل هذا أفضل لنا من أن نمد يدنا ونسأل الناس، أو ننتظر المساعدات والشؤون الاجتماعية.
أم مراد
تعب
ترسم أم مراد كما يعرفها الزبائن صورة لإحدى أيامها الحافلة: أستيقظ عند الرابعة فجرًا، أعجن خبز الشراك والطابون، وأُشعل الفرنية ( أداة معدنية لصنع الخبز على الحطب)، ثم أتنقل بين الطابونين والصاج، لأخبز أكثر من 300 رغيف شراك وطابون، وأنهى ذلك حتى الثانية ظهراً. ثم انتقل لتنظيف الكوارع، وتجهيزها وتحميرها في الطابون، وأرسلها لأصحابها، وبعد ذلك، أصنع طلبيات الكلاج، وفي المساء، أصنع الحلويات، وفي الليل نسهر على تحضير السجائر، وبين هذه الأوقات أهتم بالأغنام وأتابع الدجاج.
تقول: نتعب كثيراً، ونواجه الفقر بأيدينا، ورغم سهرنا خلال الليل ووقوفنا معظم النهار، إلا أن الغلاء وكثرة المصاريف، تمنعنا من أن نحلم ببناء بيت، فنجبر على العيش في منزل قديم عمره أكبر من عمري، وعلينا أن نفتح عيوننا من الأفاعي، بعد أن قتلنا واحدة منها قبل أيام، وأمنيتنا في الحياة أن نبني بيتاً من عرق جبيننا. وقد طلبنا من الجهات المسؤولة إزالة الخرائب والبيوت المهدمة حولنا، غير أنهم ردوا علينا بأن نتحمل نحن ثمن إزالة الركام.
تختتم الخطيب: عملنا قبل هذه المهن في الزراعة، وكنا نجمع الزيتون والخضروات، لكن الأمر متعب، فأطفالي الصغار لا يستطيعون فعل شيء، ولم استطع أن أفعل الكثير وزوجي. وتختم: عندي خطط للمستقبل، أهمها عدم تكرار خطأ خروجي من المدرسة عبر توفير فرصة تعليم للأبناء، وبناء منزل يبعدنا عن الأفاعي والردم، وتوسيع عملنا باستئجار محل لافتتاح فرن خاص، وتسويق ما ننتجه في أماكن غير التي نصلها.
aabdkh@yahoo.com