
اسم الكتاب: فلسطين: بيت الفلاح معانٍ ثقافية وعادات وتقاليد اجتماعية
عدد الصفحات: 140 من القطع المتوسط
الناشر: مركز حسن مصطفى الثقافي
سنة الاصدار: 2013
تتخصص هذه الدراسة -من اعداد الباحثة في التراث والمجتمع ابنة قرية بتير السيدة ناديا البطمة- في البحث عن تفاصيل وعناصر بيت الفلاح الفلسطيني لما يحتويه من معانٍ ثقافية وعادات وتقاليد أثاث وفراش وأدوات، فتقدم السيدة بطمة ما لم يقدمه غيرها في هذا الكتاب عبر البحث المستفيض عن جذور الثقافة المادية منها والمعنوية التي تحدرت الينا من الاباء والأجداد لدرء الخطر الداهم والمحدق بهذه الثقافة والمتمثل بالترويج على انها توراتية، فيأتي هذا الكتاب المزدان بالصور لتوضيح أصالة تراث منزل الفلاح الفلسطيني من خلال محتوياته وأدواته من مستلزمات، لا يمكن لأحد ان ينتحلها او يزيفها لأنها تمثل جزءا لا يتجزأ من هويته الفلسطينية.
تعد هذه الدراسة متخصصة وعميقة وليست طولية ان جاز التعبير، فهي مطعمة بأمثال وأقوال شعبية تؤكد هذا التراث وتوثقه وفق منهاج فلوكلوري، فمنذ القدم شعر الفلاح الذي يمثل 70% من الشعب الفلسطيني بحاجته الى التوافق مع بيته والتفاعل معه من أجل البقاء فطوع خامات وطنه واستغلها بما يتناسب مع حاجاته وأغراضه الشخصية فحول المصادر الطبيعية الى اشياء ثقافية تصلح لاستعماله وتلبي حاجاته، فبنى بيته واعد مستلزماته وأدواته...، عناصر سميت بالثقافة المادية الشعبية وهي اجسام مادية مرئية صنعت وفق مهارات ووصفات تقليدية انتقلت عبر الاجيال.
المنزل مملكة المرأة
هذه الدراسة -التي اختارت المؤلفة لغلافها لوحة فنية شهيرة من الريف الفلسطيني للفنان نبيل العناني- تختص ببحث وتوثيق متعلق بالبيت الفلسطيني الذي تشكل المرأة الحجر الاساس فيه من خلال أدوارها المهمة والأساسية في مملكتها الصغيرة التي تكيفها وتعدها للعيش الانساني الكريم وتربية ابناء المستقبل، فكانت تبدع في اعداد الطعام وأدواته بفن وذوق من خلال خبرة تطبيقية موادها ونواتجها من البيئة المحلية.
وقد تحدثت الكاتبة التي لقبت نفسها على صفحة الغلاف بـ "بنت البلد" في اصدارها الثاني عن محتويات بيت الفلاح الفلسطيني من اثاث وفراش وأدوات منزلية تلبي حاجات الاسرة التي يعمل افرادها في ميدان الزراعة ويحملون ثقافة الفلاحة بغضّ النظر عن شكل البيت او مواد بنائه او نوع عقده، او كان البيت برواق او بفناء او احد البيوت المتراكمة اي المجتمعة او بيوت العائلات ذات الجاه او الثراء فالبحث غير معنيِ بالعمارة، والمجتمع بحاجة الأدوات والأثاث والفراش نفسه، وان تفاوتت من الناحية الاقتصادية في فخامتها وبساطتها وأعدادها وأحجامها وأحيانا نوعيتها، إلا ان طبقة الفلاحين الكادحة متساوية الظروف في نمط المعيشة، كما ان نساء فلسطين كانت غالبا تصنع ادواتها بيديها الماهرتين.
وهناك تبادل للمنافع والمنتجات ما بين النساء في البيئات الفلسطينية المختلفة، فالمرأة البدوية على سبيل المثال تصنع البسط، والفلاحة تشتريها وتستعملها، والمرأة في المدينة تنتظر ما يرِدها من خيرات الريف والبادية لتعمل على تحويلها الى منتجات غذائية ومنزلية.
كما تظهر هذه الدراسة الاستعمالات والمناسبات والمعاني الثقافية والاجتماعية من خلال الصور المرفقة، فقد قامت معدّة الدراسة السيدة بطمة بإضافة ما لديها من معلومات من خلال العمل الميداني في قرية بتير ومحيطها من قرى الريف الغربي في بيت لحم وهي حوسان ونحالين ووادي فوكين والخضر وارطاس وكلها قرى قديمة.
اما البعد الزماني لهذا الكتاب، فهو خلال القرن العشرين كله، منذ اواخر العهد التركي مرورا بزمن الانتداب، وما بعد النكبة والنكسة والاحتلال حتى نهاية القرن.
وقد ناقش الكتاب المضامين التالية: البيت في الفلسفة الشعبية الفلسطينية، المرأة فارسة الأمن الغذائي، اثاث وفراش بيت الفلاح، ادوات لحفظ الملابس والحاجيات، ادوات خاصة بالنظافة والاستحمام، ادوات وأوني المطبخ الفلسطيني، المواقد والأفران البلدية، ادوات القماش والخيش.
المنزل والطبيعة من حوله
نقتبس من الكتاب العناصر الريفية التالية التي تعكس العلاقة الوثيقة بين أدوات الفلاح والتناغم مع البيئة:
على سطح المنزل أو ظهر الحيط، تتجمع النساء للسمر واللهو واللقاء مع الجارات والزائرات، وعلى الحيط ايضا يتم تجفيف التين والعنب والبندورة ويستعمل ايضا للنوم صيفاً، اما الحاكورة او المساحة في محيط المنزل فكانت متعددة الاستعمالات، وبحكم قربها من المنزل تزرع فيها اشجار منوعة تقضي الحاجة من شجر الزيتون، الدالية، والتينة، والاسكدنية والرمانة وتزرع ايضا الخضر الضرورية مثل النعنع والبقدونس.
وجاء أيضاً: من الادوات التي تصنعها النساء في الريف الأدوات الطينية والأواني الفخارية والأدوات الجلدية وتعد من الاقمشة خرائط لتصفية اللبن والجبن والدبس وتصنع وتحيك اكياس من قماش الخيش، كما تتفنن المرأة في صناعة ونسيج القش المطرز والمزخرف بألوانه الجميلة، وتميزت الادوات والأواني المنزلية المصنعة من المواد الطبيعية بأنها صحية وغير مسرطنة وصديقة للبيئة، بعكس مادة البلاستيك التي تصنع منها ادوات منزلية عدة، إلا انها تعتبر غير صحية وقد تكون مسببة للسرطانات وعدوة للبيئة.
ومن تلك العناصر أيضاً ادوات القماش والخيش: فمن الادوات المنزلية التي تصنعها النساء وتستعملها بكثرة هي اكياس من القماش القطني القابل للغلي والتنظيف الجيد ويسمى قماش المالطي، او الخام او المنصوري، وتحيك المرأة لهذه الاكياس "دكة" تدخل فيها علاقة من القماش تزمها وترفعها بما فيها من مواد للتصفية، مثل تصفية الدبس عند تحضيره وتصفية اللبن والجبن من الماء ليتحول الى لبنة وجبنة، كما تخزن فيها النواشف من الخضر او الحبوب مثل الملوخية الناشفة والنعنع والميرامية الناشفة.
تعتبر اكياس الخيش المحاكة من خيطان القنب صحية وعملية لحفظ الحبوب والمواد الزراعية ويستعملها التجار ايضا في محلاتهم، كما تستعملها الفلاحات في رزم منتجات الخضر عند تسويقها، حيث يمكن ترطيبها بالماء دون ان تتعفن، ويساعد على ذلك نسيجها الذي يتخلله الهواء، وكان البرتقال في فلسطين يباع بالكيس لوفرته في البلاد، ولم يكن يتعدى الـ 5 قروش.