النفايات تصبح غازاً وسماداً.. نظام رائد لــ "التيسير" في منازل ومنشآت فلسطينية
خاص بآفاق البيئة والتنمية
حط الحلم بجناحيه على أرض الواقع، وكان اسمه "شركة التيسير للغاز الحيوي"، وهي علامة تجارية مسجلة تابعة لشركة التيسير الدولية للإعمار، وتختص بتوريد وتركيب أنظمة إنتاج الغاز الحيوي والسماد العضوي من النفايات أو المياه العادمة. افتتحت الشركة فرع الكهرباء الصناعية، وكان توجه علي وعبد الله ينصّب على المشاريع الخضراء والصديقة للبيئة، نظراً لخلفيتهم الجيدة في المشاريع الصديقة للبيئة، وخبرتهم في الطاقة البديلة. في بداية عام 2020 لمس الأخوان تقدمًا ملموسًا في مجال الطاقة الشمسية، فأخذا يفكران في الاستثمار في طاقة بديلة صديقة للبيئة، وفي الوقت نفسه تحل مشكلة النفايات. تجارب عديدة على مدار عام كامل نفذّها المهندسان قبل أن يرى نظامهما النور، والذي تمخض عنه نتائج مهمة ومشجعة. أجريا الفحوصات اللازمة على النظام الجديد، الذي يعمل بقليل من النفايات سواء منزلية أم في المزارع والمطاعم لتتحول في نهاية المطاف إلى غاز للطهي، وسماد عضوي سائل.
|
 |
الأخوان المهندسان عودة أثناء عملهما |
"هل ستستخرجون الغاز من القمامة"؟، سؤال بنبرة ساخرة خرج من مواطن بسيط أشعل التحدي، فقرر الأخوان المهندسان علي وعبد الله عودة من كل بدٍ خوضه.. لم تكن تلك مزحة، لقد أصبح حلم إنتاج الغاز من النفايات العضوية اليوم حقيقة عبر مشروع رائد سيصبح تركيب أنظمته جمالاً مضافًا في كل منزل.
"الأخوة والهدف" قاسمان مشتركان بين صاحبي الحكاية، علي عودة هو مهندس مدني حاصل على درجة الماجستير في هندسة البيئة، وحاصل على برنامج إدارة الأعمال في معهد للطاقة، أما شقيقه عبد الله، مهندس كهرباء ولديه خبرة 15 سنة في مجال الكهرباء والطاقة.
إيقاف تشويه الطبيعة
حطَّ الحلم بجناحيه على أرض الواقع وكان اسمه "شركة "التيسير للغاز الحيوي" في مدينة طولكرم، وهي علامة تجارية مسجلة تابعة لشركة التيسير الدولية للإعمار، وتختص بتوريد وتركيب أنظمة إنتاج الغاز الحيوي والسماد العضوي من النفايات أو المياه العادمة.
تأسست الشركة بجهود الأخوين عام 2018، سعياً إلى عودة الطاقة البديلة والطاقة الشمسية بشكل أساسي.
افتتحت الشركة فرع الكهرباء الصناعية، وكان توجه علي وعبد الله ينصبّ على المشاريع الخضراء والصديقة للبيئة، نظراً لخلفيتهم الجيدة في المشاريع الصديقة للبيئة، وخبرتهم في الطاقة البديلة.
في بداية عام 2020 لمس الأخوان تقدمًا ملموسًا في مجال الطاقة الشمسية، فأخذا يفكران في الاستثمار في طاقة بديلة صديقة للبيئة، وفي الوقت نفسه تحل مشكلة النفايات.
يقول م. علي عودة:" ذات مرة كنت أسير في الطريق من طولكرم إلى رام الله، واستفزني بشدة منظر النفايات التي تشوه ملامح الطبيعة وجمالها، شغلتني هذه المشكلة، ومكثت أفكر في طريقة للحفاظ عليها بمشاركة المهتمين بالبيئة والطبيعة والمدركين لخطورة تفاقمها، فمن المؤسف أن نكون على أعتاب عام 2022 وما زال كثير من الناس يلقون النفايات على الأرصفة".

الأخوان المهندسان عودة يؤسسان لنظام إنتاج الغاز الحيوي والسماد العضوي في مزرعة بيئية
حل من قلب المشكلة
نفايات رام الله، على سبيل المثال، تُرحل إلى مكب زهرة الفنجان، والتخلص منها يُكلف مبالغ طائلة، فيما هي أصلاً مواد قابلة للتدوير يمكن إعادة استخدامها، تبعاً لحديث عودة.
وجد الأخوان أن نحو 80 % من هذه النفايات عضوية، وبالتالي يمكن إعادة استخدامها مصدراً للطاقة وسماداً عضوياً، ومن هنا باشرا بإجراء تجارب يدوية، باستخدام أدوات بدائية، وذلك لإنتاج الغاز بالدرجة الأولى من النفايات العضوية، وبوجه خاص نفايات الخضار والفواكه واللحوم، إلا أن الأمر لم يكن بتلك السهولة، فنجاح المشروع يقاس بمدى ملائمته للظروف المادية والبيئية، إلا أن النظام الذي عمل عليه المهندسان كان سعره مرتفع قليلًا.
وبعد البحث والتقصي تمكن علي وعبد الله من العثور على شركة كندية تعمل في المجال ذاته، ووقعّا اتفاقاً معها للحصول على منتج منها، ثم قاما بتطويره تحت إشرافها، ليصبح مناسباً للوضع الفلسطيني.
تجارب عديدة على مدار عام كامل نفذَّها المهندسان قبل أن يرى نظامهما النور، والذي تمخضَّ عنه نتائج مهمة ومشجعة، فقد أجريا الفحوصات اللازمة على النظام الجديد، الذي يعمل بقليل من النفايات سواء منزلية أم من المزارع والمطاعم لينتهي بها الحال إلى إنتاج غاز للطهي وسماد عضوي سائل، يباع اللتر من الأخير بقيمة تتراوح بين 12و15 شيقلاً.
ويشير إلى الفوائد الصحية لاستخدام سماد عضوي بعيداً عن مضار المواد الكيماوية المسرطنة التي تؤدي إلى الإصابة بالعديد من الأمراض.
يتحدث علي عن ثمار المشروع بقوله: "يتسنَّى لنا اصطياد ثلاثة عصافير بحجر واحد، بمعنى أننا نتخلص من 80% من النفايات، وننتج غازاً للطهي شعلته ممتازة وإنتاجيته عالية، ونوفر سماداً عضوياً سائلاً، هذا النظام في المجمل سعره في متناول اليد، إذ تبدأ الأسعار من 1200 دولار وتصل إلى 2000 دولار.
ويخبرنا المهندس الشاب أن شركة التيسير تقوم بتوريد وتركيب ثلاثة أنظمة من أنظمة إنتاج غاز الطهي والسماد من النفايات العضوية.
النظام الأول ينتج 700 لتر يوميًا من الغاز الحيوي، أي ما يعادل ساعتين من الاحتراق يومياً، كذلك ينتج أكثر من 8 لترات من السماد العضوي السائل المركز.
فيما ينتج النظام الثاني 1400 لتر يومياً من الغاز الحيوي، أي ما يعادل أربع ساعات من الطهي، وينتج يومياً أكثر من 16 لتراً من السماد العضوي السائل المُركز.
والنظام الثالث ينتج 2600 لتر يومياً من الغاز الحيوي، أي ما يعادل ست ساعات من الطهي، كما ينتج يومياً أكثر من 28 لتراً من السماد العضوي السائل المرّكز.
ويفيد بأن عُمر النظام يصل إلى نحو 15 سنة، ولا بد من تغيير الفلتر سنوياً.

المهندسان عودة ينتجان الغاز الحيوي من النفايات العضوية
مستوى الوعي ضعيف
كل من يمتلك منزل أو مزرعة أو مطعم، أي كل من لديه نفايات يمكنه تركيب النظام الذي يتوقف إنتاجه من الغاز والسماد اليومي على حجم النفايات التي تصدرها المنشأة أو المنزل.
الشركة ركّبت الكثير من الأنظمة في مختلف المدن، ولديها زبائن في كافة محافظات الضفة الغربية، ومعظمهم على درجة من العلم والوعي، منهم أطباء وأساتذة جامعات، ويتمتعون بإمكانيات مالية جيدة، ويدركون أهمية نظام كهذا لحياتهم وبيئتهم بحكم زيارتهم لبلدان الغرب.
"ماذا عن إقبال عامة الناس؟".. سألنا م.علي، فقال: "لا نزال نواجه صعوبة في إيصال الفكرة لهم، يصعب إقناعهم بإمكانية إنتاج الطاقة من القمامة بسبب الجهل العام بهذه التقنيات، لذا نحتاج إلى جهود أكبر للتوعية في الجانب البيئي، حتى تحظى الفكرة بقبول وانتشار أكبر".
ويحاول تقريب الصورة فيشرح قائلاً: "عملت من قبل في هولندا وألمانيا وبريطانيا، ولولا أني راكمت العلم والخبرة في دول متقدمة تراعي تركيب أنظمة مشابهة، لما تطورت، والوضع نفسه ينطبق على أي مواطن ليس لديه الخلفية العلمية الكافية، فضلاً عن التوعية البيئية الغائبة على مستوى المدارس والجامعات ووسائل الإعلام".

نظام إنتاج الغاز الحيوي والسماد الطبيعي من النفايات العضوية والذي طوره الأخوان المهندسان عودة
مستعدون للتعاون
ويبدي أصحاب الشركة استعداهم للتعاون مع أي جهة رسمية تلمس أهمية المشروع.
ويؤكد المهندسان عدم حاجة شركتهما للدعم المالي، فهما لا يتعاملان من منطلق ربحي بحت، كون أن لديهما مصادر أخرى للترّبح، وإنما ينصّب هدف هذا الاستثمار على خلق ثقافة إيجابية، ورفع مستوى الوعي للمواطنين.
وفي نهاية الحديث، يعربان عن أملهما في حصد المزيد من القبول للنظام في فلسطين، والوصول إلى تطبيقه عالمياً، بما يساهم في ترك بصمة فلسطينية في عالم البيئة والحفاظ على جمالها.
 |
 |
الأخوان المهندسان عودة يعملان على إنتاج السماد الطبيعي من المخلفات العضوية |
تمديدت الغاز الطبيعي المنتج من النفايات العضوية والمياه العادمة في أحد المنازل الفلسطينية |