خاص بآفاق البيئة والتنمية

النحالة يارا أبو سليم أثناء عملها في منحلتها بقرية السيلة الحارثية قضاء جنين
غريبة هذه الحياة. تكون منهمكًا في البحث عن أمرٍ ما، فتقودك التساؤلات إلى شيءٍ بعيد لم تتخيل يومًا أن يُصبح عالمك الجميل وأعظم إنجازاتك.
تماماً؛ هذا ما حدث معي يا أصدقاء، عندما كنت أبحث عن مادة طبيعية لا تؤثر سلبًا على البيئة، لعلاج مرض "التدرن التاجي" الذي يصيب أشجار اللوز، ضمن مشروع التخرج في عامي الجامعي الأخير.
وفي رحلة البحث والاستكشاف لجأتُ إلى جمعية "مربو النحل" التي أخبرتني عن مادة العُكبر التي ينتجها النحل ودورها في علاج البكتيريا المسببة للمرض، ومن هنا تعلمت طريقة تحفيز النحل لإنتاجها.
انتهيت من بحث التخرج، لكنّ لذّة الشعور التي غمرتني خلال التعامل مع عالم النحل لم تنتهِ؛ لا يزال الفضول يتقد بداخلي للغوص أكثر في خباياه، ومن هنا قررتُ الانطلاق ببداية جديدة مليئة بالشغف والكثير من معاني الجمال.
أعمل حاليًا في مشروعٍ خاص مُمول من "الإغاثة الزراعية" تقوم فكرته على تربية النحل، بدأته بخمس خلايا، ثم رويدًا رويدًا أصبحت أُدير حقلًا يضمّ 27 خلية، أُسخرّها لتحضير منتجات طبيّة طبيعية من (العسل، وحبوب اللقاح، والعُكبر) لعلاج عدة أمراض منها السكري ونزلات البرد ومشاكل البشرة.

النحالة يارا أبو سليم تمارس تربية النحل الطبيعية
تلقيت العديد من اللسعات في بداية عملي بهذا المجال المتعب، والذي يحتاج صبرًا وقوّة تحمّل، أوجعتني لا أُنكر ذلك، لكن صممت أن تتعود عليّ النحلات اللطيفات؛ تخيلوا أن النحل مع الوقت يتعرف على رائحة مربيه، ويتبّعه أينما اتجه؟ هذا ما يحدث معي. كم هو رقيق وممتع هذا الشعور!
أيضًا هل تعلمون أن لكل خلية صفاتٍ وطباع تختلف عن غيرها تمامًا كقلوب البشر، كأنها بيوت وللبيوت أسرار، لكنّ الجمال هنا مختلف، يقودك إلى ما هو أعمق لتتعرف أكثر وتتعلم.
أخيرًا فإن دراسة الهندسة الزراعية كان لها دورًا هامًا في إنجاح المشروع ورواجه، وإلى جانب المعلومات التي استقيتها من المتخصصين والمواقع الإلكترونية، ساعدني تخصصي على تعزيزها والثبات في وجه الصعوبات.

النحالة يارا أبو سليم
يارا أبو سليم (24 عامًا)
مهندسة زراعية في قرية السيلة الحارثية/ جنين