مزرعة الكركم "الحاجة أمُّ الاختراع"
خاص بآفاق البيئة والتنمية

حقل الكركم للمزارعة المبتكرة فاطمة ترابي
اختبرتُ بنفسي صدق العبارة القائلة "الحاجة أمُّ الاختراع"، فلولا حاجتي إلى الكركم علاجًا، لما وصلت إلى ما هو أمام ناظري الآن.. "مزرعة الكركم الأخضر" الأولى من نوعها في فلسطين.
ذات مرة جرَّبت مضطرة وصفة علاجية وهي عبارة عن شرب الكركم مع الحليب لأتغلب على مشكلة في عظِام القدم، كان المطحون بجودةٍ سيئة جدًا، ما جعلني أطوف في أسواق الضفة الغربية بحثاً عن الأخضر منه، فلم أجد، ثم بحثت عنه في الأردن، وإذ به أيضاً غير متوفر.
ما العمل؟ سأزرعه بنفسي؛ قلت ذلك ولم أكن على دراية أنه لن يتحقق بسهولة زراعة "قوار" النعناع أو الزعتر البري، حسنًا سأحاول! ربما أنجح.
بعد رحلة بحثٍ طويلة وشاقّة وتعلّم مكثّف، كانت بدايته في عام 2019 واستمر حتى آذار/ مارس 2021، تمكنت أخيرًا من زراعة الكركم الأخضر على مساحة نصف دونم تقريبًا، عندما وفرّت لي إحدى المؤسسات المعنية بدعم المشاريع الإبداعية، بذور الكركم وأسقتني بالكثير من المعلومات والتدريب.
من اللحظة الأولى التي خضتُ فيها غمار التجربة، أسرني شعور الفَرحة ونَشوة الإنجاز التي سأكون فيها عند حصاد الزرع، ورواج المنتج المقرر في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، هذا قادني إلى التأني في التعامل مع تهيئة التربة قبل زرع البذور، والإخلاص في الريّ وعدم التذمر من ساعات العمل الطويلة، إضافة إلى حرصي على أن يكون المنتج ضمن منتجات الزراعة الآمنة، فلم أستخدم أيًا من المبيدات الحشرية أو الكيميائية.
الغريب أننا نجهل فوائد الكركم الصحية، حتى العطارين منا، ولمّا بحثت وجدت أنه صيدلية بحد ذاتها، قادرة على بناء جهاز مناعي قوي، وهذا كان سببًا قويًا لتجاوز الصعوبات التي واجهتني وأبرزها شح المياه وارتفاع ثمنها بسبب سيطرة "إسرائيل" على الآبار الارتوازية.
والمشجع في قصتي أن بوادر نجاح هذه التجربة ستفتح لي آفاقاً واسعة لخوض غيرها بما يدعم المنتج الوطني، انطلاقًا من مثل شعبي يقول (لو ما كانت لقمتنا من أساسنا، ما بيكون شورنا من راسنا)، فحياتنا تحت الاحتلال ليست مبررًا للاتكال على غيرنا، أو أن نعيش بلا هدف في الحياة.

فاطمة ترابي مزارعة الكركم في قرية صرة قضاء نابلس
فاطمة ترابي (47 عامًا)
بلدة صرة/ قضاء نابلس