خاص بآفاق البيئة والتنمية

غلة زيتون أبو محمد حجي في غزة
"معلّم زيت وزيتون".. لقبٌ لطالما سمعته ممن حولي من الناس يرّق له قلبي كثيرًا، ألمس فيه تعب السنوات التي مضت من عمري، وفي كل مرة يزداد امتناني لوالدي الذي ورَّثني علاقة عميقة وعجيبة مع هذه الشجرة المعمّرة.
لقد عملت منذ سنوات طفولتي في الزراعة، وعشت حياةً ريفيةً بكامل تفاصيلها مع عائلتي، إلى أن أُصبحت واحدًا ممن لا يُبدلون الأرض وزراعتها بكل كنوز الدنيا.
سمعت جدي يقول ذات مرة وسط فرحةٍ غَمرته من وفرة الإنتاج، أن "شجرة الزيتون كلّما أعطيتها اهتماماً وعناية منحتك ثماراً بجودةٍ عالية"، ومنذ أن أصبحت مسؤولًا عن عشرات الدونمات الواقعة في جحر الديك وسط قطاع غزة، وأنا ملتزم بنصيحته، ولا أنفّك عن تسخير وقتي وجهدي من أجل سيد المواسم.
تعلمت أن سرّ الجودة في زيت الزيتون ومذاقه الجيد، ينطلق من مثلٍ شعبي نردده دائمًا "من الشجر للحجر" في إشارة إلى ضرورة عصر الزيتون من اللحظة الأولى لقطفه؛ وكلٌ منّا يفضّل نوعاً بعينه؛ أشهرها "السُري،
والشملاني والسوري والـ
". K18"
هل سمعتم من قبل، عن حالة "تبادل الحِمل" التي تمر به شجرة الزيتون؟
حسنًا لمن لا يعرف، الزيتون يكون غزيرًا في عامٍ يُسمى بـ "الماسي"، وشحيحًا في العام الذي يليه ويُسمي بـ "الشلتونيّ"، لكنّ للسنة الثانية تواليًا يُصاب موسمنا بالضعف بسبب تقلبات المناخ والأحوال الجوية.
ومما لا يختلف عليه اثنان، أن العمل في الزيتون من أصعب الأعمال وأكثرها إرهاقًا، فأنت تعمل بـ "الجد والفرز" من ساعات الفجر ولا تعرف متى تنتهي، لذا لن تجد هذا التعب ممتعًا إلا لأمثالي من المزارعين الذين رافقوا الشجرة من لحظة نموها الأولى وحتى قطافها.
حبي لها أنقله لمن حولي، وأسعى إلى تثبيت قيمة الشجرة ورمزيتها في نفوس أبنائي، وليس بالضرورة أن نجني أرباحاً، الأهم هو أن نعطي "زيتونة بلادنا" كما يعطي الأب أولاده حينها سنعيش بـ "فردوسٍ أبدي".

أبو محمد حجي أثناء قطف الزيتون
أبو محمد حجي (54 عامًا)
مزارع من حي الزيتون/ شرق غزة