خاص بآفاق البيئة والتنمية
في أعقاب جائحة كورونا (كوفيد 19) تنادت الجهات المعنية إلى أهمية تظافر الجهود من أجل القدرة على الاستمرار في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسدية وحماية حق الإنسان في الحياة.
ومما لا شك فيه أن الهيئات المحلية أو البلديات تمارس دوراً حيوياً وضرورياً بما تقدمه من خدمات متنوعة، ومنها خدمات النظافة وفتح الشوارع ومراقبة الأبنية وترميمها وتنظيم الأسواق العامة والحِرف والصناعات وضمان وتوفير المياه الصالحة للشرب وفق الشروط البيئية، ومكافحة التلوث، وإنشاء شبكات الصرف الصحي، والمراحيض العامة وإدارتها ومراقبتها، فضلاً عن جمع النفايات ونقلها إلى مكبات خاصة، وكذلك مكافحة البعوض والحشرات والفئران والزواحف الضارة.
ولا بد من الوقوف على واقع الهيئات المحلية والعوامل التي تضعف من أدائها وقدرتها على تنفيذ مهامها كما يجب، والنظر في مدى انعكاس الأزمة المالية على المشاريع والأنشطة الحيوية، وطبيعة الدور الذي تقوم به البلديات من أجل حماية المواطنين في أوقات انتشار الأوبئة والأمراض المُعدية.
فقد بات حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها أكبر في خضم الظروف التي فرضتها جائحة كورونا (كوفيد- 19)، مما تطلَّب منها اتخاذ إجراءات احترازية كبدّتها أعباء مالية ترتبط بالأنشطة المنفذة من أجل مواجهة الجائحة.
حاولت البلديات الفلسطينية استجماع شجاعتها حتى تكافح جائحة كورونا، بالرغم من انخفاض إيراداتها إلى حد كبير بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية.
وتشكل الشراكة بين البنك الدولي والمانحين أنموذجاً للتعاون في التخفيف من حدة الانخفاض في إنفاق البلديات، وما نتج من تأثيرٍ سلبي على تقديم الخدمات جراء الجائحة، لاسيما في المنشآت الصحية.
ومن ثمَّ، فإن هذه المنحة ستساعد المواطنين الفلسطينيين، لا سيما الفئات الأكثر احتياجاً على البقاء في صحة وأمان.
جدير بالذكر أن الهيئات المحلية تقود الجهود المبذولة لمكافحة جائحة كورونا بسبب قربها من المجتمعات المحلية المتضررة.
وأبدت الهيئات المحلية مسؤولية عالية في إدارة الخدمات والمرافق العامة المحلية الضرورية خلال أزمة كورونا، بما في ذلك خدمات الصرف الصحي والصحة العامة (النظافة الصحية)؛ وتنظيف الطرق والمنشآت العامة وجمع النفايات الصلبة ونقلها والتخلص منها، وفرض التباعد الاجتماعي وتتبع المخالطين، وتدبر أمرها في توفير ظروف ملائمة في مراكز الحجر الصحي للمصابين.
ويُذكر أن المنح المقدمة من الدول المانحة ستساند تنفيذ أنشطة الاستجابة العاجلة لأزمة كورونا في البلديات بالتوسع في تقديم الدعم من خلال المشروع الثالث لتطوير البلديات، الجاري تنفيذه.
ويشمل هذا الدعم توفير المنافع العامة في حالات الطوارئ، وتمويل التكاليف المتكررة للبلديات لضمان استمرارية الخدمات الضرورية. وسيزيد التمويل الإضافي من الموارد التمويلية اللازمة لتنفيذ الأشغال العامة كثيفة العمالة التي ستمكن البلديات من مواصلة تقديم الخدمات وتوفير فرص العمل مع التركيز على المساواة بين الجنسين.
وثمة نشاط رئيسي آخر سيتم القيام به في إطار المنح الجديدة وهو تقديم المساعدة الفنية للبلديات لتعزيز التأهب للاستجابة للكوارث والصدمات الطبيعية والتي من صنع الإنسان وتدعيم قدرتها على الصمود على الصعيد المحلي.
وفي حديثه لمجلة "آفاق البيئة والتنمية" ناشد رئيس بلدية غزة يحيى السراج المؤسسات الدولية ومنظمات المجتمع المدني لمساندة البلديات، وتكثيف الجهود لضمان استمرارية عمل البلديات.
وحذر من احتمالية انهيار أنشطة البلديات في غزة بسبب شح الموارد وقلة الإمكانيات اللازمة لعمل البلديات.
وأشار السراج إلى أن معدّات البلديات متهالكة وهناك نقص في الوقود اللازم لتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين في غزة، بسبب الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ 13 عامًا، وجاء التصعيد الأخير ليزيد من مأساوية الوضع.
وتفرض "إسرائيل" حصارًا على سكان غزة، البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، منذ فوز حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية، في يناير/كانون الثاني 2006.
وتسبّب الحصار بزيادة كبيرة في معدلات الفقر والبطالة علاوة على إضعاف القطاع الصحي بشكل كبير، الذي يعاني بشكل متواصل نقص الأدوية والمستلزمات الطبية.
المياه والصرف الصحي والنظافة
تأثرت المستويات المطلوبة من المياه والصرف الصحي بسبب تفشي فيروس كورونا، وبسبب نقص في مواد التنظيف والتعقيم في قطاع غزة، مما يؤثر على قدرة البلديات على مواصلة تنظيف البيئة المحيطة وحملات التعقيم في التجمعات المعنية.
ونحو نصف مقدمي خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية لا يملكون القدرة على رفع مستوى الوعي العام بالممارسات الصحيحة في مجال النظافة الصحية في سياق مواجهة فيروس كورونا.
ويحد ارتفاع معدلات البطالة في قطاع غزة والضفة الغربية، من قدرة العديد من الأسر الضعيفة على الحصول على مواد وأدوات النظافة الصحية والتنظيف.
وقد حسَّن الأفراد والمؤسسات المستهدفة من مستويات النظافة الصحية، فعمدوا إلى استخدام مواد التنظيف والتعقيم، إلى جانب مواد الوقاية التي وزعت على العاملين في المجال الصحي.
ويسهم الدعم الحالي لمراكز الحجر في تحسين قدرتها على ضمان العادات المأمونة والكريمة والصحية لدى الأشخاص الموجودين فيها.
ومن أبرز التحديات التي حددتها مجموعة المياه والصرف الصحي والنظافة، عدم وضوح توزيع المسؤوليات التي تضطلع بها مؤسسات السلطة الفلسطينية في التجمعات السكانية الواقعة في المنطقة (ج)، مما يسبب الإرباك للمنظمات الشريكة، فيما يرتبط بالجهات التي تنسق معها لتنفيذ أنشطة الاستجابة لمواجهة فيروس كورونا في مجال خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية.