نظم مركز العمل التنموي/ معا بالتعاون مع مؤسسة هينرش وشبكة المنظمات الأهلية البيئية الفلسطينية ندوة حوارية ناقشت "واقع تحويل الضفة الغربية إلى مكب كبير للنفايات الإسرائيلية الخطرة في الضفة الغربية المحتلة". حيث تم تناولت الندوة الانتهاكات التي تدخل في خانة الجرائم البيئية من عدة جوانب، منها تسليط الضوء على طبيعة المنشآت الإسرائيلية في الضفة الغربية لمعالجة النفايات الصلبة وتدويرها وعلاقتها بسائر البنى التحتية للاحتلال في الضفة، وأيضاً تم التطرق للأسباب الاقتصادية –السياسية لتخلص إسرائيل من نفاياتها، والأبعاد القانونية الإسرائيلية والدولية لحركة النفايات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وتم الحديث عن مستويات التحرك الفلسطيني (الحقوقية والسياسية) لمواجهة استباحة الاحتلال لأراضي الضفة وتحويلها إلى مكب للنفايات. شارك في الندوة التي عقدت في مقر مؤسسة هينرش بل في رام الله، ممثلون عن منظمات أهلية بيئية وحقوقية، ووزارات ومؤسسات رسمية فلسطينية. وتميزت الندوة بإطلاق فيلم وثائقي قصير عن النفايات الإسرائيلية الخطرة في الضفة الغربية من إنتاج مؤسسة هينرش بل ومركز معا، وتناول أهم المكبّات الإسرائيلية المقامة في الأراضي الفلسطينية، وأثر وجودها على حياة الفلسطينيين والبيئة عموماً.
خاص بآفاق البيئة والتنمية
ندوة تحويل أراضي الضفة الغربية إلى مكب للنفايات الإسرائيلية
نظمت مؤسسة هينرش بل بالتعاون مع مركز العمل التنموي/ معا، وشبكة المنظمات الأهلية البيئية الفلسطينية ندوة حوارية ناقشت "واقع تحويل الضفة الغربية إلى مكب كبير للنفايات الإسرائيلية الخطرة في الضفة الغربية المحتلة". حيث تم تناول هذه الانتهاكات التي تدخل في خانة الجرائم البيئية من عدة جوانب، منها تسليط الضوء على طبيعة المنشآت الإسرائيلية في الضفة الغربية لمعالجة النفايات الصلبة وتدويرها وعلاقتها بسائر البنى التحتية للاحتلال في الضفة، وأيضاً تم التطرق للأسباب الاقتصادية –السياسية لتخلص إسرائيل من نفاياتها، والأبعاد القانونية الإسرائيلية والدولية لحركة النفايات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وتم الحديث عن مستويات التحرك الفلسطيني (الحقوقية والسياسية) لمواجهة استباحة الاحتلال لأراضي الضفة وتحويلها إلى مكب للنفايات.
شارك في الندوة التي عقدت في مقر مؤسسة هنرش بل في رام الله، ممثلون عن منظمات أهلية بيئية وحقوقية، ووزارات ومؤسسات رسمية فلسطينية.
وقد تميزت الندوة بإطلاق فيلم وثائقي قصير عن النفايات الإسرائيلية الخطرة في الضفة الغربية من إنتاج مؤسسة هينرش بل ومركز معا، وتناول أهم المكبّات الإسرائيلية المقامة في الأراضي الفلسطينية، وأثر وجودها على حياة المجتمعات المحلية والبيئة عموماً.
تحدث في الندوة كل من مدير وحدة الدراسات البيئية في مركز العمل التنموي/ معا، جورج كرزم، والمستشار القانوني في سلطة جودة البيئة "مراد المدني" وممثل "نقطة الاتصال الوطنية" لاتفاقية بازل الدولية "ياسر أبو شنب" وعن المؤسسات البيئية الأهلية الفلسطينية تحدثت المنسقة "عبير البطمة"، بينما أدار الندوة مدير برنامج العدالة البيئية في مؤسسة هنريش بل "نضال عطالله".
شرعنة الاحتلال
أشار جورج كرزم في بداية الندوة عن موازنة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة المتدفقة باتجاه الضفة الغربية لتثبيت وتطوير وتوسعة البنى التحتية للاحتلال لاستيعاب أعداد أكبر من المستوطنين. منوهاً إلى أن العديد من المشاريع الإسرائيلية تتم وتنفّذ تحت غطاء بيئي.
ولفت كرزم إلى مشاريع البنى التحتية سواء (النفايات، المياه، المياه العادمة، الشوارع، الجسور والأنفاق) التي تهدف إلى تثبيت وتعميق السيطرة على أراضي الضفة الغربية لضمها، وهذا ينسجم مع سياسة الحكومة الأمريكية خلال العامين الماضيين بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ومؤخرا الجولان، ولفت إلى أن الضم من أحد توجهات حكومة نتنياهو الجديدة وسيستهدف مناطق (ج) التي تشكل 61% من مساحة الضفة الغربية، بعدد مستوطنين يتراوح ما بين 650 إلى 700 ألف مستوطن.
براميل نفايات سائلة سامة إسرائيلية على أراضي الضفة الغربية
مكب رخيص
يضيف كرزم مشيراً إلى تخصيص إسرائيل في أواخر عام 2018 مبلغ 400 مليون دولار لتنفيذ عدة مشاريع كبيرة كإقامة منشآت لمعالجة نفايات إسرائيل أو المستوطنات ومعالجتها ودفنها في الضفة الغربية، وقد كانت حصة الأسد في الموازنة، وفق كرزم، لإقامة منشأة لتدوير النفايات الإسرائيلية في القدس الشرقية بميزانية بلغت 216 مليون دولار.
كما لفت كرزم إلى أن إسرائيل تنتج سنويا أكثر من 320 ألف طن من النفايات الخطرة، تشمل مذيبات وأحماض كيميائية مصدرها المصانع وبعض المنشآت من ورشات الدهان والكراجات والمطابع. وتبلغ كمية النفايات المعدنية الخطرة من أصل 320 ألف طن سنويا حوالي 45 ألف طن، مع العلم أن 100 ألف طن سنوياً من النفايات الكيميائية الخطرة ترحل سنوياً لتدفن في مكب رمات حوفيف بصحراء النقب، فيما الثلثان الباقيان لا يصلان للمكب، ويتم التخلص منهما في الضفة الغربية بشكل خاص، وبعض مناطق الجولان المحتل.
وذكر وجود تكاثر واضح لعمليات دفن النفايات الإسرائيلية الصلبة الخطرة سواء دفناً أو معالجة في الأراضي الفلسطينية، وذلك هرباً من التكلفة العالية للأنظمة البيئية الصارمة في إسرائيل نفسها والقيود الدولية التي لها علاقة بتصدير النفايات، حيث أن القوانين الإسرائيلية المتشددة لا تسري على الضفة الغربية ولا المناطق الصناعية المنتشرة فيها، ومن ضمنها قانون الهواء النقي، والذي يفرض على المنتجين تقديم تقارير حول الملوثات التي تنبعث للبيئة المحيطة في مناطق عملهم.
ونوه إلى أنه على النقيض من ذلك، فالمنشآت الإسرائيلية بشكل عام في المستعمرات وتلك المتخصصة بمعالجة النفايات؛ تتمتع بمحفزات ودعم حكومي وخصومات ضريبية تجعل إنشاءها بالضفة أمراً مجدٍ اقتصاديا.
جانب من الندوة الحوارية حول تحويل الضفة الغربية إلى مكب للنفايات الخطرة الإسرائيلية
دور سلطة البيئة
وحول مستويات التحرك الفلسطيني الرسمي والجوانب القانونية، أشار المستشار القانوني في سلطة جودة البيئة "مراد المدني" ، إلى المنهجية الإسرائيلية في التخلص من النفايات في الأراضي الفلسطينية، والتي تتم من خلال ثلاث طرق: الجهاز الرسمي لإدارة النفايات الإسرائيلية ومن ضمنه 17 منشأة في المناطق الفلسطينية منها خمس منشآت خطرة. المنهج الثاني: المكبات الخاصة بالمستوطنات والتي تكون منظمة وغير منظمة، أي مقرة من قبل مخططات الإدارة المدنية أو غير مقرّة. المنهج الثالث: عمليات التهريب المنظمة التي تتم من خلال المواطن الفلسطيني عبر إلقاء النفايات في قرى وأراضي فلسطينية، وعلى وجه الخصوص قرى غرب رام الله، إذنا الخليل، ضواحي القدس الشرقية ومناطق الأغوار.
وذكر أن سلطة البيئة ترى هذا الفعل، يأتي ضمن سياسة ممنهجة متبناة من الاحتلال باتجاه الأراضي المحتلة، وإثر هذه الحقيقة يتم مخاطبة المؤسسات الدولية، لأن هذه الأفعال تعتبر جريمة حرب حسب المادة (8) من النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية.
وللتصدي لهذه الانتهاكات، يشير المدني، إلى أن سلطة البيئة انضمت في السنوات الأخيرة للاتفاقيات الدولية التي لها علاقة بمسألة النفايات الخطرة، ومن أهمها "بازل"، حيث امتلكت "البيئة" مجموعة من الأدوات القانونية، الفنية والإدارية التي تمكنها من مواجهة هذا الانتهاك.
ولفت إلى أنه ومنذ انضمامهم لاتفاقية بازل؛ هناك 60 حالة ضبط نفايات سائلة، صلبة وكيميائية، وتم إبلاغ ممثلي الاتفاقية والأطراف عن حالات خرقٍ من الاحتلال في هذا الجانب.
أول نجاح، وفق المدني، هو مقدِرة سلطة البيئة على إرجاع أول شاحنة محملة بالنفايات الإسرائيلية إلى الداخل المحتل، وقد تعاطى الاحتلال مع هذا الأمر بداية كأنه ضرب من الجنون، ورفض إرجاعها، لكن بعد التواصل مع ممثلي اتفاقية بازل التي تكون إسرائيل طرفاً فيها، تم الضغط على المحتل وإعادتها إلى أراضيه.
وأشار المدني إلى أن وزارات الزراعة والحكم المحلي والضابطة الجمركية والشرطة البيئية يتعاونون جميعاً في ضبط الشاحنات وإبطال المحاولات المخطط القيام بها، معترفاً أن الرقابة الميدانية محدودة وتستهدف التهريب بالدرجة الأولى، ومشدداً على أن العملية الأهم هي المسح الميداني لكل عملية تهريب ورصد المنشآت الإسرائيلية للنفايات في الأراضي الفلسطينية بالتعاون مع المؤسسات الدولية والوطنية، ومراقبة تطور هذه المنشآت وتوسعها وانتشارها. وقد نجحت "البيئة" وفق المدني، في استقدام أكثر من بعثة دولية للاطلاع على الوضع، وعمل مسوحات من أجل رفعها للجهات الدولية.
ونوه المدني إلى رفع موضوع تهريب النفايات الإسرائيلية ودفنها في الأراضي الفلسطينية دولياً من خلال وزارة الخارجية والدبلوماسية الفلسطينية عبر السفارات في معظم دول العالم، والتواصل مع مقرر حقوق الإنسان والجمعية العامة للأمم المتحدة.
"في تقرير الجمعية العامة للمصادر الطبيعية 2017 نجد قرارات الجمعية تشير لموضوع المخاطر والآثار البيئية للنفايات الخطرة، وتوجه إدانة للاستيطان وإدارة الاحتلال، وكذلك تقرير مايكل لينن المقرر الخاص لحقوق الإنسان نجده يسلط الضوء على إدارة النفايات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، وانتهاكها لحقه في استغلال المصادر الطبيعية". ذِكرُ ذلك وفق المدني، دليل على نجاح "سلطة البيئة" في تسليط الضوء على ملف الجرائم البيئية الإسرائيلية دولياً.
كمبوست إسرائيلي ملوث في الأراضي المفتوحة بالأغوار الفلسطينية
دور المواطن
ونوه إلى اهتمام "سلطة البيئة" برفع الوعي البيئي لدى المواطن الفلسطيني تجاه مخاطر وتهريب النفايات في الأراضي الفلسطينية، وتغيير توجهات المخالف منهم، لأن المواطن المهرب يتعامل معها على أساس أنها سلعة مربحة فيتخلص منها في أرضه. ولفت المدني على أن حملتهم الإعلامية حول خطورة النفايات الإسرائيلية شملت كل مجالس الهيئات المحلية في محافظات الوطن، وتم اطلاعهم على القوانين المحلية والدولية في مجال حقوق الإنسان والية الإبلاغ المباشر عن وجود أي انتهاك.
التشريع بحاجة إلى تعديل
حول التشريع الفلسطيني في مسألة النفايات الخطرة، أشار المدني إلى وجود توجهات تشريعية لصالح معاقبة المخالفين بالرغم من حاجتها إلى تطوير، ولكن هناك مؤشرات ايجابية عبر إقرار نظام جديد لإدارة النفايات الطبية، وآخر حول إدارة النفايات الصلبة والخطرة.
ورأى المستشار القانوني المدني أن الخطوة الأهم تتمثل في تأسيس ملفات قانونية بيئية دولية ضد جريمة التهريب ونقل النفايات الإسرائيلية للأراضي الفلسطينية، ولفت إلى تحقيق خطوات متقدمة في مكب توفلان الإسرائيلي في أراضي الأغوار، معتقداً أن النجاح الكامل في هذا الملف يتمثل في القدرة على إغلاق المكب نهائياً، ما سيكون فاتحة خير فيما يتعلق بالانتهاكات الإسرائيلية البيئية.
تقارير فنية موثقة أفشلت المحاولات الإسرائيلية
فيما تحدث ياسر أبو شنب، الذي يمثل نقطة التواصل الوطني في اتفاق بازل، عن الإجراءات العملية التي اتخذتها سلطة جودة البيئة لتحريك هذا الملف منذ نيسان 2015 حين أصبحت فلسطين عضوا في هذه الاتفاقية، وسرد قصة أول شاحنة هُرّبت إلى الضفة الغربية، حيث منها بدأت نقطة الانطلاقة عبر إعداد تقرير كامل موثق ضمن فريق وطني لإدارة ملف النفايات الخطرة، وبتكاتف جهود المؤسسات ذات الصلة، تم عمل مسوحات وتصنيف القطاعات الصناعية الإسرائيلية، ومن ثم الخروج بتقرير وطني قُدّم لاتفاقية بازل وهذا جزء من الالتزام الأول.
"استطعنا بجهود مشتركة بين الشرطة والدفاع المدني والضابطة الجمركية والمخابرات والأمن الوقائي، بضبط شاحنات محملة بنفايات سائلة وصلبة ومواد كيميائية وعضوية وإيقافها، وكل يوم يردنا اتصالات عن شاحنات مخالفة". يقول أبو شنب
" كل المراسلات عن عملية تهريب النفايات نثبتها بالعينات، ونعتمد كل أدوات التوثيق والتحليل، في البداية رفضت إسرائيل التعامل معنا كجدية كونها لا تعتبرنا دولة، وصارت ضجة كبيرة، وفي النهاية رضخت لاتفاقية بازل وأعادت الشاحنة". يقول أبو شنب
عبير البطمة تتحدث عن تحرك شبكة المنظمات الأهلية البيئية لمواجهة الجرائم الإسرائيلية إلى جانب نضال عطاالله مدير برنامج العدالة البيئية في مؤسسة هينرش بل
مواءمة الاتفاقيات مع التشريعات المحلية
تحدثت عبير البطمة منسقة شبكة المنظمات البيئية الأهلية الفلسطينية في مداخلتها، عن تنفيذ دراسة تحليلية خلال العامين الماضيين بالتعاون مع وزارة الخارجية، تمحورت حول مدى مواءمة التشريعات والأنظمة المحلية مع الاتفاقيات الدولية ( بازل، ستوكهولم وروتردام)، حيث تم تحليل التشريعات، واستخدام السلطة للاتفاقيات البيئية كأداة قانونية من خلال بناء قدرات مائة قانوني ومحامٍ فلسطيني حول الاتفاقيات البيئية الدولية، التي لها علاقة مباشرة بترحيل النفايات الخطرة عبر الحدود، كما استهدفت الدراسة أيضاً العاملين في المؤسسات البيئية لرفع وعيهم البيئي القانوني، وكيفية استخدامها كأداة قانونية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية البيئية، وخاصة التي لها علاقة بترحيل النفايات.
ورأت البطمة أن هناك انتهاكات إسرائيلية للحقوق البيئية، ولكن بشكل عام هناك ضعف فلسطيني في عملية توثيق هذه الانتهاكات، ما يعيق المحاسبة القانونية المثالية على المستوى الدولي وأيضا المحلي.
وأشارت البطمة إلى تخصيص الشبكة لموقع بيئي الكتروني سهل وفي متناول الجميع، يحتوي على المعلومات الأساسية المهمة في عملية التوثيق. ولإنجاحه، تم تدريبُ عددٍ من التجمعات الفلسطينية الأكثر عرضةً للانتهاكات الإسرائيلية البيئية، كما جرى تنظيم ورشة عمل بمشاركة المؤسسات القانونية والبيئية الأهلية والحكومية، لرسم هيكلية لآليات التدخل مع الانتهاكات.
وذكرت البطمة قيام الشبكة مؤخراً بإعداد دراسة حول ترحيل النفايات النووية إلى منطقة جنوب الضفة الغربية، حيث تبين وجود مؤشرات لوجود تراكيز عالية من المواد المشعة في عينات من التربة في تلك المناطق، ويتم حاليا التواصل مع جهات قانونية دولية لإيجاد سبل شراكة جديدة لأبحاث تكمل هذه الدراسة، كما تم تنظيم لقاءات لرفع وعي المجتمع المحلي في حقوقهم البيئية.
ندوة النفايات الإسرائيلية الخطرة في الضفة الغربية
آراء وتوصيات
خلال الندوة، وبعد انتهاء المداخلات، تم فتح باب النقاش للحضور، وطرحت عددٌ من الآراء والتساؤلات الجديرة بالاهتمام:
أشار المهندس يعقوب الكيلاني من وزارة الزراعة في نقاشه إلى حقيقة مفادها: "تجاهل إسرائيل لأي اتفاقات أو قوانين دولية، فهي ترى نفسها فوق القانون". لذلك، ولمواجهة دولة محتلة متعنتة كإسرائيل، يقول الكيلاني: "علينا كمؤسسة رسمية أن نكون مجهزين فنياً وإداريا وإشرافيا ورقابيا وقانونياً، والتركيز على تنمية قدرات المؤسسات المختلفة لمواجهة إسرائيل، والتسلح بالفحوصات المخبرية التي تؤكد بالدليل القاطع تأثير نفايات إسرائيل الصلبة ومياه مستوطناتها في ارتفاع نسب السمية في المياه الجوفية والتربة.
أمّا حسين أبو عون من مجلس الخدمات المشترك، فقد ثمن جهود سلطة جودة البيئة في متابعة الانتهاكات الإسرائيلية المتعلقة بملف البيئة، ولكنه تساءل: أين التحرك الفلسطيني أمام الملفات البيئية التي يتسبب بها الفلسطيني نفسه، كمكبات النفايات العشوائية المنتشرة في المحافظات الفلسطينية والتي تحوي نفايات خطرة تلوث الأرض والهواء، وأبدى استعداده لاطلاع سلطة جودة البيئة على بؤر نفايات وحرق للخردة على بعد مئات الأمتار من مقر "سلطة البيئة" في سطح مرحبا.
التقرير الحاسم
المهندس قاسم عبدو الذي يعمل حالياً مستشاراً زراعياً مستقلاً، يرى أن الملفات الفلسطينية التي تقدم للجهات الدولية "وصفية" تفتقر للربط بين السبب والنتيجة، وبالتالي تمهيد الأرضية للخطوة التالية، بمعنى: هل يتم دراسة الانتهاك الإسرائيلي وانتشار الأمراض في منطقة المكب مثلاً؟ وربط مسألة الأمراض المستعصية مع التكلفة العالية التي تتكبدها الدولة (مليون شيكل تكلفة علاج كل مريض سرطان). فعند التسلح بالأدلة والوثائق وإعداد دراسة تحليلية للنتائج، يؤكد عبدو، على أن الخطوة التالية هي التوجه للمحاكم الدولية لاتخاذ إجراءات فاعلة ضد إسرائيل، وطلب تعويض مالي منها لمتضرري تلك الانتهاكات.
وتساءل عبدو: هل إيقاف شاحنة محملة بالنفايات وإرجاعها يلغي عقوبة "النية الجرمية"؟ وبالتالي يجب السعي فلسطينياً في استكمال العقوبات والمطالبة بتعويض مالي وفق عبدو.
وانتقد عبدو الدراسات العلمية بالجامعات، والتي تفتقر للمنهجية والعينات التحليلية المقارنة للتلوث الزراعي على سبيل المثال، واستغلال الفرق المرتفع بالسمية في المنطقة المتضررة لفضح إسرائيل، لأن أي تقرير يعدّ دون إثبات قاطع سيتعامل معه الجانب الإسرائيلي وكأنه ادعاء كاذب ويفنده. وهنا طالب عبدو المؤسسات العلمية الدولية إلى إجراء أبحاث علمية وقياس تلوث الهواء والتربة والمياه، وختم عبدو بمثال: " 9 أفراد من عائلة واحدة في بلدة جنوب الخليل مصابة بالسرطان، أليس هذا مؤشرٌ كبيرٌ على تلوث يمكن الاستناد إليه في مواجهة الاحتلال؟".
فيما أشار عبد الرؤوف أبو رحمة من جمعية الهيدرولوجيين الفلسطينيين، إلى التعاون مع باحثات فلسطينيات في جامعات أمريكية لدراسة مدى تلوث الهواء والمياه في منطقتي جشوري في طولكرم، وبركان في سلفيت، وقرى أخرى في يطا، وقد أخذت مؤسسته عدة عينات وفحصتها في مختبر بيرزيت، ووجدت ارتفاعاً للعناصر الثقيلة المسببة للسرطان وهي متوفرة في مؤسسته ويمكن تزويد المهتمين بها.
الغباء الإسرائيلي
فيما أشار نضال عطا الله من هينرش بل إلى ما وصفه بالغباء الإسرائيلي، والذي يبدو جلياً من خلال تعامل المستوطنات الإسرائيلية بأنها مدن معزولة تلقي مياها العادمة باتجاه القرى الفلسطينية المجاورة، ومخلفات مصانعها باتجاه الفلسطينيين، وكأن الضرر البيئي منفصل ولا ينتقل من منطقة إلى أخرى وسيصلها مجدداً، وضرب مثالاً على ذلك تشديد الحصار على غزة ما دفع بمواطنيها إلى قذف المياه العادمة إلى شاطئ البحر، وبالتالي سيصل التلوث إلى الشطآن الإسرائيلية دون أدنى شك. وذكر أن إسرائيل تحترف الغسيل الأخضر بتسويق نفسها وكأنها دولة بيئية، مع العلم أنها من أعلى الدول في نسب البصمة الكربونية للفرد.
البصمة الكربونية
وتعقيباً على مداخلة عطالله، أوضح جورج كرزم بأن البصمة الكربونية الإسرائيلية تعد من الأعلى عالميا، إذ أن متوسط إنتاج الفرد الإسرائيلي لثاني أكسيد الكربون نحو 12 طناً سنويا، وهو أعلى من المتوسط في الاتحاد الأوروبي (نحو 10.5 طن).
وأشار كرزم إلى تعامل إسرائيل مع الضفة الغربية كمنطقة محيط للمركز الإستعماري-الرأسمالي (تل أبيب)، تماما كتعاملها مع المناطق الجنوبية من إسرائيل (بما في ذلك صحراء النقب)، حيث تتركز في هذا المحيط الصناعات الملوثة ومنشآت التخلص من النفايات، مقابل الإبقاء على المركز (تل أبيب ومحيطها) نظيفاً؛ فعلى سبيل المثال صناعات الحجر والكسارات، وبعد منع السلطات الإسرائيلية للمزيد من الكسارات ومناشير الحجر ومكبات النفايات في أراضي الداخل المحتل، كثفت مشاريعها الملوثة في أراضي الضفة الغربية من خلال وكلاء فلسطينيين.
وأكد كرزم، أن الجهات المفاوضة الفلسطينية أعطت شرعية للاحتلال لانتهاك الأرض الفلسطينية، من خلال ما يعرف بالاتفاق المرحلي والذي من ضمن بنوده تشجيع المناطق الصناعية المشتركة الحدودية، كامتداد للمناطق الصناعية الإسرائيلية في المستعمرات، ما يحقق جدوى اقتصادية لإسرائيل عبر عمالة فلسطينية أرخص من تلك داخل إسرائيل، بحيث تساهم هذه المنشآت الاستعمارية في تبييض منتجاتها وشهادات المنشأ، وبالتالي الالتفاف على مقاطعة السلع الإسرائيلية.