المدن المستدامة... آفاق للطبيعة وللحيوانات الأليفة
تُعد المدن المستدامة توجهًا ناشئًا في أوساط صنَّاع السياسات في مختلف أنحاء العالم، بفعل الهجرة والتحسن في مستويات المعيشة، ما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في مستويات التمدين أو التحول الحضري.
بيد أن هذا المستوى من التمدين، يتطلب تحكماً فعالاً في الموارد وتطوير البنى التحتية، والتحكم في مستويات الازدحام المروري والتلوث؛ هذه التعقيدات الاجتماعية والاقتصادية المصاحبة لعملية التحول الحضري أدى إلى زيادة من وطأة التحديات. ومن أجل ذلك يُعد استيعاب وتطبيق مفاهيم المدينة المستدامة أمراً لا غنى عنه لتلبية المتطلبات والحاجات الإنسانية والاجتماعية المعاصرة.
وترتكز أبعاد العمارة المستدامة على متطلبات التنمية المستدامة باستيعاب جميع الفئات الاجتماعية والتعاون في إدارة القضايا والموارد البيئية، لتحقق توازن ثلاثة أسس رئيسية(تنمية اقتصادية، سلامة بيئية، ورفاهية اجتماعية) من خلال تنظيم العلاقة ما بين المدينة والطبيعة.
وهذا التوجه في التخطيط الحضري، يعتمد على تنظيم الأراضي وتحسين البنية التحتية، بهدف خلق مدينة قادرة على إطعام نفسها مع اعتماد ضئيل على المناطق الريفية المحيطة بها، وإنتاج أقل كمية ممكنة من التلوث، وإعادة تدوير أو تحويل النفايات إلى طاقة، وتعزيز المساحات الخضراء وتجديد المناطق الحضرية الموجودة لتحقيق جودة معيشية أفضل وتحقيق التفاعل الاقتصادي.
لذلك باشرت العديد من المدن اعتماد البنى الارتكازية البيئية الخضراء والتي تعتبر جزءا ضروريا من استراتيجيات التخطيط للوصول للاستدامة الحضرية. وفي هذا الإطار نجد نوعين من البنى الارتكازية البيئية
- البنى الارتكازية البيئية الزرقاء: مجموعة المسطحات المائية والأنهار والبحيرات التي تخترق المدينة أو تحيطها.
- البنى الارتكازية البيئية الخضراء: مجموعة المناطق الخضراء والمتنزهات العامة والخاصة التي تخترق المدينة أو تحيطها.
حيث يتم التركيز على معالجة المياه وإدارتها وتخطيط المناطق الخضراء، لدورهما البيئي الكبير على المناخ وقابليتهما على تقليل درجات الحرارة ورفع العامل الايجابي في نفسية المواطن. فمن خلال تخصيص مسطحات للزراعة داخل المدن، سيحصل السكان والزوار على تطهير فوري للهواء المحيط بهم. وخلق مجالات خضراء لتربية الحيوانات الأليفة، وسيوفر الكثير من السلع والخدمات الأساسية، وأيضا فوائد اجتماعية وثقافية وروحية ودينية على المناخ النفسي والجمالي للإنسان.
لهذا نجد العمل مع الطبيعة لمواجهة التحديات وتحسين حياة الناس في الدول النامية أمراً ضرورياً في التخطيط الحضري المستدام، ذلك أن:
- الإنسان بحاجة إلى الطبيعة بكل ما فيها من غنى وتنوع، لما في ذلك من تأثير في المناخ النفسي الذي يعيشه في مجتمع يعاني الاغتراب الروحي. إن القيمة الجمالية والترفيهية لمكونات الأنظمة البيئية الطبيعية ضرورية للإنسان لهذا فمن الطبيعي دمج الجانب البيئي ضمن التخطيط الحضري للمدن، بتوفير أماكن تراعي الكائنات الحية خاصة الأليفة التي نراها في الشوارع والتي تشكل جزءاً من البنية الاجتماعية للمدن (كما هو موضح في الصور أسفله).
- الهواء في الحدائق أو المنتزهات نقيٌ ومنعش، بسبب إفراز المواد الكيميائية المتطايرة (روائح طيارة) وتعتبر هذه المواد -إضافة إلى تثبيطها للميكروبات المرضية- فيتامينات الجو، ذلك أن تنفس هواء الغابات والمنتجعات والحدائق يزيد من نشاط القلب ويحسن عمل النظام العصبي، ويرفع النشاط العام للجسم ومقدرته على مقاومة الأمراض.
- دمج البيئة في التخطيط المجالي يزيد من فرص التنمية الاقتصادية، من خلال نظام تدوير النفايات المجمعة، وهذه النقطة تنفذ على مستوى الحي، المثال على ذلك، تبادل البضائع بشكل غير رسمي... أو إعادة الاستفادة من مخلفات المطاعم وبائعي اللحوم والأسماك بجعل هذه البقايا من الأطعمة أكلا للحيوانات، وأيضا أسمدة للزراعة الحضرية... بهذه الطريقة نحن نخلق فرصَ عمل مصنفة شكلاً على أنها خضراء( خلق قطاع غير نظامي)...
 |
 |
لتطبيق هذه المبادرات، من الضروري للحكومة أن تأخذ بزمام المبادرة بتقديم سياسات ومبادرات داعمة وتنسيق الجهود لتوفر جميع مقومات النجاح – بما في ذلك الرؤية الوطنية الكلية، وتضافر جهود كافة الجهات المعنية، وتبادل البيانات، واعتماد معايير موحدة. كما تعتبر الجمعيات البيئية والتنموية الشريك الرئيسي في مثل هذه المبادرات والفاعل المهم في صياغة نموذج مدن مستدامة ببصمة إيكولوجية.
فريق FAN
(الحفاظ على الطبيعة وحماية الحيوانات)