خاص بآفاق البيئة والتنمية
تسبب رفع أسعار السجائر بتوجه المدخنين نحو التبغ محلي الصنع، فيما لم يفكر هؤلاء (أو شريحة منهم كالتي قابلناها) على خلفية المشهد الاقتصادي، بالتداعيات الصحية، التي يتسبب بها التدخين. ولم يلتفتوا إلى الإحصاءات العالمية التي تقول إن السجائر تتسبب بقتل نحو 4,9 ملايين شخص سنوياً في العالم، وبحلول
عام 2030، يُقدر أن عدد ضحايا الصديق- العدو سيرتفع إلى قرابة 10 ملايين.
تستطلع (آفاق) آراء مجموعة من المدخنين وغير المدخنين، وتبحث عن إجابات لأسئلة صحية وبيئية واقتصادية: لماذا تدخنون؟ وكيف بدأتم بهذه العادة؟ وحينما تشاهدون تحذيرا عن السجائر وما قد تسببه من أمراض، كيف تتصرفون؟ وهل جربتم الإقلاع عن التدخين، وماذا حدث بالمحاولة إن وجدت؟ هل طُلب منكم اثناء تدخينكم في الأماكن العامة بإطفاء السيجارة؟ وهل تعتبرون التدخين اعتداء على حرية غير المدخنين؟ وفي ظل الارتفاع الحاد في أسعار السجائر، هل أنتم مستعدون للتخلي عن التدخين، أم إنكم توجهتم للتبغ العربي؟ بجردة تقريبية: كم حجم المبلغ الذي تحرقونه كل يوم، وكم هو عدد السنوات التي قضيتموها مع التبغ؟ هل تشعرون بمتاعب صحية من السجائر؟ وأخيرا، لو أن جهة ما أو شخصا اشترط مقابل ترككم التدخين منحكم جائزة كبيرة، هل ستقبلون بالعرض؟
استطلاع
يشارك 93 شخصاً في الاستطلاع، الذي جرت بعض مراحله عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وترد مجموعة إجابات، بعضها غريب، أو تبريري، أو شائع. 80 منهم قالوا إنهم يدخنون منذ مدة تزيد عن العشر سنوات، فيما أكد الثلاثة عشر المتبقين، بأنهم لم يدخنوا من قبل. وقال 56 منهم إنهم يحرقون بين 30-35 شيقلاً يومياً. أما بشأن العرض ومنح جائزة كبيرة لمن يترك التدخين، فقال 49 من المشاركين إن العرض ليس جيداً، فمن يدخن يحصل على جائزة فورية ودائمة بمتعة السيجارة، لا يحتاج لمال، والأغرب أن عشر إجابات قالت، وبصيغ مختلفة لفظا ومتماثلة في المعنى: المال للمُدخن، يحرقه كيفما يشاء، والتدخين مثل الماء، فلا يمكن منع الناس من الشرب إذا عطشوا في الشارع!
آراء
تورد( آفاق) بعض الإجابات المقتبسة، والتي تكررت بأكثر من طريقة:" التدخين حرية شخصية"، " السجائر تعدل المزاج"،" احترام الحريات العامة يقتضي أن لا نتدخل بالمدخنين"،" السجائر لا تسبب الموت"،" التدخين مميت"،" ليت الجهات المسؤولة ترفع أسعار السجائر كثيراً لتصبح العلبة بمئة شيقل"،" علينا أن نعامل زراعة الدخان العربي مثل المخدرات"،" نحرق أنفسنا بإرادتنا""، " مع أننا نرسم صورة جمجمة على علب السجائر، ونكتب خطر الموت والهلاك، إلا أن الناس تشتري"،" إذا أردنا أن نمنع التدخين، على الجهات المختصة تطبيق قانون منعه في الأماكن العامة"، "إذا أردت أن تموت ابتعد عني بسيجارتك".
تقول الطالبة نور اشتية: نتلقى أضرار التدخين دون استئذان، ويقتلنا دخان السيارات والمصانع، ولا نمتلك الحرية في الهواء الذي نستنشقه.
ويرى الشاب رمزي أبو عوّاد، الناشط على مواقع "الفيس بوك" أن التدخين إدمان فيقول صاحبه: هذه آخر سيجارة ولن أدمن، وبالنهاية يحدث العكس. يضيف: جربت الإقلاع عنه، ونجحت ولكن بعد فترة رجعت له من وقت الفراغ. ولم يحدث أن طلب مني أحد إطفاء السيجارة؛ لأني أعرف حدودي، وتنتهي حريتي عندما تبدأ حرية غيري. والتدخين ليس اعتداءً على غير المدخنين؛ لأن بإمكانهم الابتعاد عن أماكن التدخين.
ويقول الشاعر والمدرس محمد الأخرس، شخصيا لا أدخن، وأرى أن السجائر الداء الأول هذه الأيام، فمعظم المدخنين يتجهون إلى التبغ العربي. ويتعرض غير المدخنين للأذى الواضح وهذا ما يعرف بالتدخين السلبي. خاصة وأننا في مؤسساتنا لا نلتزم بقانون منع التدخين في الأماكن العامة.
ويقول منسق مركز العمل التنموي/ معا في الأغوار حمزة زبيدات: أنا اليوم من غير المدخنين، بعد أن أقلعت عن السجائر منذ ستة أشهر تقريباً، فالمدخن يكون أسير سيجارة. وأعتقد أنه من واجب الحكومات مساعدة الأفراد في التخلص من هذا الداء، ربما من خلال نشر الوعي أكثر، بالإضافة إلى إطلاق مراكز صحية متخصصة لهذا الغرض.
رهينة
ويرى الناشط الشبابي عبد الله إسماعيل، أن السجائر هي من تتحكم بصاحبها وليس العكس، فهي التي تجعله رهينة، وتطلبه بأن تكون الأولوية الأولى في حياته، فهي عنده أهم من الخبز والماء والدواء والكهرباء.
وتؤكد سوسن عبد الفتاح، وهي طالبة جامعية، أنها تعاني هي وعائلتها من التدخين السلبي، فحين يعود زوجها غير المدخن، من بعض المناسبات الاجتماعية والزيارات، فإن ملابسه تكون برائحة السجائر، بحكم دخوله لأماكن مغلقة، وجلوسه الإجباري مع المدخنين. وتقترح سوسن، أن يحترم المدخن غيره فلا يشعل السجائر بوجود غير المدخنين، وعليه أن يحرص على عدم تعريضهم للتدخين السلبي.
وتقول دراسات علمية إن النرجيلة، ليست أقل ضرراً من السجائر، والحقيقة إن تدخينها لساعتين، يعادل تدخين 15 سيجارة. بينما تنص المادة (21) من قانون البيئة الفلسطيني، الصادر عام 1999: "يحظر التدخين في وسائل النقل والأماكن العامة المغلقة"، يقول الشاب ماجد سامر: للأسف لو يجري تفعيل قانون البيئة، لحلت الكثير من مشاكلنا. لكننا نصر على التعامل مع البيئة كعدو.
aabdkh@yahoo.com