خاص بآفاق البيئة والتنمية
امتلاء غرف العناية المركزة
دقت طبول الحرب في قطاع غزة، وأضحى النظام الصحي في وضع حَرج أشدَّ من السابق بفعل استهداف "إسرائيل" للأطفال والكبار دون أن ترأف بشيخ أو امرأة أو رضيع.
وقبل أن تدق الساعة السادسة من مساء يوم الإثنين الذي وافق العاشر من مايو/ أيار الفائت، كان القطاع الصحي يتعكز بصعوبة على إمكانياته المتواضعة مع ما يعانيه من نقص حاد في المستلزمات والأجهزة الطبية بسبب جائحة (كوفيد-19).
وكانت وحدات العناية المكثفة في المستشفيات، قد اكتظت حد التكدس بالمصابين بــفيروس كورونا، فيما أصبح الوضع على حافة الانفجار بعد اندلاع الحرب، ليصبح مستوى خطورة التحديات أمام الطواقم الطبية أكثر مما يُطاق.
في مستشفى الصداقة التركي، الذي استقبل آلاف الإصابات بالفيروس منذ بداية الجائحة، ألقينا نظرة على مريض يدعى حُسين، في إحدى غرف العناية المركزة المكتظة بالمرضى وجدنا الرجل السبعيني الموصول بجهاز التنفس الاصطناعي يحاول استنشاق الهواء، وبالكاد يفهم مرافقه ما يتفوه به من كلمات ليعبر بها عن ألمه.
ووفق إحصاءات وزارة الصحة في القطاع، سجلّت نحو 98 ألف إصابة وأكثر من 857 حالة وفاة.
ويعيش مقدمو الرعاية الصحية في مشافي القطاع المحاصر منذ 15 عاماً، ظروفًا قاهرة أثقلتها الجائحة؛ وزادها العدوان الأخير كارثية.
امتلاء غرف العناية المركزة
وبحسب مصدرٍ مطلع في مجمع الشفاء الطبي، أخبر مراسل "آفاق بيئية" أن المستشفى واجه خطراً كبيراً في المفاضلة بين مصابي الحرب ومصابي جائحة كورونا، وبخاصة الذي يعانون من نقص الأكسجين وعلى وجه التحديد مرضى الأزمات الصدرية والربو.
وأكد المصدر نفسه، أن مزامنة الحرب لجائحة كورونا شكّلت عبئًا مضاعفًا على عاتق الكوادر الطبية، إلا أن أحداث الحرب ما لبثت أن قالت كلمتها لتغطي بشكل كامل على الجائحة، بعد أن استهدفت طائرات الاحتلال المختبر المركزي الوحيد الذي يتم فيه سحب العينات، على إثر قصف المركز الصحي التابع لوزارة الصحة في عيادة الرمال بمدينة غزة.
وأثبت القطاع الصحي جدارته سابقًا في التعامل مع الكوارث والحروب، وفي مثل حالات الطوارئ هذه، تقسم الخلايا الطبية إلى مجموعات، ويُعتمد نظام المناوبة لمدة 24 ساعة تليها فترة راحة.
إلا أن بعض الأقسام الطبية تعاني من نقص حاد في عدد طواقمها، لذا تكون أكثر عرضة للضغط والإرهاق، وخصوصًا أقسام الجراحة، والجراحة ذات الصلة بمصابي الحالات الخطرة.
وفي السياق نفسه، وبحسب مصدرنا الذي يعمل طبيبًا في مستشفى الشفاء، يُلاحظ نقصًا حادًا في الكوادر الطبية المتخصصة، ففي قسم الجراحة التخصصية على سبيل المثال، يوجد طبيب واحد مختص، وهذا لا يكفي، أما في قسم العناية المكثفة فالحاجة ماسة لعددٍ أكبر من الأسرّة الطبية وأجهزة التنفس الاصطناعية.
ويخبرنا د. أشرف القدرة الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة، أن أجهزة التنفس الصناعي وأسرّة العناية المركزة المتوفرة تكاد تكفي حاجة المرضى اليومية، قائلًا: "مقوماتنا في الجانب الصحي محدودة جداً، وما وصلنا من مساعدات لا يسعفنا في مواجهة ما حلّ بنا".
وتابع حديثه: "حتى نتجاوز الأزمة التي يعاني منها قطاع غزة، لا بد من إدخال ما يحتاجه من معدات ومستلزمات طبية خاصة أجهزة التنفس الاصطناعية والأسرّة الطبية لمرضى كورونا ومصابي الحرب الأخيرة".
ويضيف د.القدرة: "نحتاج بشكل عاجل إلى توفير 100 جهاز تنفس صناعي و140 سرير عناية مركزة لمواجهة فيروس كورونا".
وذكر أن 1500 أنبوب لسحب العينات أرسلتها السلطة في رام الله وتقدر بـ 4000 دولار، ومع الأسف لا يمكن الاستفادة منها دون إرسال مواد الفحص المرتبطة بها.
وتجدر الإشارة أن بعض عيادات الرعاية الأولية التابعة للحكومة ووكالة الأونروا تقدم لقاحات للمرضى.