خاص بآفاق البيئة والتنمية
قرية الخضر تقع إلى الغرب من مدينة
بيت لحم، وتبعد عنها حوالي خمسة كيلومترات، حيث ترتفع عن سطح البحر 880 متراً، وتبلغ المساحة العمرانية للقرية 800 دونمًا، وسميت بهذا الإسم نسبة إﻟﻰ دﻳﺮ اﻟﺨﻀﺮ اﻟﻤﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪة اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ وﻳﻌﻮد ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺒﻠﺪة إﻟﻰ ﻋﺎم 1700ميلادي.
تحيط بقرية الخضر أراضي قرى بيت فجار، بيت أمّر، نحالين، وأراضي قرية بتير، بيت جالا، بيت إسكارايا وجورة الشمعة وواد النيص وإم سلمونه وإرطاس، وتشتهر بزراعة العنب والتين والخوخ، والتفاح والسفرجل، وعرفت بجودة خضارها لكثرة ما فيها من الينابيع والمياه.
بلدة الخضر عربية الأصل وعريقة التاريخ لها ماضٍ ثري بناها وسكنها الكنعانيون حيث تقع على بعد عشرة كيلومترات إلى جنوب مدينة القدس، يوجد في البلدة العديد من الأماكن الأثرية والتاريخية أهمها برك سليمان وقلعة مراد وبوابة الخضر وكنيسة الخضر أو "القديس جورج" وحديقة البوبرية.
|
|
إحدى برك سليمان في الخضر |
إحدى برك سليمان |
|
|
برك سليمان في قرية الخضر |
برك سليمان الإرث الحضاري والثقافي تقع بين بلدتي ارطاس والخضر جنوب مدينة بيت لحم |
برك سليمان
عند الاقتراب أكثر من برك سليمان، نشاهد لوحة طبيعة جميلة من أشجار الصنوبر والسرو وثلاث برك كبيرة تملأها مياه المطر ومياه الينابيع المجاورة، ونسمع أيضاً أصوات زقزقة العصافير التي تنسج ألحان موسيقية طبيعية .
برك سليمان إرث حضاري وثقافي، تقع بين بلدتي ارطاس والخضر جنوب مدينة بيت لحم، بنيت البركتين الأولى والثانية في العهد الروماني بطريقة هندسية رائعة ودقيقة حيث حفرت قنوات المياه في الصخور واستخدمت الحجارة الكبيرة في بناء البرك وذلك لتجميع المياه، وفي عام 943 هجري قام السلطان سليمان القانوني بترميم البركتين الرومانيتين وإضافة بركة ثالثة بجانبها.
تعد برك سليمان جزءاً من النظام المائي، وهي خزانات كبيرة بلغت سعة هذه البرك 0.34 مليون متر مكعب، وشكلت هذه البرك المصدر الرئيسي للمياه في مناطق القدس وبيت لحم والقرى المحيطة بها قديماً، وفي الفترة الرومانية أنشئ النظام المائي في الجهة العليا من وادي أرطاس وتم بناء البركتين، وتطور هذا النظام في الفترات الإسلامية حيث تم بناء البركة الثالثة الكبيرة وذلك في عهد السلطان المملوكي الملك الظاهر خوشقدم عام 1460م.
حافظ السلاطين العثمانيون على قناة السبيل التي كانت تزود مدينة القدس وبيت لحم بالمياه من ينابيع تقع في عين العروب ووادي البيار، ويبلغ طولها حوالي 68 كيلومتراً، وقاموا بتوسيع برك المياه وتنظيمها بطريقة رائعة ومبهرة إضافة الى زراعة المنطقة بأشجار حرجية.
برك سليمان ولكونها تعد أطول قناة مائية محفورة في فلسطين حظيت باهتمام كبيراً على مر العصور، للحديث أكثر يقول جهاد ياسين موظف لدى وزارة السياحة والآثار الفلسطينية في مدينة بيت لحم أن ما يميز منطقة الخضر وإرطاس هي برك سليمان التي تعد من أشهر الأنظمة المائية الموجودة في فلسطين، وتتكون من ثلاث برك بنيت في الفترة الرومانية المبكرة لتزود المدينتين المقدستين بيت لحم والقدس بالمياه، وتم ربط هاتين المدينتين لأهميتهما الدينية والسياحية. ويعتبر هذا النظام الأطول في فلسطين، حيث اعتمد على مهارة المهندس الفلسطيني قديما،ً حيث استغل العوامل الطبيعية في نقل المياه طوال هذه المسافة رغم الإرتفاعات والإنخفاضات مستغلاً الجاذبية الأرضية وعملية الضغط لنقل المياه ولخدمة وتطوير الزراعة وتعزيز السكن، ولهذا تشكل نظاماً فنياً وهندسياً رائعاً من حيث البناء وتوزيع المياه.
وأضاف ياسين بأنه تم مؤخراً الكشف عن أجزاء من هذه القناة وهي محفوظة في متحف بيتنا التلحمي، وهي نموذج فريد للقنوات المائية من الفترة الرومانية في المنطقة.
|
|
قلعة مراد أو قلعة البرك |
نقش عربي قديم على قلعة مراد في بلدة الخضر |
قلعة مراد أو" قلعة البرك"
شهدت فلسطين مهد الحضارات والرسالات السماوية أعظم الحضارات التي تركت خلفها بصمات وشواهد أصيلة وعريقة، هذه الحضارة هي الحضارة الإسلامية وأحد أهم معالمها قلعة مراد أو " قلعة البرك"، وذلك نظراً لأهمية برك سليمان فقد تم بناء القلعة لأغراض الحماية حيث تقع شمال البركة العليا، وشيدت في عهد السلطان عثمان الثاني بن أحمد عام 1617 لحماية البرك ومصادر المياه وقوافل الحجاج من الإعتداءات، وقامت القلعة بدور مهم في حفظ الأمن وحراسة ينابيع المياه وقناة السبيل.
ويقول ابراهيم محمد الذي يعمل في بلدية الخضر بأن القلعة تتكون من بناء مستطيل الشكل طوله من الجنوب إلى الشمال 70م وعرضه من الشرق إلى الغرب 45م، ولها مدخل رئيس واحد في منتصف الجدار الغربي يعلوه نقش هندسي جميل مكتوب عليه تاريخ تشييد البناء، ويوجد برج مربع الشكل مبني من طابقين، يظهر في جزئه العلوي فتحات السهام، وفي جزئه السفلي يوجد مدخل يفتح داخل القلعة فيه درج يؤدي إلى الطابق العلوي.
القلعة تتكون من خمسين غرفة صغيرة تقريباً بنيت على الجدار الغربي، وخصصت لسكن الجنود وأمتعتهم ومؤنهم وعتادهم، وفي الركن الجنوبي الغربي بني مسجد صغير، أما الجهة الجنوبية منها فيوجد نبع ماء خاص بالقلعة يعرف بعين القلعة.
بوابة الخضر تجسد التآخي الإسلامي المسيحي
بوابة الخضر معلم تاريخي قديم مشهور في بلدة الخضر، والتي ما زالت تروى عنها القصص بدءاً من التاريخ العثماني وحتى التاريخ الحديث، حيث تم بناءها عام 1910 من قبل الروس.
الكاتب مأمون شحادة يقول بأن الدولة العثمانية سمحت في أواخر تواجدها بفلسطين للبعثات التبشيرية الروسية الارثوذكسية ببناء معلم أثري في بلدة الخضر ممثلاً "ببوابة الخضر" تيمناً بمقام مار جريس (الخضر) المقام بالبلدة، وهذا المعلم لا يبعد مائة متر عن أكبر معلم عثماني في المنطقة ممثلاً بقلعة مراد، ويدل هذا المعلم التاريخي على أنه منذ القدم كان هنالك ترابط وتوادٌ إسلامي مسيحي ينم عن أرقى حضارة كانت في المكان.
وما زال هذا الترابط الإسلامي المسيحي متجذراً منذ القدم وحتى الآن، حيث تجد في المدينة الكنيسة تقابل المسجد، وأصوات قرع أجراس الكنائس تلتحم بأصوات القرآن والآذان، ونشاهد زينة أعياد الميلاد تعلق في بيوت المسلمين والمسيحيين، وزينة الأعياد الإسلامية ورمضان تعلق في بيوت المسيحيين والمسلمين.
كنيسة الخضر أو كنيسة القديس جورج
تقع كنيسة الخضر في الطرف الغربي من قرية الخضر وتعتبر مزارًا للمسلمين والمسيحيين على حد سواء.
يقول إبراهيم محمد الذي يعمل في بلدية الخضر بأن الكنيسة الحالية بُنيت عام 1922 ميلادي على أنقاض كنيسة تعود الى القرن السادس عشر ميلادي في المكان الذي يعتقد بأن القديس جورج قد عاش جزءًا من حياته فيه، إلا أن أجزاءً من الكنيسة الأصليّة بقيت حتى اليوم.
يضيف إبراهيم محمد بأن الكنيسة تتميز بتقسيم نموذجي داخلي كالكنائس الأرثوذوكسية الاعتياديّة، كما تم تزيين سقف وجدران الكنيسة، وخلال العهد العثماني كانت تستخدم بعض الغرف في الدير لإيواء المرضى.
حيث ارتبط اسم الكنيسة بالخضر وهو شخصية خياليّة من الفولكلور الإسلامي، يرمز إلى روح الخير الذي يسافر في العالم لنشر العدالة والنّصائح الجيدة، ويعتبر القديس جورج أحد الأشخاص الّذين يرتبط اسمهم بالخضر، وكذلك هزيمة القديس جورج للتنين وإنقاذ الفتاة من المحنة هي نموذج لنمط الخضر، ولهذا السبب تكرم جميع الكنائس المسيحيّة القديس جورج.
ويقول رئيس بلدية الخضر عبد الرحمن موسى بأنه في يوم الـ 5 من أيار من كل عام، يقيم سكان محافظة بيت لحم احتفالاً بمناسبة عيد القديس جورج (الخضر) حيث يجتمعون مسيحيون ومسلمون تحت ظل الأشجار المحيطة بدير القديس جورج الموجود في قرية الخضر القريبة، بعد ذلك يتجه المسيحيون في موكب نحو كنيسة القديس جريس (كنيسة الخضر)، ويقومون بتقديم القرابين من خراف أو شموع وأرغفة من الخبز تسمى "قدّاس".
حديقة البوبرية في الخضر
حديقة البوبرية
هو بناء قديم تم بناءه قبل 300 عام تقريباً كان يأخذ فيه المسافرون قسطاً من الراحة، وكذلك التجار الذين كانوا يسافرون من عسقلان وقطاع غزة، وكانت سابقاً تسمى محطة عسقلان حيث كانت الحركة التجارية نشطة.
كنيسة الخضر أو كنيسة القديس جورج