خاص بآفاق البيئة والتنمية
قرية بيتللو تقع شمال غرب مدينة رام الله وترتفع عن سطح البحر حوالي 550 متراً وتبلغ مساحتها 22 ألف دونم. تحيط بأراضيها قرى النبي صالح وكوبر، والمزرعة القبلية، ودير عمار، ودير أبو مشعل، ودير نظام.
سميت في العهد الروماني "الون" وهي تحريف لـ "بيت إيلو" التي تعني بيت الله وتتمتع بطبيعة جغرافية خلابة تجذب الأنظار اليها، ويوجد فيها أماكن تاريخية قديمة تحمل في ثناياها القصص والحكايات التي تناقلها الأحفاد عن الأجداد.
ونحن في طريقنا الى القرية جذبتنا الطبيعة الخضراء الساحرة لتنسينا ضجة المدينة وصخبها، عشرون دقيقة كانت كافية حتى وصلنا الى أراضي القرية التي تضم ينابيع المياه الجميلة، ومقام النبي غيث.
قرية بيتللو، وعيون المياه المتعددة، رسمت لوحة جميلة بين الأشجار الخضراء التي تغطي الجبل، مكان تعجز الكلمات عن وصفه تجتمع فيه الخضرة مع الماء والنسيم العليل وروائح الزهور العطرة مع تمايل أغصان الأشجار، وشدو العصافير بأجمل الألحان، وتمتزج تلك الأصوات مع صوت خرير الماء كأن الطبيعة تغني لنا وتدعونا لمعانقتها والجلوس بأحضانها، وكل بقعة حول عيون الماء في المكان، تعيدنا الى حياة أجدادنا وتفاصيل حياتهم اليومية، فهناك رأينا مغارة كبيرة منحوتة بشكل هندسي داخل صخرة كبيرة كان يتخذها بعض الناس مأوىً لهم في القدم.
سحر الطبيعة الخلابة قي قرية بيتللو قضاء رام الله
ينابيع بيتللو
هشام بزار رئيس بلدية الاتحاد (التي تضم بيتللو ودير عمار وجماله) يقول بأن قرية بيتللو تتميز بموقع أثري وسياحي، وما يميزها أكثر عشرات الينابيع التي تتفجر داخل أراضيها ويستفيد منها سكان المنطقة في الزراعة، وتشكل مصدر رزق لهم ولعائلاتهم.
وأضاف أن نساء القرية قديماً كانوا يتجهون الى الينابيع وهي مصدر الشرب الوحيد لتلك القرى، واستخدامات أخرى كالغسيل وسقاية الحيوانات والأشجار المثمرة.
يوجد على أراضي القرية محمية عين الزرقا التي تضم نبعة عين الزرقا الرئيسية والينابيع الصغيرة، كنبعة عين البلد وعين القوس وعين القرعنة وعين الطويسة وعين الغزيلة وعين فاطمة، وتضم أيضا مقام النبي غيث الذي يشكل مكاناً يحمل في طياته الطقوس الدينية الممزوجة بجمال الطبيعة الخلابة.
وما يلفت الإنتباه في هذه القرية، برك الماء الكبيرة ومصدرها مياه الينابيع النقية التي يتم تجميعها لتستخدم في ري المحاصيل الزراعية، حيث يعتمد أغلب المزارعين في المنطقة على ماء عين الزرقا والعيون الصغيرة في زراعة الخضروات والفواكه والحمضيات.
وادي عين الزرقاء الممتد على أراضي قريتي بيتللو ودير عمار قضاء رام الله
عين الزرقا بعيون أبي عصام
تجولنا مشياً على الأقدام بالقرب من الأشجار الخضراء غرب القرية ورافقنا نزال بزار القائم بأعمال رئيس بلدية الاتحاد، حيث قال بأن عين الزرقا هي امتداد لوادي ناطوف الذي تعتبرها الدراسات التاريخية موطن الإنسان الأول، وتعتبر مسكناً للعديد من الطيور والنباتات والأعشاب الطبيعية وفيها مسار مشي طبيعي بمسافة 5 كم.
على مشارف عيون الزرقا يوجد بيت قديم تحيطه الأشجار المثمرة كالليمون واللوز والأسكدنيا والبرتقال، يقطنه الحاج أبو عصام الخطيب وزوجته ام عصام اللذان يعيشان حياة قديمة هادئة بعيداً عن الكهرباء والإنترنت وما يميز الحياة الحديثة من تقنيات جديدة.
أبو عصام مزارع يبلغ من العمر 83 عاماً ذكر لنا بأنه يأكل مما يزرع من الأنواع الكثيرة التي يزرعها داخل مزرعته، كالبرتقال والليمون والكرفوت والخضروات والفواكه بأنواعها والأعشاب كالشومر والجعده والميرمية والزعتر والعكوب، ويوجد في المنطقة الحيوانات البرية بأنواعها، وبعض الطيور كالعصافير وطير الحجل.
وقال ابو عصام بأن هذه المنطقة تضم أكثر من مئة عين ماء صغيرة كعين القوس وعين البلد وعين الجهير وعين مارون وعين أبو سعيفان وغيرها من العيون التي كان يستغلها المزارعون قديماً في الزراعة، ولكن هذه الأيام لم يعد هذا الأمر موجوداً.
وأضاف أبو عصام بأن أراضي عين الزرقا تضم نبتة الطيون التي تستخدم لعلاج الجروح العميقة واعتمد عليها أهالي القرية قديماً.
وقالت أم عصام بأنها كانت تستخدم جرار الفخار القديمة وتنقل الماء من النبعة إلى القرية، لاستخدامات الشرب والغسيل وطهي الطعام.
تضيف زوجة أبي عصام بأنها تسكن بالقرب من العين منذ عام 1967 حتى هذه الأيام، وتستخدم ماء النبعة في كل شيء، وتأكل مما يزرع زوجها.
جبل النبي غيث شمال بلدة دير عمار قضاء رام الله- موفق عميرة
جبل الأرواح
يوجد في هذه المنطقة مقام ديني قديم جداً يسمى مقام النبي غيث على قمة جبل النبي غيث أو جبل الأرواح كما يسميه البعض، الواقع بين الأشجار الصنوبرية على رأس الجبل، وهو عبارة عن بيت قديم عمره حوالي خمسة قرون، ويعود نسبة لرجل متعبد سكن قمة الجبل وزرع بعض الأشجار الصنوبرية، وبعد وفاته أصبح مكان إقامته مقاماً يزوره الناس تبرّكاً حتى أطلقوا عليه اسم النبي غيث.
الحاج عبد الله الخطيب يبلغ من العمر 85 عاماً يقول بأن مقام النبي غيث شهد قديماً بعض الطقوس الدينية حيث كانت ترفع الرايات وتضاء الفوانيس في المساء، وكان يتم توزيع الحلويات كل نهاية أسبوع على سكان المنطقة من قبل بعض رجال الدين.
وجه أبو عصام في ختام جولتنا رسالة إلى المواطنين ممن يأتون لزيارة هذا المقام بالحفاظ على تراث ومعتقدات الأجداد، ونقل هذه الروايات للأبناء، حتى تبقى حاضرة عند الصغير والكبير.