تعدُّ الزراعة المائية (Hydroponic) تكنولوجيا صديقة للبيئة، إذ يمكن استخدامها لزراعة الكثير منأنواع النباتات باستخدام نظام غذائي متوازن بشكل علمي. فليس للتربة وظيفة واضحة في بقاء النبات ونموه، وإنما هي وسط حامل للمواد المغذية وحافظ للماء ويمكن الاستغناء عنها إذا تم إيجاد وسط بديل، وذلك ما توصل إليه الخبراء بالزراعة منذ القرن الثامن عشر، وهو ما فتح المجال أمام تطور تقنيات الزراعة بدون تربة أو ما عرفت بالزراعة المائية.
يحتاج النبات إلى الماء وبعض المغذيات بكميات متفاوتة بالإضافة إلى ضوء الشمس، وإذا تم التوصل إلى حاجة كل نبات من الماء والمغذيات، فيمكن أن يتم توفيرها له في أي وسط زراعي، بهذه النظرية بدأت وازدهرت الزراعة المائية وهي محاولة لاستغلال بعض الأماكن في غياب تربة صالحة للزراعة مثل أسطح المنازل في المدن أو في حالات تعذر استغلال التربة لارتفاع ملوحتها كما في المناطق الصحراوية.
ولا تعتبر تكنولوجيا الاستنبات من دون تربة مجرد إضافة لزراعة التربة العادية بل إنها مكملة لها. إذ يستطيع هكتار واحد من المزارع المائية أن ينتج ما بين 200 إلى 300 طن من الخضار سنوياً. أي أكثر بخمس إلى عشر مرات من إنتاج أي محصول تمت زراعته بشكل تجاري في الحقول المفتوحة.
عالمياً، هنالك عدد محدود من المحاصيل المزروعة باستخدام الزراعة المائية. وتعتبر البندورة، والخيار، والخس، والفلفل الحار، والفلفل الرومي، وزهور الزينة من أهم المحاصيل التجارية. ولكن هنالك محاصيل أخرى ناشئة مثل الأعشاب والمحاصيل الصيدلانية. وعربياً تكفي جولة صغيرة على اليوتيوب لتكتشف ألوف المبادرات الفردية من مصر والكويت وفلسطين وغيرها من الدول العربية، فعلى سبيل المثالتمنح حكومة إمارة الشارقةبالإمارات العربية دعما قد يتجاوز سقف المليون دولار لكل مستثمر فيهذا المجال.
ما هو جدوى استخدام الزراعة المائية؟
هناك بعض الفوائد للزراعة المائية، نذكر منها ما يلي:
- إنتاجية المحاصيل تكون أعلى نسبيا من تلك التي يمكن الحصول عليها من تربة جيدة في نفس البيئة.
- ترفع دورة المحصول السريعة من نسبة الإنتاج.
- قلة استخدام الماء والسماد مقارنة مع التربة العادية.
- تحتاج الزراعة المائية إلى مهارة عالية لإدارتها مقارنة مع نظام زراعة التربة التقليدية. وفقاً لدراسات أجريت في أستراليا، فإن أكثر التحديات الشائعة التي تواجه عمليات الزراعة المائية التجارية هي التالية:
· المشاريع التي لم تؤسس في إطار اقتصادي واقعي، بما في ذلك التحكم بإعادة سداد القروض.
· تصميم النظام وعدم كفاءة الإدارة.
· تجاهل أهمية المعرفة بعلم زراعة البساتين في إنتاج محصول تجاري مزروع بالزراعة المائية.
· الاستخفاف بمتطلبات العمل واليد العاملة.
· إيلاء اهتمام غير كافٍ بالتسويق ومنافذ السوق. وهناك براهين تم إثباتها في دول مختلفة مثل استراليا، وهولندا، واسبانيا، والمكسيك تفيد بأن أنظمة إنتاج الزراعة المائية والدفيئات الزراعية تعتمد على كفاءة استعمال المياه. وهناك تحليل مقارن حول استهلاك المياه في استراليا على سبيل المثال، يوضح أننا نحتاج إلى 160,000 لتر من المياه لإنتاج ما قيمته 100 دولار أسترالي من القطن مقارنة مع 600 لتر (أفضل كمية) من المياه لإنتاج محصول من الزراعة المائية بقيمة 100 دولار أسترالي.
وهناك أيضاً تخفيض ملحوظ في إهدار الأسمدة. فباستخدام أنظمة مغلقة تعيد تدوير أكثر من 95 % من المياه المستخدمة، أثبتت الزراعة المائية والدفيئات الزراعية فعاليتها في التقليل من استخدام المياه مقارنة مع قطاعات الزراعة والبستنة الأخرى.
يبقى مستقبل هذا المجال الزراعي واعداً في الدول العربية التي تعاني من ندرة وتدهور حالة التربة الصالحة للزراعة، تكفي مبادرات سياسية طموحة من بعض صنّاع القرار في الوطن العربي لترتقي الزراعة المائية إلى مستوى تلبية الحاجيات المتزايدة للطعام، وأن تسهم جدياً في توفير سياسة الأمن الغذائي للعرب، وإبقائهم خارج دائرة التبعية الغذائية.