الصين / خاص: أعلن الرئيسان الأمريكي باراك أوباما والصيني شى جين بينغ في أوائل أيلول الماضي انضمام بلديهما رسميا إلى اتفاقية باريس للمناخ، ما يساعد على دفع الجهود الدولية لمحاربة ظاهرة الاحتباس الحراري قدما. وسلم أوباما وشي إشعارين بشأن انضمام بلديهما إلى الاتفاقية، للأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، على هامش قمة مجموعة العشرين في مدينة هانغتشو الصينية.
وستدخل الاتفاقية حيز التنفيذ بعد 30 يوما من مصادقة 55 دولة تخرج من أراضيها 55 في المائة على الأقل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم على الاتفاقية.
والخطوة التي اتخذتها اثنتان من الدول الأكثر إطلاقا لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بالمصادقة على المعاهدة في آن واحد، هي خطوة رئيسية نحو التوصل إلى ذلك الهدف، واستمرار التعاون بين واشنطن وبكين بشأن المناخ، الذي مهد الطريق للتوصل إلى اتفاقية باريس.
وجعل أوباما حماية المناخ، عنصرا مهما لزيارته إلى آسيا، لحضور قمة مجموعة العشرين. وقبل سفره إلى الصين، زار أوباما منطقة محمية بحرية في المحيط الهادي والتقى مع زعماء الدول الجزر في المحيط الهادي، الأكثر تضررا بسبب تغير المناخ في اجتماع، عقد في هاواي.
وأعرب لصحيفة "نيويورك تايمز"، خلال زيارته إلى محمية بحرية في المحيط الهادي، عن اعتقاده أنه اظهر أن الولايات المتحدة يمكن أن تعالج تغير المناخ، دون الإضرار بالنمو الاقتصادي.
وأفادت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن الهيئة التشريعية العليا في النظام الشيوعي أقرت بالتصويت "اقتراح المصادقة" على هذه الاتفاقية التاريخية الرامية لاحتواء الاحترار العالمي (ارتفاع درجات حرارة الأرض) تحت درجتين مئويتين، وإذا أمكن درجة ونصف الدرجة بالمقارنة مع ما كانت عليه حرارة الارض ما قبل الثورة الصناعية.
يتطلب الالتزام بمقتضيات الاتفاقية من الصين بذل جهود جبارة، لا سيما وأنها تنتج نحو 70% من الكهرباء من الفحم وتصدر نحو 24% من الانبعاثات العالمية من ثاني اكسيد الكربون.
وقعت 180 دولة في نيسان في نيويورك على هذه الاتفاقية ولكن دخولها حيز التنفيذ يستدعي ان تقرها الهيئات التشريعية في هذه البلدان او يتم اعتمادها بمرسوم عملا بالآليات المتبعة. وينبغي أن تصادق 55% من الدول الموقعة على الاقل وان يكون مجمل إصدارها من الانبعاثات المسببة للاحترار 55% ليبدأ سريانها.
ولم تصدق سوى 24 دولة حتى الآن على الاتفاقية، وفق الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة، ولا سيما منها الجزر الصغيرة الاكثر تضررا ولكنها لا تصدر سوى 1.08% من الانبعاثات.
وقالت منظمات غير حكومية ومصادر دبلوماسية أن الولايات المتحدة، ثاني ملوث في العالم بغاز ثاني اكسيد الكربون ستحذو سريعا حذو الصين.
تحديات دعم الطاقة الاحفورية
تصديق بكين وواشنطن يعني التقدم بخطوات كبيرة نحو بدء سريان الاتفاقية، إذ ينتج البلدان معا 40 في المائة من انبعاثات الغازات الكربونية العالمية.
وقال الفين لين، من مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية "إنها اشارة تعني ان المجتمع الدولي يتصدى بشكل جماعي للتهديد المناخي. هذان البلدان يعملان على تحويل اقتصاديهما لبناء النمو على مصادر الطاقة النظيفة بدلا من الطاقة الأحفورية (الفحم والنفط والغاز)".
وقال لي شيوان، مستشار المناخ لدى منظمة "غرينبيس" البيئية انه "يتعين على الصين والولايات المتحدة القيام بقفزة كبيرة إلى الامام عبر الكشف عن نتائج تقييم برامجهما المتعلقة بدعم الطاقة الأحفورية". وأضاف ان "الحديث عن انتصار بعد باريس ومواصلة تقديم الدعم إلى صناعات الطاقة الأحفورية لا يتفقان لا بل يكشفان عن نفاق".
مع ان الصين هي أكبر مستثمر في العالم في مجال الطاقة الشمسية، غير أنها وافقت في 2015 على بناء 150 محطة توليد كهربائية جديدة تدار بالفحم الحجري. وازداد استهلاك الصين من الفحم الحجري مرتين خلال العقد الممتد من 2004 إلى 2014، ما زاد من الانبعاثات الملوثة للجو.
وبلغ مستوى التلوث حدا جعل السلطات تغلق خلال شهر آب الماضي محطات حول هانغتشو حتى مسافة 300 كلم لتفادي تشكل سحابة ملوثة خلال قمة العشرين.
وقال لي شيو أن قمة هانغتشو "يجب ان تكون مناسبة لقادة مجموعة العشرين للاتفاق على جدول زمني لإلغاء الدعم المقدم إلى الطاقة الاحفورية".
ويتوقع ان تزيد الدول الكبرى حتى ست مرات أهدافها لخفض انبعاثات الغازات الملوثة حتى 2030، لإبقاء الارتفاع الحراري تحت درجتين مئويتين وفق منظمة شفافية المناخ.
ضغوط المستثمرين
بات التجار والصناعيون أنفسهم يمارسون اليوم ضغوطا. فقد حثت مجموعة من الشركات التي تستثمر 13 ألف مليار دولار (13 تريليون دولار) في نهاية آب مجموعة العشرين على التصديق على اتفاقية باريس قبل نهاية 2016 لتجنب المخاطر المالية الناجمة عن التغير المناخي، من الأضرار التي تسببها الفيضانات إلى التصحر والجفاف وارتفاع مستويات البحار.
وتأمل المنظمات غير الحكومية ان يكون للإعلان الصيني الأمريكي تأثير محفز، في حين قال معهد تحليلات المناخ ان 34 دولة مستعدة للتصديق على اتفاقية باريس قبل نهاية السنة، بينها البرازيل وكندا وإندونيسيا واليابان وإيران.
من ناحيته، وقع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند منتصف حزيران الماضي مرسوم التصديق على الاتفاقية، وينتظر أن تفعل باقي دول الاتحاد الأوروبي ذلك. ونبه هولاند مؤخرا من أن بدء سريان الاتفاقية قبل نهاية السنة "ليس مضمونا".