الزراعة الحضرية... سلة غذاء الفقراء
الزراعة فوق السطوح، زراعة المباني، الزراعة الحضرية وإن تعددت المسميات لكن الفكرة واحدة، فالمدن الخرسانية باتت تزداد اخضراراً، فالحدائق والمزارع الصغيرة على أسطح المباني وفي الأحياء باتت مشهداً مألوفاً في المدن كما هو الحال للمباني الشاهقة وجحافل السيارات.
تعود أصول الفكرة إلى العصور القديمة، حيث اعتمدت العديد من الحضارات على إدماج حدائق منتجة للغذاء، فالمناطق السكنية فشواهد ماتشوبيتشو في البيرو وحدائق بابل في العراق وجنان بني الأحمر في غرناطة تشهد على عراقة هذه الممارسة، وفي العصر الحديث تنوعت وتشعبت أسباب الزراعة الحضرية حيث لجأ الكثيرون إلى الزراعة الحضرية لأنهم يرغبون بتناول فواكه وخضروات طازجة، وأغذية أقل ثمنًا، وبعض الراحة من الحر الخانق في المدن.
بدأ انتشار الزراعة الحضرية بشكل مكثف أوائل القرن العشرين في مدن الولايات المتحدة الأمريكية كشيكاجو وديترويت، نيويورك ومدن أوروبية على غرار أمستردام ولندن وستكهولم، يرجع بالأساس في الرغبة لإيجاد سبل ناجعة لزراعة المزيد من النباتات الغذائية في المناطق الحضرية الكبرى، خاصةً وأن أعداد السكان في الوسط الحضري تجاوز 4 مليارات ساكن في 2015، وما زالت صور اعتماد لندن على حدائق منازلها لإنتاج حاجيتها من الخضار خلال الحرب العالمية الثانية راسخة في الأذهان وضربت مثلا على أهمية هذا النشاط في أوقات الشدائد.
الزراعة الحضرية ...مزارع الفقراء
يعتمد عدد كبير من الفقراء على الزراعة الحضرية فوق السطوح لتحصيل غذاء رخيص وطازج ففي جنوب شرق أسيا يلجأ الملايين من سكان المدن كمانيلا عاصمة الفلبين على سبيل المثال، إلى زراعة أسطح المنازل وتربية الطيور والأسماك في برك لتوفير طعام رخيص وغير مكلف.
كذلك في الوطن العربي، هناك أمثلة عدة على غرار القاهرة أكبر المدن العربية وأكثرها ازدحاماً، حيث بات من المألوف رؤية بعض الحدائق الزراعية فوق أسطح المنازل، كذلك قطاع غزة المحاصر والمكتظ بالسكان، حيث يلجأ سكان القطاع إلى أسطح المنازل لزراعة حاجياتهم الأساسية من الخضار والفواكه لضيق الأراضي المخصصة للزراعة، حتى إن البعض بات يعتمدها كمصدر رزق يوفر دخلاً محترماً لممارسيها يقدر بـ 200 دولار شهرياً، حتى إن بعض الجمعيات الدولية في القطاع باتت تخصص منحاً وحوافز لتشجيع هذا النشاط.
تبقى الزراعة الحضرية وسيلة للتكيف مع نمط عيش جديد بتنا نفتقر فيه إلى استقلالية الإنتاج وغياب الغذاء الطازج على موائدنا، لكن لا يخفى على أحد أن الزراعة فوق السطوح مع الضغوط التي تواجهها الأرضي الزراعية ستكون زراعة القرن في الوطن العربي.