
حافظ البرغوثي
خاص بآفاق البيئة والتنمية
عمل حافظ البرغوثي في مهنة الصحافة إلى جانب رسام الكاريكاتير ناجي العلي في الكويت، وساهم في صحف خليجية أخرى. وبعد عودته إلى أرض الوطن عام 1994، أسس جريدة "الحياة الجديدة" في رام الله برفقة نبيل عمرو، ووقف على رئاسة تحريرها أكثر من خمسة عشر عامًا. ومنذ تقاعده العام الماضي، أصبح البرغوثي متفرغاً في التجوال بأحضان الطبيعة، وصار يوثق بعينة الإلكترونية سكونها وشروقها وغروبها وأرضها الملونة، وطيورها، والعديد من حالاتها، وينشر ما يجمعه عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك).
يقول: بدأت علاقتي بالصورة في سبعينيات القرن الماضي، يومها لم أكن أستخدم الكاميرا، حيث كنت اتنقل برفقة مصور، اقترح عليه اللقطات التي نرغب بها، وفي اواخر السبعينيات كنت أعاني كثيًرا بفعل الصورة، وبخاصة حين نختارها على الصفحة الأولى، فكانت أهم من الأخبار والكلمات. وعندما بدأت بإعداد كتاب عام 1987 حول مرور عشرين سنة على الاحتلال، صار يرافقني مصور مقدسي لمساعدتي خلال مقابلاتي مع الشخصيات المختلفة.
الطبيعة الفلسطينية-تصوير حافظ البرغوثي
توثيق
ووفق الراوي، وحين اندلعت انتفاضة الحجارة عام 1987، كان يستعين بمصورين أجانب، ولم يكن هناك من يمتهن التصوير الصحافي في الشارع الفلسطيني، غير بعض المصورين الأجانب والإسرائيليين، وأضطر لشراء عدسة خاصة به، وراح يوثق الصور في مخيمات الضفة وغزة وبلداتها ومدنها: كبلاطة والنصيرات وطولكرم ونابلس وجنين ورام الله وغيرها، وكان ينشر هذه المواضيع والصور، وصار يمتلك أرشيفاً كبيراً منها، وضعها في حقيبة امتلأت بالأفلام والصور. وأخذ يلتفت منذ ذلك اليوم إلى الطبيعة، ويوثق بعضها، وبخاصة قطع الاحتلال للأشجار، وتدميره للزيتون وبيارات البرتقال، ولكن كانت الصعوبة في نشر المشاهد التي تتحدث عن البيئة بمفردها.
يقول: حين وصلت مرحلة التقاعد، بدأت بمضاعفة شغفي بعادة التجوال والمشي في الطبيعة والبرية، والتقل بين الحقول، والسير في الجبال، وقرب الينابيع، وفي ممرات الأودية. وأول كاميرا اقتنيها حديثا أشتريتها من مطار دبي، وصورت فيها جولاتي اليومية، ولم يكن لدي حسابٌ عبر الفيس بوك فأنشأت واحداً، ورحت أنشر، وأستمع إلى الكثير من التعليقات.
والزائر لصفحة البرغوثي الافتراضية، يجدها معرضاً مفتوحاً ودائماً، يستضيف الطيور والأزهار، والمشاهد الطبيعية من مدن فلسطينية مختلفة، برفقة تعليق يغلب عليه طابع الصحافة الممزوجة بالأدب، والتي لا تخلو من النقد للممارسات الخاطئة.
تصوير حافظ البرغوثي
إهمال
يوالي: اكتشفت من نشر لطبيعتنا، وجود إهمال يصل إلى حد الخيانة للبيئة، يشمل كل الهيئات والمؤسسات التي تتغنى بالأرض، ومقاومة الاستيطان والجدار، والحفاظ على الحياة البرية، فلدينا ألف منظمة حكومية تقول إنها تهتم بالأرض والبيئة، لكن مع كل هذا نحن نجهل التعامل مع البيئة. ووجدت غياب أي مرجعية للحياة البرية في فلسطين، وبخاصة في الأرياف.
بدأ البرغوثي يسأل من يلتقي في جولاته الخضراء عن الأزهار والنباتات العديدة التي يراها، لكنهم كانوا يردون عليه، بأنهم لا يعرفون غير ما يأكلونه وما تأكله أغنامهم، ولا يفرقون بين الطيور التي يرونها: المقيمة عندنا والمهاجرة إلينا.
يفيد: هناك طيور تنقرض، ولا أحد يتعرف عليها، وثمة نباتات برية ترش بالمبيدات الكيماوية دون أي تدخل من أحد، فيقتلون النباتات، كما يفعلون الشيء نفسه عندما يجمعون الأعشاب الطبية البرية، عدا عن القطف الجائر، والرعي. وهذا يثبت إننا شعب "منافق"!
تصوير حافظ البرغوثي
سحر
يسعى صاحب رواية "الخواص" التي نقلت التفاصيل الصغيرة والجميلة لبلدته دير غسانة حيث ولد فيها عام 1950، إلى توثيق ونشر كل ما يراه، ويبحث عن الاسم العلمي لها، ويلتقط لها صورة، دون أن يهتم بمنتجة ما يجمعه، أو إظهار البيئة بشكل أنيق على غير حقيقتها، أو زيادة لمعانها، باستخدام برامج التصميم المختلفة، وإنما يأخذها كما هي بجمالها الطبيعي الساحر.
يقول: اليوم لا نهتم بالبيئة، وهناك اقتلاع للأشجار، وعدم وعي المواطنين بضرورة الحفاظ على النباتات، وتجنب رشها بالمبيدات، وقطفها بشكل جائر من جذورها. والطيور تختفي كالحجل( الشنار)، ووصل ثمن الحسون إلى ألفي شيقل، كما أن الطيور التي كانت تتغذى على الطعام، أصيبت بالانقراض، بفعل عدم وجود أنماط زراعة متداخلة بين كروم الزيتون، كالتين والعنب لتتغذى عليها.
ينهي: أحاول العودة للنمط الزراعي القديم، واتنقل بين المدن والمواقع، وقد تعرفت على الكثير من النباتات فشقائق النعمان بألوان بيضاء، وحمراء، وزرقاء. وأسعى جاهداً للوصول إلى قصة نباتاتنا البرية الصحيحة.
aabdkh@yahoo.com