خاص بآفاق البيئة والتنمية
سحر الطبيعة الخلابة في قرية سنيريا قضاء قلقيلية
على كل زائر يعشق التاريخ والحضارات التي سكنت فلسطين أن يذهب إلى قرية سنيريا في محافظة قلقيلية فسيجد العديد من القصصِ والحكايا المثيرة.
الشيخ محمود راضي إمام مسجد سنيريا يشرح عن القرية: "يحدها من الغرب مدينة كفر قاسم المحتلة عام 1948م ومن الشرق بلدة بديا، ومن الجنوب قرية مسحة، ومن الشمال قرية كفر ثلث وبيت أمين وعزون، وترتفع 740 متراً عن سطح البحر ومساحة أراضيها 13 ألف دونم.
ويعود تسمية سنيريا بهذا الإسم محرفةً من كلمة "سنير" حيث كان الأشوريون والكنعانيون يسمون جبل الشيخ باسم "سنير" بمعنى السنا أو النور وأيضا بمعنى الدرع. يبلغ عدد سكان القرية خمسة آلاف نسمة، وتنحدر عائلاتها من ثلاث عائلات وهي الشيخ وإعمر ويونس وهم من أحفاد الشيخ عيسى السنيري، وهو رجل صالح قدِمَ من سوريا. ويعود تاريخ القرية الى 700 عام، كما يقول الشيخ محمود راضي.
عند مشاهدة القرى الفلسطينية عن بعد لا تعرف ما تحتضنه من تاريخ عريق ومواقع أثرية وتاريخية ودينية الا اذا توقفت والتقيت بأهاليها وسمعت ماذا يقولون، هنا وعند زيارة قرية سنيريا التي تتمتع بتاريخ عريق يعود إلى العصر الروماني، اكتشفنا بأنها تحتضن ثلاث برك رومانية قديمة منحوتة بطريقة هندسية ومسجد قديم يضم كهفاً قديماً ومقام الشيخ عيسى السنيري، وخربة التنورة والبيوت الأثرية القديمة.
البرك الرومانية في قرية سنيريا
البرك الرومانية الأثرية
عندما تقف على أعلى قمة الجبل من الجهة الشمالية لقرية سنيريا يجذبك سحر الطبيعة الخلابة والإطلالة الرائعة على الساحل الفلسطيني المحتل حيث يكتمل تناسق جمال الطبيعة بوجود أكبر وأجمل البرك الرومانية القديمة التي تعود الى العصر الروماني، وتتكون من ثلاث برك يطلق عليها أهالي القرية البرك الرومانية، وكذلك المعصرة، وأكبر بركة تحتوي على غرفة منحوتة في الصخر يوجد فيها باب صغير يحتمل أنه كان يستعمل لتخزين المياه في الشتاء، والبركة الثانية كانت تستخدم لتخزين الحبوب وفقاً لأبحاث أثرية يعود عمرها إلى أكثر من ألفي عام.
البرك الرومانية الأثرية في قرية سنيريا
مدير السياحة والآثار في محافظات الشمال مفيد صلاح يقول بأن البرك الرومانية في سنيريا تعد أهم المواقع الأثرية، وهي عبارة عن مساحة تتكون من 16 دونماً موجودة فيها ثلاث برك رومانية أكبرها حجماً تقع على مساحة دونمين من الأرض وهي محفورة في الصخر ويوجد بداخلها غرفة منحوتة بذات الطريقة ولها فتحه من أعلى، وباب منحوت في الصخر من الجهة الجنوبية.
يضيف صلاح بأن هذه البرك كانت تستخدم قديماً لتخزين المياه في الشتاء، والبركة الثانية لتخزين المؤن والعتاد العسكري ومرابط لخيول للجيش الروماني الموجود في المنطقة قديماً، حيث كانت هذه البرك بمثابة مقالع للصخر من أجل بناء تحصينات عسكرية رومانية آنذاك.
|
|
برك رومانية أثرية مهملة في قرية سنيريا قضاء قلقيلية |
بركة رومانية في قرية سنيريا قضاء قلقيلية |
البرك الرومانية منحوتة بطريقة فنية وبأشكال هندسية رائعة وتشكل لوحة معمارية رائعة، شيخ القرية محمود أحمد رابي يقول بأن هذه البرك منحوتة بطريقة هندسية غاية في الدقة والروعة.
ويقول رابي بأن أهالي القرية كانوا ينقلون الماء من البركة الكبيرة الى بيوتهم، والبرك الأخرى كان يستخدمها أهالي القرية للسباحة والترفيه خاصة في فصل الربيع.
جمال هذه البرك وبهاؤها جعلها محط أنظارٍ للزائرين، حيث يقول المواطن محمد الشيخ بأن البرك الرومانية منحوتة في الصخور وتمتلئ بالمياه في فصل الشتاء ومنظرها رائع جداً جعلها متنزهاً لأهالي القرية.
ويقول المواطن علي الشيخ بأن منطقة البرك تحتاج إلى اهتمام أكثر من قِبل الجهات المختصة والأهالي، حيث تمتلئ بالحجارة والأكياس البلاستيكية والقاذورات.
وطالب المواطن علي الشيخ بتنظيف هذه البرك وترميمها والحفاظ عليها والترويج لها وتشجيع الرحلات الداخلية والخارجية إليها، من أجل توعية أبنائنا ونقل التاريخ إلى الأجيال القادمة.
|
|
المسجد القديم في قرية سنيريا |
جانب من الجامع التاريخي في قرية سنيريا قضاء قلقيلية |
مسجد سنيريا القديم
يعد مسجد سنيريا القديم أحد أهم المواقع الأثرية والدينية في محافظة قلقيلية، حيث يقع وسط القرية على تلة مرتفعة وتحيط به بيوت البلدة القديمة، ويعود تاريخ هذا المسجد الى عام 777 هجري أي منتصف العهد المملوكي.
ويقول إمام المسجد محمد رابي بأن المسجد يتكون من طابقين الأول يعود للعهد المملوكي والثاني وهو الجديد، تم تأسيسه في العهد العثماني، ويحتوي على ثلاثة أضرحة لمؤسس قريه سنيريا الشيخ عيسى السنيري وأفراد عائلته. وبني هذا المسجد على نظام الفن المعماري الإسلامي ويحتوي على أقواس وزوايا وعقود وقباب ويوجد على المدخل الرئيسي للمسجد القديم أحجار رسم عليها النجمة الثمانية وشعار الدولة المملوكية.
|
|
المقام الأثري في قرية سنيريا |
داخل المقام الأثري في قرية سنيريا |
ويوجد على مدخل الغرفة الصغيرة الموجود فيها ضريح الشيخ عيسى السنيري حجر كبير كُتب عليه بالخط العربي: " بسم الله الرحمن الرحيم أمر بتجديد هذا المسجد المبارك العبد الفقير إلى الله تعالى الشيخ الصالح زين الدين عمر بن المرحوم الشيخ عيسى السنيري نفع الله به، وذلك في شهر ربيع الأول من شهور سنة تسع وسبعين وثمانمائة أحسن الله عاقبته آمين"
يشير المواطن يونس رابي إلى أنه يوجد في الجهة الجنوبية من المسجد نافذة صغيرة تؤدي إلى هياكل عظمية مبعثرة وبقايا كفن وهم رفات لأشخاص كانت جثثهم شبه مكتملة " يكسوها الجلد والشعر" وملابسهم مازالت باقية في هذه الغرفة، وقد كان لها باب وشباك قام أهالي القرية بإغلاقه حفاظاً على رفات الموتى، وبحسب الرواية الشعبية المنتشرة في القرية فإنهم" أصحاب الكهف".
عند الوقوف على مدخل المسجد والنظر إلى الجهة الجنوبية يشاهد الزائر بيوت البلدة القديمة المتلاصقة والمتماسكة ببعضها البعض والمبنية بطريقة هندسية بحجارتها الضخمة وأبوابها الخشبية القديمة. وعند دخول بعض هذه البيوت لن يشاهد الزائر سوى بيوت العناكب وأعشاش الحمام والحجارة التي تساقطت بفعل الأمطار، ومن الخارج النباتات الخضراء التي تنبت بين شقوق الحجارة على جدران تلك البيوت.
عند دخولنا لتلك البيوت نسير أسفل "سرداب طويل" مبنيٍ بحجارة كبيرة يصل الحارات القديمة بعضها البعض حتى الوصول إلى حوشٍ كبير كان يجتمع فيه أهالي القرية للمناسبات المختلفة.
أسامة الشيخ الذي يعمل في المجلس القروي في سنيريا يقول بأن القرية تضم عدة خُرب ومنها خربة التنورة التي تقع شمال القرية، وفيها معالم أثرية محفورة بالصخر ومنها معاصر للزيت والعنب ومغارة ما زالت شاهدة على حقبة تاريخية تعود الى 2000 عام، وفيه خربة البساتين تقع في الشمال الغربي من سنيريا وتحتوي على أبنية متهدمة وبقايا معصرة زيت قديمة.
ضريح الشيخ عيسى السنيري