خاص بآفاق البيئة والتنمية
اختارت الشابة ميساء نصر الله اسم (طوباسي) لما بدأت تنتجهُ من قطع صابونة ملونة بشجرة المورنغا وحليب النوق وإكليل الجبل والميرمية والأعشاب.
تقول وهي تستعد لتقطيع وجبة جديدة من الصابون:" أنتجُ هذه المواد من الطبيعة، واخترت الطريقة الباردة كونها الأكثر سلامة للصحة، ولأننا لا نحتاج إلى طاقة وحرق وقود، كما أن الزيوت التي نضعها في خلطة الصابون تفقد خواصها وتتبخر وتتفاعل جراء الحرارة المرتفعة."
وتجلس أبو محسن، التي أبصرت النور في طوباس عام 1981 في معملها وسط مدينتها العتيقة، وتسرد حكاياتها، وكيف أنها تعمل بمفردها معظم الوقت، وتواجه الكثير من العراقيل، ومع هذا ترفع شعار ( النجاح أو النجاح).
مسيرة
تضيف:" درست في كلية العلوم لعام واحد، وحالت الظروف المادية دون استمراري فيها؛ بسبب أقساطها الباهظة، ثم اتجهت للتربية الابتدائية، وتخرجت عام 2006، ولم أعمل بشهادتي إلا شهرًا بديلة وشهران في التعليم المساند، وسجلت عام 2011 في دبلوم مهني بإدارة الجمعيات التعاونية ببيت لحم، والتحقت بدورات تدريبية ضمن جمعيات خيرية محلية على صناعة الصابون، وحصلت على تدريب من فريق ياباني كان يهتم كثيرًا بالعودة إلى الطبيعة، وتجنب استخدام الكيماويات في خلطات الصابون."
وبحسب أبو محسن، فإن مسيرتها مع الصابون لم تكن سهلة، فبعد اجتياز الدورة والشروع في إنتاج الصابون البارد، سحبت الجمعية معدات التصنيع، وانفرط عقد المجموعة الشريكة وسيداتها، لتبدأ بالبحث عن إكمال مشروعها منفردة، حتى تقدمت لمؤسسة الشرق الأدنى لفكرة مشروع ريادي للشباب. مثلما استطاعت الحصول على منحة بخمسة آلاف دولار، وبعدها ضمت الخمسينية مسعدة بشارات لمعملها، وصارت تتزود بالأعشاب العضوية التي تنتج في حديقة بشارات ببلدة طمون المجاورة.
ميساء نصر الله صانعة الصابون من الزيوت الطبيعية
طبيعة
تفيد:" ننتج صابون المورنغا ( الشجرة المعجزة كما يسميها البعض)، الذي يحتوي على مادة مضادة للالتهابات ويعالج البشرة التالفة، ويقلل علامات تقدم السن. مثلما اشتهرنا بصابون حليب النوق، الذي يعالج الكلف والنمش، أما صابون الروزماري (أكليل الجبل) فسيتعمل لتعقيم البشرة. ونُقدم صابون خلطة أعشاب (ميرمية وزعتر وبابونج وإكليل الجبل مجتمعة) ليعالج حب الشباب. وطورنا نوعًا جديدًا هو صابون الميرمية الذي يستعمل لتعقيم البشرة."
استطاعت ميساء أن تسوق منتوجها الطبيعي في رام الله ونابلس وطولكرم وأريحا، ويقف والدها داعمًا لمبادرتها الذاتية. وأخذت تُكثّر مساحات الحديقة العضوية التي ترعاها بشارات، وراحت تطور من شكل قطع الصابون، وشرعت تقدمها بطريقة جديدة، وبدأت تقدم عينات صغيرة للتشجيع على التخلص من صابون الكيماويات.
عوائق
تسرد:" تحتاج قطعة الصابون لعمل شاق حتى تصل يد الناس، فنبدأ بالخلطة الباردة، ثم نقطعها بشكل أولي، وننقلها لفترة حضانة تستمر إلى 22 يومًا، وبعدها نعيد تنظيفها وتغليفها، ونستفيد من الزوائد التي تنتج من القطع لأغراض أخرى."
تواجه أبو محسن عوائق في الوصول إلى زيوت طبيعية، فالمتوفر في السوق مغشوش، أو تجاري أو موجود داخل فلسطين المحتلة عام 1948، وتبحث عن المنتج العضوي، الذي تفحص منه عينات صغيرة قبل تجهيزات كميات كبيرة. وسبق أن جربت صناعة صابون من زيت الزيتون القديم، فوجدت أنه لا يصلح، وبه الكثير من العيوب. أما حليب النوق فتحضره من منطقة المالح بالأغوار الشمالية أو من مزرعة محلية بجنين.
تتابع:" حصلت على لقب أفضل مشروع ريادي عام 2014، من مؤسسة شباب الغد، وسافرت إلى شيكاغو وواشنطن، وأقمت متدربة لثلاثة أسابيع في مصنع مواد غذائية أقامه مالكه ليتخلى عن المواد الكيماوية، وكنت أراقب خلط الموز بالشوكلاته الطبيعية، وخلطات أخرى وتلقيت محاضرات في جامعة ديبول، وقدمت عرضًا لمشروعي، وكانت تجربة ثرية وملهمة."
ميساء نصر الله فنانة إنتاج الصابون ومواد التجميل الطبيعية
صمت
تعمل أبو محسن بصمت وفي الظل أيضاً، ولم يصل صوتها لمسؤولين محليين اقترحت عليهم تقديم منتجات عضوية وطبيعية للزوار الأجانب، ومسانداتها لتوسيع مشروعها وتشغيل أيدٍ عاملة وزراعة مساحات خاصة بالمعمل في أراضي المحافظة الشاسعة.
تكمل الثلاثينية والعضو في المجلس الاستشاري لمحافظة طوباس:" استمع للكثير من الأصوات التي تحبطني، وأجد صعوبة في توفير التزامات مادية لدفع مستلزمات مبادرتي، ولا أستطيع المشاركة بالمعارض لتكاليفها المرتفعة، وأتمنى أن يُصنف الصابون الطبيعي الذي ننتجه كعلاج طبيعي يشق طريقة للصيدليات، وأن تتمكن من المشاركة في معارض بتركيا لفتح آفاق جديدة."
تنهي:" أتمنى أن نعيش التجربة التركية في فلسطين، لنحظى بدعم الصناعات وتصديرها، والقفز عن كل العقبات التي تلاحقنا، وأولها الحرية الاقتصادية."
aabdkh@yahoo.com