هل نعيش بمأمن من الغازات السامة: الديوكسين ... السم البطيء

المبنى الجزيئي لغاز الديوكسين
جامعة بوليتكنك / فلسطين
إن حرق النفايات والحاويات ظاهرة يومية في بلادنا يبدو أنها لن تختفي. يشعر المتسبب في حرق النفايات بالرضا للتخلص من الأكوام المتراكمة من النفايات وتقليص حجمها وتحويلها الى رماد، لكن لا يعلم ما الذي تسبب به وما المخاطر التي ساهم في تكونها. النفايات الصلبة بطبيعتها تحتوي على كميات متفاوتة من الكرتون والبلاستيك والمواد العضوية وإطارات السيارات وغيرها الكثير. عند حرق الحاويات أو أكوام النفايات تنبعث الغازات والأدخنة والحبيبات المتطايرة في الجو وتنتشر لمسافات كبيرة مسببة تلوثاً في الجو العام وتقليلاً لجودة الهواء المستنشق. أحد هذه الغازات الناتجة هو الديوكسين (السم البطيء). فما هو الديوكسين ومن أين يأتي ولماذا يسمى السم البطيء؟
الديوكسين هو ملوث خطر يصنف ضمن القائمة القذرة من الغازات. ينتج هذا الغاز نتيجة حرق المواد البلاستيكية متعددة الكلورة وبقايا المبيدات الحشرية. من خصائص هذا الغاز أنه مستقر كيميائياً ولا يتحلل بوجود البكتيريا ويتراوح عمر النصف له من سبع الى أحد عشر عاماً. عند انتشار هذا الغاز في الجو يترسب على الأعشاب والتراب فتتعرض له المواشي، ويتميز هذا الغاز بذائبيته العالية في الدهون فيتراكم في الأنسجة الدهنية للحيوانات والإنسان، وأيضاً ينتقل إلينا عبر حليب الأبقار والخضراوات الملوثة به فيحدث ما يسمى بتضاعف تركيزه في السلسلة الغذائية، مما يزيد من سميته وقدرته على إحداث الضرر في أجسامنا.
يصنف الديوكسين على أنه من أكثر السموم الكيماوية التي عرفها الإنسان فتكاً، حيث يؤثر على الصحة العامة وبعنف. رجوعاً إلى دراسات عالمية وتجارب عديدة أجريت على الحيوانات المخبرية فإن غاز الديوكسين بإمكانه إحداث مشاكل إنجابية وإنمائية وإلحاق أضرار بالجهاز المناعي وعرقلة الهرمونات والتسبّب في الإصابة بالسرطان. وتشمل التأثيرات الصحية للديوكسين: السكري، وتأخر التعلم والنمو، وطفح الجلد، وتشوهات الكبد والورم البطاني الرحمي، وشذوذات في النظام المناعي. وتعتمد شدتها على عوامل متعددة، منها: طبيعة الديوكسين، مستوى التعرض ومدته، الوضع الصحي الأصلي للشخص المعرض.
إن هذا الملوث يحتاج إلى حل جذري، بل ويحتاج إلى تعديل في ثقافة الناس وإلغاء ظاهرة حرق النفايات في الحاويات وعلى أطراف الطريق. النفايات الصلبة وادراتها عالم واسع يطرح حلولاً خلاقة للاستفادة من معظم النفايات وتلاشي أضرارها، في كثير من البلدان، يوجد ما يسمى بالحرق الآمن حيث يتم التحكم بكل الغازات المنبعثة وتحويلها إلى غازات صديقة للبيئة وهذا يشمل الديوكسين.
مع تقدم البشرية المستمر وتحسن الخدمات وظروف الحياة، قام الإنسان بإفساد حياته تدريجياً عن طريق السموم التي صنعها، بقصد أو بلا قصد فتتعرض البيئة الآن لأنواع خطيرة من الملوثات التي لها آثار مباشرة وسلبية على صحة الإنسان. ويبقى السؤال عالقاً في أذهاننا ’’هل نعيش بمأمن من الغازات السامة؟ وهل يستطيع الإنسان تعديل نمط معيشته لتلاشي هذه السموم؟ ''