خاص بآفاق البيئة والتنمية
مع بداية شهر نيسان الماضي، تصاعدت الحرائق بشكل لافت في مختلف أنحاء البلاد، في حين أن 70% من هذه الحرائق سببها الاهمال. كما يؤكد الدفاع المدني الفلسطيني.
هطول الامطار الغزيرة على المنطقة وتوزيعها على مدار موسم الشتاء الماضي، أدى الى نمو الاعشاب في المراعي والاراضي بشكل متسارع وكثيف. ومع بداية شهر الربيع بدأت الاخبار تتوارد عن وقوع حرائق هنا وهناك، رغم كل التحذيرات من مغبة وقوع مثل هذه الحوادث.
2200 حريق خلال شهرين
تشير الارقام الصادرة عن الدفاع المدني الى وقوع 2200 حريق في أنحاء الضفة الغربية منذ بداية شهر حزيران وحتى منتصفه، بمعدل أكثر من 140 حريقا يوميا. وتوجد بعض المناطق التي تكررت فيها الحرائق ويمكن وصفها بأنها ضخمة مثل ريف نابلس الجنوبي، ومناطق في شمال رام الله، الخليل، اريحا، بيت جالا، كما يقول محمد يعقوب من العلاقات العامة والاعلام في الدفاع المدني.
حرائق الصيف تندلع في مختلف أنحاء الضفة الغربية
الاهمال تسبب بــ 70% من الحرائق
يبين يعقوب بأن " 70% تقريبا من هذه الحرائق كان سببها الاهمال، الذي يندرج تحته، عبث الاطفال، والتخلص من الاعشاب عبر حرقها، واستهتار طلبة المدارس أو رمي أعقاب السجائر على جوانب الطرقات، اضافة الى اخطاء المتنزهين في الجبال حيث يوقدون النيران دون اخمادها بعد الانتهاء من التنزه". مشيرا الى أن الحريق لا يحتاج سوى شرارة ليمتد ويلتهم عشرات الدونمات ويسبب الارهاق والاستنفار لطواقم الاطفاء والانقاذ.
ارتفاع تكاليف الانتاج
اضرار كبيرة تسببها الحرائق للبيئة والتنوع الحيوي، فالكثير من الاصناف البرية مثل النباتات والبذور يتم القضاء عليها، ما يؤثر على نموها في المواسم اللاحقة، وهذا الامر يؤثر بطبيعة الحال، على المراعي الطبيعية التي تحتوي على الكثير من النباتات البرية، كما يوضح علي غياظة الوكيل المساعد في وزارة الزراعة. مضيفا أن "هلاك المراعي يؤدي الى إلحاق خسائر فادحة بمربي المواشي، لأنهم يعتمدون بشكل أساسي على المراعي الطبيعية في تغذية حيواناتهم، عندما تحرق المراعي، يضطر المزارع للجوء الى الاعلاف التي سيرتفع سعرها، ما يؤدي الى زيادة تكاليف الانتاج، وبالتالي ارتفاع اسعار اللحوم. ناهيك، عن أن بعض المزراعين قد يضطرون لبيع مواشيهم والتخلي عن هذه المهنة، لأنها اصبحت مكلفة وتلحق الخسائر بهم".
من ناحية اخرى، أوضح غياظة أن "النباتات تؤدي الى امتصاص الكربون من الجو، وتحسين البيئة، وفي حالات الحرائق الأمر يؤدي الى اضرار بيئية، حيث تزيد نسب الكربون والتلوث ويزداد التأثير السلبي على الصحة العامة". اضافة الى ما سبق قال غياظة: "هذه الحرائق تؤدي الى انجراف التربة في اوقات سقوط الامطار وزيادة عوامل التصحر، لأن النباتات تعمل على تثبيت التربة، ناهيك عن تأثيرها على الحياة البرية للحيوانات التي يموت بعضها كالزواحف، أو يهاجر بعضها الآخر كالطيور، وربما هلاك بعضها، بفعل حرق اعشاشها الموجودة على الاشجار".
حرائق الصيف في الضفة الغربية
الاغوار..المتضرر الأكبر
علاوة على الاهمال الذي تسببه غالبية الحرائق في الاراضي الفلسطينية، فإن الاحتلال الاسرائيلي له اليد الأكبر في الحرائق التي تندلع في مناطق الاغوار الشمالية على وجه الخصوص. يقول الخبير في الاستيطان وانتهاكات الاحتلال في الاغوار عارف دراغمة، ان 99% من الحرائق في الاغوار ناتجة عن التدريبات العسكرية الاسرائيلية التي تتم في معظم الاحيان بالذخيرة الحية، حيث تطلق آلاف القذائف والرصاصات، ما يؤدي الى اندلاع الحرائق في المراعي والمزروعات.
وأضاف دراغمة "في الموسم الجاري، أحرقت التدريبات والمناورات أكثر من 1000 دونم مزروعة بالقمح والشعير والبيكة، اضافة الى أكثر من 12 الف دونم من المراعي الجبلية، وهذا الأمر ادى الى الحاق خسائر باهظة بالمزراعين ومربي الثروة الحيوانية، خصوصا أن غالبية السكان في منطقة الاغوار يعتمدون على الزراعة وتربية المواشي".
معظم حرائق الأغوار الفلسطينية المحتلة ناتجة عن التدريبات العسكرية الإسرائيلية
منطقة المالح
توجد في منطقة المالح في الاغوار 13 قرية فلسطينية، تعيش فيها 450 عائلة، تأثرت بشكل كبير من حرائق التدريبات العسكرية، حيث اضطر المزراعون لشراء الاعلاف، علما أن سعر الطن يصل الى 530 دولار، وهذا الأمر زاد من التكاليف على السكان، ووضعهم في وضع اقتصادي صعب، فيضطرون الى بيع جزء من مواشيهم لشراء الاعلاف، أو حتى بيعها كلها، والرحيل عن المنطقة، كما يوضح دراغمة.
وأضاف دراغمة الذي يرأس مجلس محلي المالح في الاغوار أن " الاشجار البرية أيضا في منطقتنا تضررت بشكل كبير، حيث تم حرق شجر السدر والخروب، بالاضافة الى حرق النباتات البرية وبذورها، مثل الزعتر والعكوب، والحاق الاضرار بالطيور والحيوانات البرية".
ويتعرض سكان منطقة الاغوار للاخلاء والتهجير عن مساكنهم بشكل متكرر من قبل جيش الاحتلال الذي ينظم مناورات عسكرية على مدار العام، بالاضافة الى التضييق عليهم بمنعهم من البناء والتوسع، وعدم توصيل المياه والكهرباء، في حين أن 7 مستوطنات ، و6 معسكرات اقيمت على هذه الاراضي تنعم بكل شي من مياه( 14 نبعة تمت سرقتها) أما أصحاب الارض فهم محرومون من كل شيء.
معظم حرائق الصيف سببها الإهمال
الغابات..أضرار أقل
تقول وزارة الزراعة على لسان مدير الغابات والمراعي فيها باسم حماد، ان اضرار الحرائق هذا الصيف كانت محدودة على الغابات، لأنها كانت سطحية ولم تؤثر كثيرا على الاشجار الحرجية المزروعة في أنحاء البلاد.
وسائل عديدة تتبعها الوزارة لعدم وصول الحرائق الى الغابات مثل شق طرق ترابية في الغابات وهي ما تعرف بخطوط النار لمنع امتدادها من منطقة لأخرى وسهولة اطفائها، هذه الطرق تحاصر النيران، وتتيح المجال لطواقم الاطفاء بالوصول الى اماكن الحوادث، بالاضافة الى توزيع مبيدات للأعشاب على مواقع الغابات ورش أطرافها وجوانب الطرقات الرئيسية، التي عادة ما تبدأ منها النيران بسبب اعقاب السجائر، أو العبوات الزجاجية التي تكون في بعض الاحيان مصدرا للحرائق. يقول حماد.
واضاف حماد "نحاول قدر الامكان توعية المواطنين اما عبر الرسائل القصيرة والاعلانات في الاذاعات المحلية واللقاءات الصحفية، ودائما ما ننصح المزارعين بعدم التخلص من الاعشاب من خلال حرقها خصوصا في الاجواء الحارة. كذلك نقدم التوعية للمتنزهين بالحذر لدى اشعال النيران والتأكد من اطفائها". مشيرا الى توقيع اتفاقيات مع البلديات لإقامة متنزهات في الغابات لتنظيم الرحلات العشوائية ومحاولة الحد من الحرائق الناتجة عن التنزه.
وفقا لسلطة جودة البيئة فإن عدد الغابات والمحميات الطبيعية الفلسطينية بلغ 93 في الضفة الغربية و13 في قطاع غزة على مساحة 232 كلم2، وبلغ مجموع مساحة الأراضي الحرجية المسجلة 221,933 دونما حيث نقصت بما يعادل %29 مما كانت عليه سنة 1974، ومثلت ما نسبته %3.7 فقط من مجموع الأراضي الفلسطينية. أما مجموع مساحة الأراضي الحرجية المكسوة (الطبيعية والصناعية) سنة 1974، فلقد بلغ مقدارها 208,536 دونما، ووصلت اليوم إلى أقل من 85,500، حيث نقصت بما يعادل %59 مما كانت عليه سنة 1974".