خاص بآفاق البيئة والتنمية
منوى جرار تدور بقايا الأقمشة إلى ملابس أنيقة وجميلة
تمسكُ الأربعينية منوى جرار بأحدث فستان أطفال صممته من بقايا القماش، وتقص سيرة شغفها في ابتكار تصاميم جذابة، وحرصها على تدبير ملابسٍ لأطفالها منذ نحو 20 سنة، بإنتاج ذاتي.
وقالت: "لم أوفق في إكمال تعليمي، وطورت هواياتي، وكنت أرافق أختي الكبيرة في دورة لتعليم الخياطة في بعض الأحيان، وعلمت نفسي بنفسي، واشتريت لاحقًا ماكينة للخياطة، وبدأت بجمع بقايا القماش، وصرت أفصّل لأولادي: احمد، وبثينة، ومهدي، ومؤيد كل ملابسهم، وصممت لابنتي كل زيها المدرسي، وخلال طفولة الأبناء، لم نكن نعرف أسواق الملابس، فكل ما يحتاجونه أوفره بيدي".
اكتفاء
ولم تتوقف مهارات جرار عند التدوير، فقد بدأت في وقت مبكر من حياتها، بالاعتماد على ذاتها، وصارت تجيد صيانة الغسالة، وتنسيق الحديقة، وحتى بناء جدران الاسمنت لمزرعتها الصغيرة في قرية الهاشمية بمحافظة جنين.
وأضافت بسعادة: "لم يكن أطفالي بحاجة للذهاب إلى الحلاّق، فقد كنت أقص لهم شعرهم في المنزل، وصنعت لهم ألعاب العيد، وأول قطعة أعددتها كانت فستان ابنتي، وقبل أسابيع، صممت لحفيدتي شام ( عام ونصف) فستان فرح".
ووفق جرار، فإن ما يتوفر في الأسواق من ملابس وألعاب مرتفعة الثمن، وقليلة الجودة، لكن ما يُصنع محليًا متين، وجذاب، ويحتاج أقل من ربع التكلفة، والأهم لا مثيل له في السوق، فالفستان في المناسبات يطلب به التجار 150-200 شيقل، لكن يمكن صناعة أفضل منه في البيت بـ50 شيقل فقط.
منوى جرار سيدة التدوير
توّفير
وتابعت: صممت غطاءً لمقاعد الجلوس ونجدته بنفسي، وهو متين منذ 23 سنة، ووفرت أضعاف ما يطلبه المنجدون، والأهم أنني أوجدته بطريقة جديدة، وغير شائعة في البيوت.
وتحرص منوى على تدوير الأواني البلاستيكية حيث تصنع منها تحفاً وأدوات مكتبية وألعابًا، وتبتكر الكثير من أدوات المطبخ، وتضيف لمسات خاصة إلى مقتنيات المنزل.
وأضافت: "صممت لجاراتي وصديقاتي مجسمًا لفستان زفاف، ووضعته في هدية للعروسين، وأهم شيء أنني لا أقلد أحدًا، وأحب أن أقدم الأشياء بطريقة جديدة وغريبة".
ذهبت جرار إلى السوق لشراء أرجوحة لحفيدتها، لكنها لم تجد ضالتها، فالبضائع المنتشرة بجودة متدنية، وبثمن مرتفع، فتخلت عن الفكرة، وبحثت عن البدائل، وصممت بنفسها أرجوحة بمبلغ زهيد.
ولا تنحصر إبداعات الراوية بالقماش والمواد المستخدمة فقط، بل توفر جزءًا من طاقتها لإعادة استخدام المياه الرمادية، وتروي بها حديقة منزلها، فيما صممت إكسسوارات من القماش لمقود السيارة.
أحلام
ورأت جرار النور عام 1972، وكانت أحلامها تحلق فوق مهنة التمريض، لكنها لم تستطع الالتحاق بالثانوية العامة لظروفٍ قاهرة، إلاً أنها عملت بالخياطة لتعين زوجها ناصر الذي يعمل سائقًا.
وزادت: "أحلم اليوم بتأسيس معمل في المنزل لإنتاج الملابس، والتدوير، وأحب أن أتخصص في ملابس الأطفال، وبوسعي تقديم نماذج جديدة وبأسعار زهيدة، وجودة تتفوق على البضائع المستوردة، التي تتلف بعد وقت قصير من الاستعمال".
التحقت جرّار بالتطوع في الجمعية النسائية للتراث الشعبي في جنين القديمة، وبدأت بنقل فنون يديها إلى متطوعات الجمعية، فصار بعضهن يطلب أشغالاً يدوية منها، ويتأثرن بتجربتها.
وقالت رئيسة الجمعية هيام عبد العفو أبو زهرة: إن منوى تجمع بيدها مهارات عديدة، وهي طاقة كبيرة، تمثل نموذجًا للفلسطينية المبدعة.
وتابعت: "أول عبارة ملهمة قالتها لنا جرّار يوم طرقت باب الجمعية لأول مرة " أستطيع أن أصنع كل شيء."
تنهي جرّار: "ما دفعني لصيانة أدوات المنزل، المماطلة من الفنيين في تلبية احتياجاتنا، وسهولة الفكرة، وتوفير الكثير من الوقت والمال والانتظار".
aabdkh@yahoo.com