حماسة وضحكات الأطفال في ملعب مرج نعجة
خاص بآفاق البيئة والتنمية
حين تسأل أهالي قرية مرج نعجة في الاغوار الوسطى عن حال الملعب قبل التأهيل، تتغير ملامح وجوههم، حيث تظهر اشارات الاشمئزاز. يُفهم لاحقاً وتُدّعم ذلك الصور الصادمة (قبل وبعد)... أن الملعب كان مكب نفايات كريه، نتن الرائحة، يعج بالحشرات والثعابين والعقارب.
والأنكى من ذلك كما يتساءل الكثيرون: "كيف يعقل أن يكون مدخل قرية جميلة ومزدانة بالخضرة كـ مرج نعجة بهذا السوء؟؟" لا بل جاءت المكرهة على متنفس الشباب والأطفال الوحيد "الملعب"، الذي بني في خمسينيات القرن الماضي للترفيه عن أبناء مرج نعجة، لكنه تحول مع السنين ولانعدام المتابعة من المجلس المحلي الى معلم سيء تتخطى رائحته مئات الأمتار لتصل باحات البيوت السكنية، حيث الاطفال يلعبون والكبار يستريحون ويلتقون الزوار.
ملعب مرج نعجة على أنقاض مكب النفايات
روح المبادرة بدأت من الشباب اليافع
هذا الحال، إن لم يحرك ساكناً لكبار القرية، فقد دفع بشبابها المبادرين من طلبة مدرسة "مرج نعجة" بالتقدم بفكرة اعادة احياء الملعب من المؤسسة التي ما تنفك تساند أهالي الاغوار في محنهم المحتلة في ظل سيطرة الاحتلال: "مركز العمل التنموي "معا"، وفعلاً لم يرفض المركز مشروعاً بنّاءً من هذا النوع، وتم تقديم الدعم اللازم.
في غضون أيام، تم جرف أكوام النفايات ونقلها الى مكب عام، ثم جرى تأهيل الأرض لتحاكي ملعباً لكرة القدم، فيما تم تجهيز الأرض المجاورة بألعاب من منزلقات وأراجيح للأطفال، وتم فرش الأرض بالرمال وتسييج الحديقة بالشيك.
على بعد أمتار من الملعب يقطن السيد جهاد ابو هلال "ابو وديع" خمسيني مع اسرته وأبنائه، كان يشغل منصب نائب رئيس مجلس كفر نعجة سابقاً، يرينا بالصور حال الملعب قبل وبعد، مثمناً دور مركز معا الرائد في حل الأزمة ومنتقداً المجلس الذي كان سبباً في تفاقم الوضع جرّاء عدم معالجة الظاهرة من بدايتها وعدم قدرته –أي المجلس- جباية مبلغ رمزي شهري من السكان لمعالجة مشكلة النفايات.
وعلى الرغم من أن مشكلة النفايات قد حلت اليوم، وأصبح مدخل القرية أكثر اشراقاً وأملاً بالقدرة على التغيير نحو الأفضل، إلا أن أبو وديع يرى ضرورةً في ضخ دماء شابة في المجلس تستشعر احتياجات قريتها وتسعى للارتقاء بها نحو الأفضل.
ملعب مرج نعجة
من مدخل قرية كريه إلى آخر ملون بالخضرة وبألوان ألعاب الأطفال الزاهية
وعلى الرغم من تهديد الاحتلال بهدم أجزاء الملعب كونه يقع على منطقة جـ بإخطار هدم ارسل الى مركز معا أثناء العمل به، إلا أن الأخير استمر مُكملاً العمل مندفعاً بحماسة حب التغيير والتخفيف عن أطفال وشباب الأغوار وطأة الظروف القاسية التي فرضت عليهم.
الزوجة أم وديع سيدة أربعينية تقول وهي تنظر الى الملعب المطل من باحة منزلهم: "كان أحفادي لا يغادرون باحة المنزل، اليوم صرت آخذهم للملعب ليلعبوا مثلهم مثل باقي الأطفال".
وتكمل: "لم نكن نستطيع الجلوس في باحة منزلنا من الروائح الكريهة التي تفوح بشكل لا يطاق من المكب، عدا عن روائح الحريق الأكثر فظاعة... كنا نخجل من الأقارب البعيدين حين يمروا من مدخل قريتنا، أما اليوم فالحال قد تبدل "180 درجة".
ما يثلج صدور أهالي مرج نعجة اليوم، رؤية الملعب في الربيع يزهو بالخضرة، ويمتلئ باللاعبين والمتفرجين، وتتعالى في أجوائه هتافات وصرخات المشاركين الحماسية، تفاعلاً مع نادي شباب زبيدات مقابل مرج نعجة، حيث تنظم فيه مباريات كرة القدم بأوقات محددة. كما أصبح للأطفال مكان آمن يلهون فيه ترافقهم الأمهات اللواتي يلتقين مع بعض ويتبادلن الدردشة. أجواء مفعمة بأوقات من الفرح رغم الواقع، وشباب مفعمون بالحياة ومؤمنون بقدرتهم على التغيير.