خاص بآفاق البيئة والتنمية
أرض بيضاء وذكريات سوداء!
غيّب الموت في الثاني عشر من كانون الثاني الفارق الثمانيني خليل أحمد أبو زهرة، مما قاله لنا قبل رحيله، بصوت أجش، ودموع أخفاها بكفه: لم نر الثلج في صبارين، وسمعت من والدي أن حيفا صارت بيضاء عام 1934، وفي سنة الثلجة الكبرى عام 1950، كنا نسكن في بيت قديم لعائلة الطاهر في بلدة يعبد، ولما استيقظت من النوم، حاولت فتح الباب، ولم أعرف أن الثلوج قد سقطت ليلاً، فجاء والدي وساعدني، وشاهدنا الأرض بيضاء، وأخذنا نساعد الجيران لفتح باب بيتهم، وخلعناه، وأخذنا ننظف الشارع القريب بمجرفة وطواري (فؤوس).
في تلك الأيام، التي استمرت ثلوجها لأسبوع، عرفت العائلة طعم المرارة، ولم تمتلك وسائل تدفئة، ولا أغطية كافية، وأدركت معنى فقدان البيت. وضاقت خياراتها، فظلت حبيسة المنزل، واستعانت بكانون النار، قبل أن تواجه البرد بالقليل مما تيسر من أغطية.
يقول: رأينا الثلج عام 1992 في مخيم الفارعة، وعاد هذه الأيام ( النصف الأول من كانون الأول 2013) وفي كل مرة أشاهده أتذكر الحسرة التي نعيشها، فقبل ترحيلنا من صبارين، كنا نصطاد السمك من أنهار بلدنا، ولا أنسى ينابيع المُشراع، والسير، وعين البلاطة، وعين الصلاة، التي كانت قريبة من المسجد، ويتوضأ بها من يدخل للصلاة.
ينهي: في أيام الشتاء بالتحديد، وبعد أن أصابني المرض، أطلب من أولادي دفني في صبارين، بأي طريقة، ولو هربوا عظامي لأرضنا ومزارعنا فيها.
تنبؤات في مهب الريح
التوقعات الجوية ليست لعبة أو هواية، هي علم قد يصيب أو يخيب في دقة التحديد. كان بوسع من دخلوا هذا المجال من باب الشغف أن لا يصوروا للمتلقين أن الثلج سيهطل عليهم في ساعة محددة خلال هذه العاصفة، أو لا يبالغوا في توصيف حركة السحاب.
خبرة الأرصاد الجوية الرسمية هي الاكتفاء بالعموميات، ولا تتمتع بعدد كبير من المتصفحين، ويغيب توظيفها لوسائل التواصل الاجتماعي، وليس لها شبكة مراسلين هواة يراقبون السماء لحظة بلحظة، ولم تُطلق تسمية مؤنثة أو مذكرة على الفعالية الجوية الثلجية، تثبت أنها تفوقت.
في الأيام التالية لمنخفض النصف الأول من كانون الثاني، تنشر مواقع إعلامية خبراً يقول: "يبدو أن العاصفة الثلجية الحالية التي تضرب منطقة الشرق الأوسط والتي أُطلق عليها اسم" هدى"، لن تكون إلا مجرد بداية لسلسلة من العواصف القطبية غير المسبوقة لهذا العام، والتي ستتوالى على منطقة بلاد الشام. حيث أجمعت هيئات الأرصاد الأوروبية والروسية على أن منطقة الشرق الأوسط ستكون تحت تأثير واحدة من اعنف العواصف الثلجية عبر تاريخها، وذلك نتيجة تعرض الجزء الشمالي من القارة الأوروبية لسلسلة من المرتفعات الجوية التي ستدفع بالموجات القطبية القادمة من سيبيريا والشمال الروسي إلى الجزء الشرقي لحوض البحر المتوسط."
وأضافت:" أكدت عدة مصادر على أن الموجة الثانية من العواصف الثلجية ستضرب كل من سوريا ولبنان والأردن وفلسطين نهاية الأسبوع الحالي ( يعني في الخامس عشر من يناير). ففي حين تؤكد هيئة الأرصاد الروسية على تعرض الجزء الغربي من روسيا لمرتفع جوي، والذي سيدفع بواحدة من اكبر الكتل الغائمة المحملة بالثلوج والقادمة من سيبيريا لمنطقة البحر الأسود وتركيا ومن ثم إلى بلاد الشام جنوبا في غضون خمسة أيام. وقد أكدت مصادر في الهيئة المشتركة للتنبؤات الجوية الأوروبية الخبر، حيث أعلنت أن الموجة الثلجية القطبية ستصل المنطقة مساء الأربعاء ( 14 يناير)، وقد تمتد إلى أجزاء من الجزيرة العربية في ظاهرة تحدث لأول مرة منذ أكثر من 80 عاماً."
والغريب في الخبر- الشائعة، ما حمله من تأكيدات من أن هذه الموجة الثلجية "ستغطي جميع بلاد الشام بما فيها المناطق الساحلية من اللاذقية في سوريا إلى مدينة غزة جنوبا، ونستثنى من ذلك منطقة غور الأردن".
والأغرب في الخبر كله، هذه العبارة:" منطقة غور الأردن يصل ارتفاعها إلى أكثر من 300 متر تحت سطح البحر."!
منتديات بيئية للمعلمين بإشراف مركز التعليم البيئي
منتديات خضراء
يسرد المدير التنفيذي لمركز التعليم البيئي سيمون عوض: اختتمنا تدريبات المنتديات البيئية بمشاركة خمسة وخمسين مشاركًا من محافظات طولكرم ونابلس وقلقيلية وجنين ورام الله والقدس؛ لنشر التوعية الخضراء عبر الناشطات في الأطر النسوية، والخريجات الجدد، وعضوات مجالس أولياء الأمور في المدارس، وطلبة الجامعات لتغيير مفاهيم حماية البيئة.
وشكلنا في وقت مبكر منتديات طلابية ونسوية وشبابية وأخرى للمعلمين نفذت أنشطة ومبادرات محلية لتغيير الواقع البيئي. ونسعى للتأثير على المسؤولين لاتخاذ إجراءات لحماية البيئة، والضغط لتفعيل نصوص قانون البيئة. والقيام بحملات ميدانية تشجع العمل التطوعي وتنظيف البيئة وتجميلها.
ينهي: يكمن التحدي في إعادة جزء من الاعتبار المفقود للعمل التطوعي، والبدء بتنفيذ مبادرات صغيرة عبر المنتديات؛ لأن القصة إضاءة شمعة بدلاً من تكرار نقد الواقع القاسي الذي تعانيه البيئة.
فيما تسلط مسؤولة التوعية في المركز ماريانا جعنينه الضوء على التحديات البيئية الأبرز التي ستجري متابعتها وعلى رأسها التلوث، والنفايات العشوائية، والتنوع الحيوي المهدد، والتصحر، والكيماويات، وطرق إنتاج وصناعة الكمبوست، ووسائل تقليل استخدام الورق في المدرسة، وإعادة تصنيعه، ومفهوم التدوير، وفرز النفايات، والزراعة العضوية، والاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية، والطاقة الخضراء، والبدائل الصديقة للبيئة التي يمكن استخدامها في المدرسة والشارع والبيت، والأهم انتهاكات الاحتلال لبيئتنا.
مشاكل بيئية
واحتضنت الأروقة التاريخية لمركز الطفل الثقافي المنبثق عن بلدية نابلس تدريبات نسوية وطلابية لأربعة أيام، تمهيداً لإطلاق سلسلة منتديات خضراء. تقول سماح صوالحة، وهي إحدى المتدربات، إن بلدتها عصيرة الشمالية تواجه تحديات عديدة، تتمثل في قلة زراعة الأشجار في أراضيها، والرعي الجائر، والصيد الجائر وبخاصة للغزلان وطائر الحجل، بالإضافة إلى المجاري والنفايات العشوائية، وحرقها.
وترتب عدين ظافر من قرية رامين بطولكرم أولويات تجمعها، فتقول: نواجه تحديات ذات صلة بالنفايات العشوائية، والصيد والرعي الجائر، والتلوث الذي يطال وادي الزومر، بفعل عدم وجود محطات لتنقية المياه العادمة فيه.
فيما تعدد مي بني عودة من بلدة طمون المشكلات البيئية التي تهدد بلدتها، وأولها كثرة البيوت البلاستيكية، وما يسببه حرق النايلون التالف منها من متاعب، إضافة إلى الصيد الجائر وخاصة للغزلان، والازدحام المدرسي الذي يتسبب بعدم وجود بيئة سليمة، وغياب المتنزهات.
في وقت ستشرع سكينة نصر وتهاني سوالمة ويارا نعجة ورزان جعايصة من مخيم الفارعة في توسيع قاعدة المنتدى النسوي البيئي الذي شكله المركز سابقًا، لتنفيذ مبادرات لحل قضايا: المياه العادمة، والضغط على المسؤولين لفعل شيء لتغيير هذا الواقع، إضافة للاستخدام المفرط للكيماويات في الحقول الملاصقة للمخيم، ومشاكل حرق النفايات، وإشعال إطارات السيارات.
فيما وضعت عائشة دويكات وسماح حبايبة لائحة بالمشاكل البيئية في الحي الشرقي بنابلس، وبخاصة وجود المسلخ والمصانع وسوق الخضار ومكب النفايات، وعدم وجود أشجار في الطرقات العامة، ورمي مخلفات حسبة خضار بلدة بيتا في المنطقة.
وتلخص هند فضة أبرز المشاكل البيئية في البلدة القديمة، وفي مقدمتها النفايات التي تتسبب بها سوق الخضروات في المنطقة الشرقية، ورميها على الأرض، وغياب حاويات النفايات، وتراجع الثقافة البيئية.
وتعدد مي صوان من قرية أماتين أبرز العقبات التي تواجه تجمعها، كالنفايات العشوائية التي يجري رميها بجانب الحاويات، وتحويل كتب المدرسة بعد الامتحانات النهائية إلى نفايات بالشارع.
ينهي القائمون على المركز: البيئة تحتاج لجهودنا مهما كانت صغيرة، وهي ليست احتكاراً لأحد، وإن استمر تأجيلها حتى إشعار آخر، فسنخسر كثيرًا.
aabdkh@yahoo.com