(بيت لحم- كانون أول 2014) المنظم من قبل مركز التعليم البيئي
________________________________________
النهب الإسرائيلي لمياه حوض نهر الأردن
بينما كانت تُقْتَرَف محرقة نيونازية ضد أبناء شعبنا في غزة، وتعيث الطائرات الحربية الإسرائيلية في كل زاوية وزقاق وحي من قطاع غزة فتكا وموتا ودمارا بشريا وبيئيا، وتطحن المدفعية وعجلات المجنزرات والدبابات عظام أطفال بيت حانون وبيت لاهيا ورفح وخانيونس وخزاعة وحي الشجاعية وأشجارهم ومحاصيلهم وأراضيهم، ويُعَطَّشُ ويُجَوَّعُ المقهورون هناك، لم يكتف بعض الفلسطينيين "الرسميين" بالتفرج وعدم التدخل لدى أصدقائهم الأميركيين والإسرائيليين لوقف المجزرة الجارية على قدم وساق، بل واصلوا الإيغال في اللقاءات الحميمة والترتيبات الأمنية مع رموز ومهندسي المجزرة، وربما كانوا "يشمتون" من موت "المارقين" و"المتمردين" من الرصاص والقصف، أو من العطش والجوع والمرض.
ويبدو أن حرب الإبادة والتجويع والتعطيش هذه، هي الضريبة الدموية الحتمية التي يجب على شعبنا في غزة أن يدفعها، كي تحيا وتزدهر الضفة الغربية بالمناطق الصناعية الصهيو-فلسطينية المشتركة، والمجمعات التجارية والمدن الجديدة، وبحبوحة العيش التي يعدوننا بها، شريطة أن نواظب على الصمت والتفرج، بل والتحول إلى شياطين خرس.
ففي رام الله، لا يزال بعض الفلسطينيين الرسميين يتحدثون عن "مفاوضات الحل النهائي" والتوجه لمجلس الأمن لفرض "الحل النهائي" الذي سوف يشمل المياه أيضا؛ بينما في غزة يشرب أهلنا المياه الوسخة والسامة ويعيشون كارثة بيئية وصحية، نتيجة تلوث مياه الشرب وانتشار الأمراض والأوبئة في أوساطهم.
تسويق الأوهام
يتصرف بعض المسئولين الفلسطينيين وكأنهم يعيشون في "دولة فلسطينية ذات سيادة"، و"يتشرطون" على "إسرائيل" بأن عليها أن "تمنحهم" الحقوق "كاملة" وبأنهم "لن يسمحوا للمفاوض الإسرائيلي أن يحدد لنا بأن حقوقنا المائية أكبر من احتياجاتنا". وهم يستندون في هذا الموقف إلى أن "أوسلو اعترفت بحقوقنا المائية وبأن المفاوضات النهائية ستناقش الحقوق المائية للشعب الفلسطيني".
نستنتج من هذا الكلام وكأن "المفاوض" الفلسطيني هو الذي يسيطر كليا على مصادر المياه وليس الإسرائيليين الذين يحددون الكميات التي على الفلسطينيين التصرف بها، ويقررون "تحريم" أو "تحليل" الكميات التي يسمح لنا الحصول عليها.
ولو افترضنا أن "المفاوضات" مع الإسرائيليين حول المياه سوف تتجدد، فإن السؤال الحاسم الذي يطرح نفسه فيما يتعلق بمسألة المياه التي تعتبر من أكثر مسائل التفاوض خطورة وحساسية، هو: إلى ماذا سيستند "المفاوض" الفلسطيني في "مفاوضاته" حول المياه، في ظل ميزان قوى يميل كليا لصالح الكيان الإسرائيلي، وفي غياب أي قوة مادية حقيقية ضاغطة تمكن "المفاوض" من انتزاع حقوقنا في السيادة على مواردنا واستخدامها وإدارتها؟ هل سيتمكن فلسطينيو الضفة والقطاع، نتيجة لمفاوضات "الحل الدائم"، من استخراج المياه الجوفية في الحوض الغربي أو من استخدام ما لمياه حوض نهر الأردن؟ أم هل سيسمح الكيان للفلسطينيين بحفر أحواض تقلل من تسرب مياه الضفة إلى داخل الدولة اليهودية، كما فعلت الأخيرة في حدود غزة لمنع تسرب مياه الضفة إلى القطاع؟
في ظل فقدان توازن القوى مع الإسرائيليين بالمقاييس العسكرية التقليدية وغير التقليدية، فإن المفاوض الأقوى في أي مفاوضات هو الذي يفرض شروطه على الأضعف، حيث إن نتيجة "المفاوضات" ليست سوى تجسيد وتكريس للخلل القائم في موازين القوى. فالمطلوب، إذن، بالدرجة الأولى، ليس تسويق الأوهام والأكاذيب للناس بأننا سنحصل في "المفاوضات" على حقوقنا المائية الكاملة، بل النضال المبدئي العنيد بكافة أشكاله، لانتزاع سيادتنا على أرضنا ومواردنا المائية.
الانحناء السهل
كررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، ولا تزال تكرر في كل مناسبة، زعمها القائل بأنها "تعطي" أو "تمنح" الفلسطينيين كميات من المياه أكبر مما "التزمت" به في ما يسمى "الاتفاقيات المرحلية". الحقيقة أن الاحتلال لا "يمنح" المياه للفلسطينيين، بل إنه يبيعهم مياههم التي يسرقها من أحواضهم الجوفية، وبأسعار مرتفعة أيضا. ولو لم يكن الاحتلال قائما ومهيمنا بالمطلق على الموارد الطبيعية والمائية الفلسطينية ويسيطر ويتحكم بشكل فعلي وكامل بموارد المياه الفلسطينية واستخداماتها وإدارتها وتوزيعها، لما كان فلسطينيو الضفة والقطاع مرغمون أصلا على شراء مياههم المنهوبة من الإسرائيليين؛ علما أن اتفاقيات أوسلو المذلة التي وقعتها جماعة أوسلو الفلسطينية وبإسم "الشرعية"، حددت حجم المياه "المسموح" للفلسطينيين إنتاجها، كما منحت الاحتلال "حق السماح" بـ أو منع تطوير وصيانة البنية التحتية المائية الفلسطينية.
وفي الواقع، لم يختلف جوهر سيطرة الاحتلال على المياه الفلسطينية بعد أوسلو، عما كان قبل أوسلو؛ وقد استندت اتفاقيات أوسلو على حجم المياه "المتاحة" من قبل الاحتلال لفلسطينيي الضفة والقطاع عشية التوقيع على تلك الاتفاقيات، بصرف النظر عن النمو السكاني المتوقع؛ فخصصت للفلسطينيين 118 مليون متر مكعب سنويا من الأحواض الجوفية الثلاثة في الضفة الغربية، من خلال الحفر والآبار الزراعية والينابيع والأمطار. بينما خصصت (الاتفاقيات ذاتها) للإسرائيليين (والمستوطنين أساسا) 483 مليون متر مكعب سنويا من ذات المصادر المائية. وبالطبع، تتجاوز إسرائيل غالبا هذا السقف المائي كثيرا.
وإجمالا، يستهلك فلسطينيو الضفة (وفقا للاتفاقات الاستعمارية) نحو 20% من موارد الضفة المائية. وفي المقابل، ينهب الإسرائيليون (في الضفة وإسرائيل) 80% من تلك الموارد، إضافة إلى نهبهم المطلق لسائر الموارد المائية الفلسطينية (حوض نهر الأردن، الحوض الساحلي وغيرهما). أما "الفضيحة" الأخطر التي تجلت في الاتفاقات مع الإسرائيليين، فتمثلت في ترك قطاع غزة يواجه لوحده الظلم والتعطيش المائيين الرهيبين المفروضين عليه؛ إذ "يجب" على القطاع، وفقا للاتفاقيات، أن يتدبر شأنه المائي لوحده وأن يعتمد فقط على المياه الجوفية الشحيحة داخل حدوده؛ ما أجبر الغزيين على الضخ المفرط للمياه؛ الأمر الذي تسبب في تسرب متواصل لمياه البحر ومياه الصرف الصحي إلى المياه الجوفية، وبالتالي، أصبح أكثر من 90% من المياه العذبة غير صالحة للشرب.
أزمة المياه في غزة كان يمكن حلها، إلى حد بعيد، من خلال تطوير بنية تحتية مائية تربط غزة بسائر أنحاء فلسطين، أو على الأقل بالآبار الجوفية الغنية في الضفة الغربية، بحيث يتم تمديد خط مياه بين الضفة وغزة لتزويد الأخيرة بكميات كبيرة من المياه اللازمة لتغطية العجز المائي الخطير والمتزايد مع زيادة النمو السكاني. ما فعلته الاتفاقات الإسرائيلية-الفلسطينية هو تحديدا شرعنة ما كان قائما من نهب إسرائيلي لمياه الأمطار المتدفقة في وادي غزة من جهة الأرض المحتلة عام 1948، من خلال الأحواض والمصائد المائية التي نصبتها إسرائيل على حدود قطاع غزة لمنع تسرب مياه الضفة إلى هناك.
بمعنى، ثبتّت تلك الاتفاقيات وكرّست الهيمنة الإسرائيلية المطلقة على مصادر المياه في الضفة الغربية، وشكلت غطاء "رسميا" لترسيخ النهب الإسرائيلي المريع للمياه الفلسطينية؛ إذ أقرت تلك الاتفاقيات للاحتلال تحكمه الكامل بسقف المياه "المسموح" للفلسطينيين؛ فهو (أي الاحتلال) يرفض مطلقا ليس فقط "السماح" للفلسطينيين بحفر آبار مياه جديدة، بل يرفض أيضا "منح" تصاريح لترميم الآبار المتهالكة.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، الاحتلال "خصص" لنحو عشرة آلاف مستعمر في مستعمرات الأغوار وشمال البحر الميت حوالي 45 مليون متر مكعب من المياه. وفي المقابل، كمية المياه المتاحة لسكان الضفة الغربية (أي حوالي 2.5 مليون نسمة) تقدر بنحو 150 مليون متر مكعب لجميع الاستعمالات، أي للاستهلاك المنزلي والصناعي والزراعي. أي أن حوالي عشرة آلاف مستعمر يتمتعون بنحو ثلث كمية المياه المتاحة لنحو 2.5 مليون نسمة (آفاق البيئة والتنمية، أيلول 2013).
اتفاقيات عام 1995 (أوسلو 2) التي سوقت باعتبارها مرحلية لمدة خمس سنوات ستتوج في نهايتها "بتسوية نهائية"، جعلت المفاوضين الفلسطينيين يخدعون أنفسهم وجزءا من شعبهم، بأنهم، في أعقاب تلك الاتفاقيات، سيجنون "السيادة" السياسية وبالتالي السيطرة على الموارد المائية الفلسطينية في الضفة والقطاع. لقد برز "الفلسطينيون" الرسميون في "المفاوضات" ضعفاء بائسين يسهل إغراءهم وينحنون بسهولة لما فرضه عليهم المحتل من تفاصيل جوهرية خطيرة ومهينة كرست وثبتت النهب الإسرائيلي الفاضح للمياه الفلسطينية والعربية (الأحواض الجوفية والينابيع والمياه السطحية وبخاصة حوض نهر الأردن).
في عام 1995، حولت اتفاقية أوسلو (المرحلية) إلى السلطة الفلسطينية، بعض الصلاحيات الشكلية المتعلقة بتطوير واستعمال مصادر المياه في الضفة الغربية. وقد نصت الاتفاقية على بقاء "الاستخدامات الحالية لكميات المياه" في الضفة والقطاع. كما أن جميع عمليات تطوير المصادر المائية في الضفة الغربية يجب أن تحظى بموافقة لجنة المياه المشتركة الإسرائيلية الفلسطينية التي أُنشئت وفقا لاتفاقية أوسلو الثانية. ويتضمن ذلك ترميم الآبار، وحفر آبار جديدة، وزيادة ضخ المياه من أي مصدر كان. كما لا يمكن تمديد أنابيب المياه في ما يسمى مناطق (C) التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية المطلقة، وفي مناطق (B) التي تقع تحت "السيطرة الإسرائيلية الفلسطينية المشتركة"، إلا بموافقة اللجنة.
وتعد لجنة المياه المشتركة، لجنة شكلية تهدف إلى الإيحاء بالشراكة الفلسطينية الإسرائيلية، وهي في الواقع ليست سوى لجنة احتلالية هدفها منح النهب الإسرائيلي للمياه شرعية فلسطينية، وذلك من خلال العضوية الفلسطينية الصورية فيها. فالسلطة المطلقة على مصادر المياه بيد ضابط المياه الإسرائيلي في ما يسمى الإدارة المدنية الإسرائيلية، والذي يملك السلطة الفعلية على اللجنة المشتركة، إذ إنه يمارس حق النقض ضد قرارات اللجنة المشتركة التي تتكون عضويتها من "عدد متساو من الممثلين الإسرائيليين والفلسطينيين"!
وخلاصة القول، تعد سلطة المياه الفلسطينية، من الناحية الشكلية والرسمية، المسئولة عن إدارة الموارد المائية وتوزيعها. لكن، من الناحية الفعلية، فإن الإدارة المدنية الإسرائيلية وشركة مكوروت هما اللتان تملكان السيطرة الفعلية على مواردنا المائية، وتحددان الكميات والحصص المائية واستخدامها وإدارتها.
بينما يعطش أطفال غزة فالمستعمرون الإسرائيليون يتمتعون بوفرة غير محدودة من المياه المنهوبة- تصوير سعيد خطيب
التحكم الإسرائيلي بأدق التفاصيل
لقد جسدت الاتفاقيات مع المحتل الخلل الفادح في ميزان قوى يميل كليا لصالح "إسرائيل"، وغياب أية قوة مادية حقيقية ضاغطة على الأرض تمكن "المفاوض" من انتزاع الحقوق الفلسطينية في السيادة على الموارد واستخدامها وإدارتها؛ فإسرائيل هي من يحدد التفاوض على التفاصيل، أي طريقة التفاوض، والتحكم بتفاصيل هذا التفاوض. ومن البديهي، عندما يكون طرفان في المفاوضات، أحدهما الأقوى والمسيطر عسكريا على الأرض وعلى مصادرنا ومواردنا، والآخر هو العاجز الضعيف، فإن الطرف الأقوى في المفاوضات هو الذي يفرض شروطه على الطرف الأضعف. هكذا كان الوضع في كل المفاوضات التي جرت في العالم.
ليس هذا فقط، بل، ومن المثير للدهشة حقا، أن السلطة الفلسطينية تصر على إثبات "عدم صحة" المثل الشعبي المأثور: "اللي بِجَرِّب المْجَرَّب عقله مْخَرَّب"، فوقَّعَت في التاسع من كانون أول 2013 (في واشنطن)، أي بعد نحو عشرين عاما على توقيع اتفاقات أوسلو المهينة، على اتفاق إسرائيلي-أردني-فلسطيني جديد، سمي "مذكرة تفاهم" لإنتاج مياه محلاة في منطقة العقبة.
ومن بين أمور أخرى، نصت المذكرة على وجود "استعداد" إسرائيلي "لبيع 20-30 مليون متر مكعب من المياه من محطات تحلية المياه الإسرائيلية، ليتم تسليمها في نقاط التوريد المتفق عليها" للسلطة الفلسطينية! بمعنى، وافقت السلطة على شراء المياه المحلاة من إسرائيل، رغم أن المياه الغزيرة المنهوبة إسرائيليا تجري بكميات هائلة تحت أقدام الفلسطينيين! وتم الاتفاق مع الاحتلال للحصول على المياه المحلاة، بينما لا تزال الحقوق المائية الفلسطينية في الأحواض الجوفية ونهر الأردن مسلوبة؛ ما يعني، موضوعيا، تعاونا مع المحتل لنسف الحقوق المائية الفلسطينية.
لقد جرى هنا عمليا، تبني المنظور الإسرائيلي الذي يحث الفلسطينيين، منذ سنين طويلة، على شراء المياه المحلاة من إسرائيل، أو تحلية مياه بحر غزة. ويكمن وراء هذه "الحماسة" الإسرائيلية دافع سياسي-أمني-استراتيجي يتمثل في ضمان إسرائيل مواصلة نهبها المطلق للمياه الفلسطينية العذبة، وبالتالي مطالبة الفلسطينيين بسد عجزهم المائي الخطير الناجم عن السرقة الإسرائيلية المفتوحة للمياه، من خلال شراء المياه المحلاة؛ وبالتالي تكريس النهب الإسرائيلي للمياه.
ووفقا لصفقة أوسلو "التزمت" إسرائيل ببيع الفلسطينيين 27.9 مليون متر مكعب من المياه سنويا. وفي ظل "كرمها" الاستعماري، زعمت إسرائيل بأن الاحتياجات الفلسطينية المستقبلية هي80 مليون متر مكعب إضافي سنويا. كل هذه التفاصيل موثقة في الصفقة، مع التدقيق البائس في المواعيد التي تميز الأنظمة الرأسمالية الاستعمارية؛ فإسرائيل تبيع جزءا من هذه المياه للفلسطينيين، أما الأخيرون فيستخرجون الباقي من آبار الضفة، لكنهم ممنوعون من الاستفادة من حوض المياه الجوفي الجبلي الغربي الذي يمتد على طول الضفة الغربية والجليل ويعتبر الحوض المائي الأكبر والأغنى والأكثر جودة في فلسطين ويتمتع بتغذية عالية، وتنهب إسرائيل جل مياهه.
وبسبب القيود الإسرائيلية المفروضة على تطوير وحفر آبار جديدة، فضلا عن تقييد حرية حركتهم، ينتج الفلسطينيون حاليا 87 مليون متر مكعب فقط من المياه في الضفة الغربية، أي أقل بنحو 21 مليون متر مكعب مما خصصته صفقة أوسلو. وقد زادت إسرائيل كمية المياه التي تبيعها سنويا للفلسطينيين، فبلغت حوالي 60 مليون متر مكعب، أي أكثر مما نصت عليه اتفاقية أوسلو الثانية. وهذا يعني مزيدا من إمعان المحتل في بيع الفلسطينيين مياههم المنهوبة وبالتالي تعميق تبعيتهم للمحتل.
وكقوة استعمارية، احتفظت إسرائيل "بحقها" في التحكم بأدق التفاصيل الفنية، لتحد بالتالي من عملية تطوير البنية التحتية المائية الفلسطينية وإعادة تأهيلها (هذا ما وقعت عليه وأقرته جماعة أوسلو تحديدا). فعلى سبيل المثال، فرضت إسرائيل على السلطة الفلسطينية تمديد أنابيب للمياه قطرها أقل من المطلوب فلسطينيا، كما أنها تمنع تمديد شبكات مياه في القرى الفلسطينية الكائنة في ما يسمى مناطق C (حسب تقسيمات أوسلو) أو ربط المناطق الأخيرة بالبنية التحتية المائية.
كما لا "تمنح" غالبا موافقتها على حفر آبار جديدة أو تؤخر "موافقتها" على استبدال الأنابيب المتهالكة؛ الأمر الذي يفسر نسبة الفاقد المائي المرتفعة من الأنابيب الفلسطينية (حوالي 30%). وحاليا، أكثر من 113,000 فلسطيني غير مرتبطين بشبكة المياه. وخلال أشهر الصيف يتم قطع الإمدادات المنتظمة للمياه عن مئات الآلاف؛ بل وفي "ما يسمى المنطقة (C)" يحظر الاحتلال مجرد حفر آبار لجمع مياه الأمطار.
المياه سلاح للتنكيل بالفلسطينيين وإذلالهم
بدلا من انشغالنا في حساب عدد المرات التي يزيد فيها استهلاك المستعمر الإسرائيلي الفرد للمياه عن المواطن الفلسطيني (ثماني مرات أو عشر مرات)، حري بنا أن نلفت أنظار العالم إلى المستعمرات المغمورة بالمياه والمكسوة باللون الأخضر؛ بينما تحاذيها الأحياء القاحلة في المدن والقرى الفلسطينية التي تخضع لسياسة التعطيش، وتتناوب تلك الأحياء على أوقات وصول المياه إلى منازلها ومنشآتها. أنابيب المياه الغليظة من شركة "مكوروت" الإسرائيلية تتجه إلى مستعمرات الغور الفلسطيني؛ بينما يسير جرار صغير في قرية فلسطينية ملاصقة للمستعمرة ليبيع المياه المنقولة من بعيد في خزان صَدِئ. وفي فصل الصيف، تجف حنفيات المياه في الخليل، بينما تواصل تدفقها بغزارة غير محدودة في صنابير مستعمرات كريات أربع وبيت هداسا وسائر المستعمرات.و أو
الأسر الفلسطينية في الأغوار تنقل خلسة مياه الشرب في خزانات من مناطق بعيدة - خشية أن يتم اكتشافها من قبل الإدارة المدنية التابعة للاحتلال - في حين تعيش تلك الأسر بمحاذاة خطوط أنابيب شركة المياه الإسرائيلية "مكوروت" التي تنقل المياه الوفيرة إلى مزارع المستعمرات التي تزرع الأعشاب الطبية للتصدير.
نهب الاحتلال الصهيوني لمصادر المياه وحرمانه الفلسطينيين من حرية الحركة، واستيلائه على الأراضي لإقامة مستعمراته وقواعده العسكرية وحواجز الإذلال والشوارع الاستيطانية والأنفاق والجسور والجدران الكولونيالية العازلة التي تسجن خلفها شعبا بأكمله وتذكرنا بالمعازل الجنوب إفريقية في عهد نظام الأبرتهايد البائد أو بمعسكرات الاعتقال النازية - هذه العقلية والممارسات الكولونيالية العنصرية المريضة تمخض عنها معازل فلسطينية مفككة ومدعومة احتلاليا بسلسلة طويلة من القوانين العسكرية و"المدنية" الاستعمارية المطبقة بدرجات متفاوتة على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عامي1967 و1948. هكذا يحافظ الاحتلال على "الاستقرار" الداخلي في المجتمع الفلسطيني، من خلال القوة والإخضاع المغلفين بتشريعات وقوانين كولونيالية، أو من خلال المزج بين القوة العسكرية الدموية والقوة الناعمة.
استخدام الاحتلال المياه سلاحاً للتنكيل المنهجي والمنظم بالفلسطينيين والتلذذ بتعطيشهم وإذلالهم، يهدف أساسا إلى تخليد تبعيتهم له، ليس فقط في لقمة عيشهم، بل أيضا في قطرة مياههم. بل، ويستخدم سلاح التعطيش أيضا لإخضاع الفلسطينيين وإرغامهم على الرضوخ للاحتلال ومشاريعه. وفي هذا السياق، من المفيد التذكير بأنه أثناء حصار الجيش الإسرائيلي لبيروت عام 1982 نصح يتسحاق رابين زميله أريئيل شارون وزير الحرب الصهيوني آنذاك، بأن يبادر الأخير إلى قطع الماء والكهرباء عن بيروت الغربية وتعطيشها، بهدف إخضاع المقاومة الفلسطينية المحاصرة هناك. وهكذا كان، إذ تم قطع الماء والكهرباء لبضعة أسابيع أثناء الحصار.
جرعات ضخمة من الكذب والتضليل
إجمالا، لا يستطيع الاحتلال، في المستوى الإعلامي، استعمال الذرائع الأمنية (أو بقرة "الأمن" المقدسة) لتغليف تنكيله بالفلسطينيين والتلذذ بتعطيشهم؛ كما ذرائعه في حالات القهر والتنكيل الأخرى (نهب الأراضي، الحواجز، الإغلاقات، الجدار، تقييد حرية الحركة، الاعتقالات، عزل الفلسطينيين وحشرهم في جيوب وقصفهم بالأسلحة النارية والفسفورية والكيميائية وإبادتهم، وغير ذلك من الجرائم الوحشية المغلفة بذرائع أمنية).
الرفاهية المائية التي يتمتع بها الإسرائيليون هي الوجه الآخر البشع للمشروع الاستعماري الاستيطاني الاقتلاعي الذي، وكي يتمتع بالوفرة الرخيصة غير المحدودة من المياه العربية المسروقة، وكي يضمن تعزيز هذا المشروع واستمراريته، يجب عليه ضمان استمرارية التسول الفلسطيني لمياهه المنهوبة من المحتل. ولو استعرنا جوهر قول الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام (ما جاع فقير إلا بما متع به غني) وطبقناه على حالتنا الفلسطينية، لأصبح القول كما يلي: "ما عَطِش طفل فلسطيني إلا بما مُتِّعَ به مُسْتَعْمِرٌ إسرائيلي".
السيطرة الإسرائيلية على المياه ونهبها- والرضى الفلسطيني الرسمي الضمني على ذلك من خلال الاتفاقيات الموقعة ومن خلال عدم رفع قضايا في المحاكم الدولية تقاضي إسرائيل على جرائمها البشعة ضد الإنسانية- هذه السيطرة وهذا النهب شكلا وسيلة احتلالية خفية هامة لتسهيل مشاريع التطهير العرقي للفلسطينيين، ولتعزيز الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية. فعلى سبيل المثال لا الحصر، واظب جيش الاحتلال ولا يزال على تدمير أبسط أشكال البنية التحتية للمياه في جنوب الخليل والمتمثلة بالخزانات التي تجمع فيها الأسر الفلسطينية مياه الأمطار؛ الأمر الذي جعل الزراعة هناك مستحيلة والبقاء على الأرض التي منع الاحتلال أهلها من جمع مياه المطر غير ممكنة. ومع ذلك، "تكيفت" الأسر الفلسطينية مع هذا الواقع منذ عقود، من خلال النقل القسري المتواصل لأماكن سكنها.
ولو ربطنا عملية النهب الإسرائيلي الهائل للمياه من مناطق الأغوار الفلسطينية، وتمتع المستعمرين هناك بوفرة مائية غير محدودة، إضافة إلى ما يسمى مشروع قناة البحرين (الأحمر-الميت) الذي يستهدف إسرائيليا تثبيت وتعزيز الوجود الاستيطاني في مناطق الأغوار والنقب – لو ربطنا كل ذلك بمشروع القانون الذي أقرته اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون التشريع في كانون أول 2013 والذي يدعو الى ضم إسرائيل لمناطق الأغوار الفلسطينية؛ فقد لا يبقى سوى عقدين أو ثلاثة لاستكمال عملية التطهير والاقتلاع.
والسؤال المطروح: هل من المصادفة بمكان أن تم التوقيع (إسرائيليا، أردنيا، وفلسطينيا) في واشنطن على ما يسمى "مذكرة التفاهم" حول المرحلة الأولى من قناة البحرين، في ذات الشهر الذي أُقِر فيه مشروع القانون الإسرائيلي الذي يدعو إلى ضم مناطق الأغوار الفلسطينية لإسرائيل؟
الاحتلال لا يستطيع إعلاميا تبرير تنكيله المائي بالفلسطينيين والتلذذ بتعطيشهم من خلال الأكاذيب الأمنية. فكيف، على سبيل المثال، سيسوق حقيقة أن معدل المياه المتاحة يوميا للفرد الفلسطيني في جنين 38 لترا للاستخدامات المنزلية (المعدل الطبيعي حسب منظمة الصحة العالمية: 150 لترا)؟ هل السبب الإسرائيلي لذلك أن مدينة جنين تعتبر معقلا للجهاد الإسلامي الذي يهدد دولة إسرائيل الصغيرة؟ وهل سبب تعطيش الفلسطينيين في مدينة الخليل وقراها خلال أشهر الصيف أن المخابرات الإسرائيلية ("الشين بيت") منشغلة في الكشف عن الخلايا الفلسطينية المسلحة؟ أو أن أكثر من 90% من المياه في غزة ملوثة وغير صالحة للشرب بسبب تخطيط قيادات حماس لعمليات عسكرية ضد إسرائيل؟
لذا، وفي سياق هجومها الإعلامي الخاص بمسألة المياه، تستخدم مؤسسة الاحتلال جرعات ضخمة من الكذب والتضليل، بدلا من الذرائع الأمنية. ومن أبرز هذه الجرعات، قصف وسائل الإعلام بإحصاءات وأرقام جزئية، خاطئة وكاذبة، وطمس حقيقة أن إسرائيل تسيطر على مصادر المياه وتنهبها، وذلك أيضا تحت غطاء اتفاقات أوسلو المرحلية التي أصبحت دائمة؛ تلك الاتفاقيات التي "تسمح" للفلسطينيين باستخراج كمية محدودة جدا من المياه بشكل مستقل، ولا "تسمح" لهم سوى إجراء تحسينات هامشية في البنية التحتية للمياه.
كما تستند ماكينة الإعلام الإسرائيلية إلى الرفض الإسرائيلي للتقارير الفلسطينية الخاصة بالمياه، بل وتتجاهل حتى تقارير منظمات حقوقية إسرائيلية مثل تلك الصادرة عن منظمة بتسيلم ومركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، وتغيب أيضا دراسات نشرتها مؤسسات حقوقية ومالية دولية مثل منظمة "أمنيستي" والبنك الدولي.
التنكيل المائي أداة إسرائيلية أخرى تستخدم لإنهاك الفلسطينيين اجتماعيا، سياسيا، صحيا وبيئيا. ففي الضفة وغزة عشرات آلاف الأسر الفلسطينية التي تنفق مبالغ ضخمة من المال وتبدد الكثير من الوقت والطاقة الجسدية فقط لتأمين ورعاية الاحتياجات المائية الأساسية مثل الغسيل والاستحمام وغسيل الأرضيات والأطباق وما إلى ذلك. وعندما تجف المياه في أحواض المراحيض تصبح الزيارات العائلية نادرة.
استنزاف الوقت والمال والطاقة للحصول على المياه يأتي على حساب أشياء أخرى في المستويين الشخصي والمجتمعي؛ مثل النشاطات السياسية والاجتماعية، صفوف تقوية للأطفال، شراء جهاز كمبيوتر، نزهات عائلية، مشاريع زراعية وصناعية، تنمية السياحة وغير ذلك.
مؤتمرالعدالة البيئية بين انتهاكات الاحتلال وتعديات المجتمع- كانون أول 2014
التطبيع السياسي مع الاحتلال تحت غطاء "حل المشاكل المائية المشتركة"
من خلال بعض المؤسسات الإسرائيلية مثل جمعية المياه الإسرائيلية ومعهد وادي عربة للدراسات البيئية (الذي يدرب فلسطينيين وأردنيين سوية مع إسرائيليين في قضايا المياه والبيئة تحت غلاف العمل المشترك من أجل حلول مشتركة للمشاكل المائية والبيئية التي لا تعرف الحدود السياسية)، تم تجنيد فلسطينيين من مناطق السلطة الفلسطينية للترويج لتقنيات إسرائيلية (مثل التقنيات التابعة لشركة "مَبال إنيرغيا يروكا") لإعادة استعمال المياه العادمة.
ويوجد حاليا مشاريع إسرائيلية-فلسطينية مائية مشتركة، مثل محطة التنقية في العوجا، التي تستخدم فيها تقنية شركة "مبال" الموفرة للطاقة ولتكاليف الصيانة. ويروج الإسرائيليون، من خلال نظرائهم الفلسطينيين، بأن إقامة مثل هذه المنشآت يمكن أن تشكل حلا "فعالا" للفلسطينيين، بحيث تزودهم بالمياه الوافرة للري الزراعي. كما أن الفلسطينيين المتعاونين مع الإسرائيليين يروجون بأن مزارعي منطقة العوجا ومناطق أخرى في الأغوارن عانوا الأَمَرَّيْن خلال السنوات الأخيرة بسبب هبوط كمية المياه في ينابيع المنطقة.
والغريب أن أولئك الفلسطينيين، كما أصدقاءهم الإسرائيليين، يتجاهلون بأن سبب جفاف الينابيع الفلسطينية في الأغوار هو النهب الإسرائيلي المنظم لمصادر المياه الفلسطينية، وتحديدا بسبب حفر الاحتلال آبارا تصل إلى الأعماق الحرجة (أي إلى مسافات باطنية أكثر عمقا من الينابيع التي يستعملها الفلسطينيون)؛ ما أدى إلى جفاف وزوال عشرات الينابيع الطبيعية التي كانت تشكل مصادر أساسية لمياه الشرب وللري في الأغوار. وفي عام 2008، قدرت نسبة تدفق المياه في ينابيع الأغوار بنحو 20 مليون متر مكعب فقط؛ ما يعني هبوطا مقداره أكثر من 33% من نسبة التدفق عام 1995 (السنة التي وقعت فيها اتفاقيات أوسلو).
ويكمن خلف "الحماسة" الإسرائيلية لحث الفلسطينيين على معالجة مياههم العادمة، دافع سياسي-أمني-استراتيجي يتمثل في ضمان إسرائيل مواصلة نهبها شبه المطلق للمياه الفلسطينية العذبة، وبالتالي مطالبة الفلسطينيين بسد عجزهم المائي الخطير الناجم عن السرقة الإسرائيلية المفتوحة للمياه، من خلال استعمال المياه العادمة في الزراعة؛ وبالتالي تكريس النهب الإسرائيلي للمياه.
ومن الواضح أن الاحتلال المتمثل بما يسمى "الإدارة المدنية"، ومنظمات إسرائيلية في جوهرها، وإسرائيلية-فلسطينية في شكلها، يستغلون مشاريع إنشاء محطات معالجة المياه العادمة كأداة للتطبيع السياسي بين الفلسطينيين والمحتلين ولشرعنة الوجود الكولونيالي الاستيطاني، وبالتالي تكريس "التعايش" بين المحتل والرازح تحت الاحتلال، وتثبيت الاستيطان ونهب الأراضي والموارد الفلسطينية، تحت عباءة "حل المشاكل البيئية المشتركة ومنع التلوث".
وقد تجسد مخطط تثبيت التعايش بين المحتلين وضحايا الاحتلال وبالتالي شرعنة الأخير، في محاولة المستعمرين الإسرائيليين استدراج رموز فلسطينية لما يسمى "العمل البيئي المشترك"، بذريعة أن المشاكل البيئية "لا تعرف الحدود السياسية".
وبالرغم من هيمنتهم المطلقة على الموارد المائية وحوض نهر الأردن، ونهبهم للمياه الجوفية والسطحية، وتعطيشهم للفلسطينيين والأردنيين، يعمد الإسرائيليون إلى ترويج أكاذيب من قبيل أن جميع مواطني المنطقة (عرب وإسرائيليين) يعانون من أزمة المياه بشكل متساوٍ. لذا، وتحت مظلة هذه الأكاذيب عملت وتعمل إسرائيل عبر منظماتها البيئية والسياسية المختلفة، على تجنيد متواطئين فلسطينيين وأردنيين "للتعاون المشترك" لحل هذه المسألة الحساسة التي افتعلها الإسرائيليون أنفسهم.
ما العمل؟
بما أن الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة يفتقر إلى السيادة السياسية الحقيقية على موارده الطبيعية المتمثلة أساسا بالأرض والمياه اللتين تقعان كليا تحت قبضة الاحتلال، فمن الطبيعي أن يتواصل النضال المبدئي بكافة أشكاله، لانتزاع حقوقنا في السيادة الوطنية الكاملة على أرضنا ومواردنا المائية الجوفية، والمياه السطحية المتمثلة بشكل خاص في منظومة نهر الأردن التي تشمل أيضا بحيرة طبرية. وذلك بدلا من ركون العاجزين إلى المقولة العمومية: "إسرائيل اعترفت، في اتفاقيات أوسلو، بحقوق الفلسطينيين في المياه"، ولكنها (أي إسرائيل) تركت "التفاوض" على "تفاصيل" هذه الحقوق لما يسمى "مفاوضات المرحلة النهائية"، وبالتالي، تمت، عمليا، مباركة فلسطينية رسمية على تثبيت وتكريس عملية النهب الإسرائيلي للمياه الفلسطينية، كما نصت على ذلك اتفاقية أوسلو الثانية التي وضعت قيودا ضخمة على أية عملية تطوير لقطاع المياه الفلسطيني.
وعندئذ فقط، أي بعد ممارستنا السيادة الوطنية الحقيقية على مواردنا، يمكننا التخطيط بشكل مستقل وحر، دون تدخل وتحكم الاحتلال، لإنشاء بنية تحتية مائية مناسبة، ولحفر المزيد من آبار وشبكات المياه، ولتطوير استراتيجية فعالة للحصاد المائي تتمثل في إنشاء أنظمة تصريف وخزانات مياه في المدن، وسدود وبرك لجمع جزء من المياه المتدفقة إلى الأودية.
وعندئذ أيضا، يمكننا معالجة المياه العادمة، من خلال تطوير شبكات المجاري ومحطات المعالجة التي تعيد إنتاج المياه لاستعمالها في بعض أنواع الزراعات. كما يمكننا إنشاء محطات تحلية المياه المالحة في غزة، وتمديد خط مياه بين الضفة الغربية وقطاع غزة لتزويد الأخير بكميات كبيرة من المياه اللازمة لتغطية العجز المائي المتزايد مع زيادة النمو السكاني.