خاص بآفاق البيئة والتنمية
الاحتفال بمئوية مدرسة برقين
اختتمت مؤسسات برقين، غرب جنين، مئوية المدرسة الثانوية، بعد مضي 22 شهرًا من مبادرة مجتمعية وصلت إلى 26 دولة، وجمعت قرابة 100 ألف دولار، لتكون أول مؤسسة حكومية تدشن حدثًا يحمل دلالات تربوية وإنسانية ووطنية وتنموية.
وشارك مديرون ومعلمون وخريجون وممثلو مؤسسات في الحفل الختامي، الذي شهد عرض نشيد المئوية، لـــ الخريج د. صَلاحُ جَرّارِ وَزيرِ الثَّقافَة الأُرْدُنّي الأسبق، وَفِيه غِنًى لِبِرِقّين وَمَجْدِها وَعِلْمِها وَهامَّتِها.
وقال رئيس البلدية، محمد الصباح إن المبادرة شارك فيها خريجون ومؤسسات، وكانت استمرارًا لمساهمات مجتمعية، ساهمت في الماضي ببناء مدرسة ورعاية المؤسسات التعليمية في البلدة، فيما أحدثت المئوية حراكًا مغايرًا.
جانب من الحضور في الاحتفال بمئوية مدرسة برقين
أبعاد وطنية
بدوره، أثنى أحمد القسام نائب محافظ جنين على المبادرة التي تحمل أبعادًا وطنية، وتجلّت فيها الشراكة المجتمعية، والتفكير الإبداعي، والفعل الجماعي الذي لا يخلو من رسائل بقاء ومقاومة.
ووفق الموسوعة الفلسطينية، كان في جنين وريفها في أواخر العهد العثماني 30 مدرسة. وكان الأهالي يعينون جزءًا من المعلمين على حسابهم. وفي عام 1943 بلغ عدد مدارسها الرسمية 23، ضمت 2,557 طالباً و65 معلماً، بجوار 12 مدرسة خاصة.
وأوضح مدير المدرسة رائد يحيى، أن برقين قدمت اليوم أنموذجًا لا يتكرر، واستطاعت بناء حالة مختلفة لمدرسة تأسست في عام 1921، وتعاقب عليها 23 مديرًا، فيما تحرسها أشجار باسقة غرسها معلمون وطلبة قبل عقود، وتعاقب على قيادتها معلمون تنقلوا بينها وبين حيفا والقدس ونابلس، وترأَّس وزارة المالية والأشغال العامة، وعضوية مجلس الأعيان في الأردن، فيما خرّجت الطبيبَ، والملهمَ، والوزير، والمهندس، وحارس الأرض، والعالم، والمبدع، والصحافي، وسيدَ الأعمال، الذين يلّون أصقاع الأرض بمهنهم ويضربون موعدًا مع الريادة.
وقدم كلمة الخريجين د. على حبايب، مساعد نائب الرئيس للشؤون الأكاديمية في جامعة النجاح الوطنية والأستاذ المشارك في العلوم التربوية، الذي عادت به الذاكرة إلى حكايات قديمة عن المدرسة.
الزميل عبد الباسط خلف أثناء الاحتفال بمئوية مدرسة برقين
600 مساهم
وقال مؤسس المئوية، عبد الباسط خلف: " منذ 22 شهرًا نخوض مبادرة استثنائية، استطاعت بإخلاص أهلنا، ودعم مؤسساتنا، وعرق أعضاء اللجنة، ووجود الخريجين والماجدات صناعة مشهد تربوي بهي.
وأضاف: "كنا امتدادًا لأجداد وآباء وإخوة كبار، كانوا على قلبٍ واحد في العَونة والتطوع، الذي كان يعد في بعض مراحله عملًا وطنيًا يجعل صاحبه عُرضة لبطش المحتل، واستلهمنا منهم فكرة عميقة مفادها أن التطوع حياة". وتابع خلف حديثه: "صنعنا في عين الجائحة فضاءً بهيجًا في مدرستنا شارك فيه نحو 600 خريج وماجدة وصديق ومتطوع وعامل، وشيدنا مقصفًا، واستحدثنا حديقة، وأهلَّنا أخرى، وافتتحنا عيادة طبية، ورمَّمنا الأسوار الداخلية والخارجية والجانبية، وأثننا الغرف، ووفرنا الستائر، والطلاء، وتبليط الساحات، ووسائل التدفئة والتكييف، وطورنا المختبر والمكتبة، وقدمنا أجهزة تعليمية وغيرها، وانتقلنا إلى مدارسنا الأربع ببعض لمسات الوفاء".
وأشار الصحفي خلف إلى أن المشاركين أطلقوا ما يعرف بمبادرة "رئة برقين" مُعينة بها نحو 60 من أهالي البلدة، موضحًا في كلمته: "ابتعنا ثمانية أجهزة توليد أكسجين، ونفذنا مبادرة "ساعة تطوع" في المقبرة لترميمها وصيانتها وإضاءته، وغرسنا الأشجار. وفي أثناء ذلك وثَّقنا سيرة المدرسة ومسيرتها بوثائق وصور ومذكرات أشعلت الحنين، لتكون همزة وصل بين الخريجين، بعد أن نجحت في تقديم تجربة تربوية وطنية تنموية تطوعية اجتماعية".
وختم حديثه قائلًا: "اليوم نحن في الحفل الختامي لمبادرتنا، إلا أن مسيرة التطوع في بلادنا لا نهاية لها، لذا يسرني اليوم الإعلان عن مبادرة جديدة تتنقل من البنيان إلى الإنسان باسم "نور برقين" ستكون مستدامة، وستتخصص في التعليم وتطويره ومتابعته، وسترعى طلبتنا في إطارٍ تكاملي لا تنافسي مع المؤسسات الأخرى".
خريج من مدرسة برقين يتحدث عن تجربته
فقرات وتكريم
من جانبه قال عبد السلام أبو العز مدير الدائرة الإدارية في التربية والتعليم، إن الوزارة حريصة على دعم المبادرات المجتمعية، مع الحديث عن مستقبل التمويل المحلي للتعليم، وبخاصة في فترة ما بعد الجائحة.
ونثر الخريج صلاح عبيدي وسعيد الجلماوي، مقطوعة زجلية، أعادت التعريف بالشاعر الظاهرة "عساف طاهر صبًاح" الذي لمع نجمه في فلسطين والأردن، وكتب الأغاني، وتبعته كوكبهُ إبداع: توفيق صبح، ونافع سمارة، وأحمد عبيدي، وعابد عتيق، وغيرهم. واسترد الحفل أسماء شهداء المدرسة وبرقين وشهودها في مئة عام.
كما نُفذ عرض رياضي بإشراف الخريجين عساف صباح وواصل الشلبي استعاد ذكرى المدرسة البارعة في الرياضة، والتي استطاعت انتزاع بطولات عديدة قبل النكبة، ثم استمر حتى وصلت إلى عهد ذهبي بسباقات، وكرة الطائرة، وألعاب فردية وجماعية، توجَّها نجوم لمعوا وأبدعوا وحققوا الإنجازات.
وعرضت سيرة د. عبد الرازق جرار، أول طبيبٍ تخرَّج من إسطنبول عام النكسة، ود. خالد الحمد، رئيس الجالية الفلسطينية في ألمانيا، ورفعت الصباح، رئيس الحملة العالمية للتعليم، ود. صلاح جرار وزير الثقافة الأردني لفترتين، ونائب رئيس الجامعة الأردنية.
وقدم الخريج أسامة جلامنة معزوفة على الشبابة، فيما عرض الخريج حسن عبيدي تجربة مجلس أولياء الأمور.
وأعلنت المئوية إطلاق صندوق المربية المرحومة سعاد جرار لدعم التعليم، التي تركت بصمة تربوية بعد عطاء أربعين عامًا، بتوفير خمس منح تتكفل بكل مستلزمات التعليم لمتعففين.
مئوية مدرسة برقين
وجرى تكريم المدير المؤسس، المرحوم نجيب الخيّاط. وعميد المعلمين الأستاذ صالح جرار؛ وعميدة المعلمات المربية زهرة أبو فرحة-خلف، ابنة القدس وصاحب البصمة في بيوت برقين على مدار أربعين عامًا.
وكرّمت أول خريجة قبل تدشين مدرسة البنات عام 1950 المرحومة خولة شلاميش. ورئيس وأعضاء بلدية برقين. والمتطوع لتجهيز عيادة المدرسة ومعالجة طلبتها مجانًا مدى حياته د. حاتم جرار. والمتطوع في عيادة المدرسة، د. قسم صبح. والمرحوم صالح عبد الرحيم خلف، أول الحاصلين على كأس في سباق 5000 آلاف متر في عهد المدير المرحوم فؤاد العربي، قبل النكبة. والرياضي اللامع عبد الله عتيق (الخيمة). وأصغر المتبرعين لمبادرة رئة برقين الطالب محمد عبد الفتاح حمادة، لإيثاره وتخليه عن حصالته. والمتطوع في مساعدة مصابي برقين خلال قاسم شلاميش. ومديرو المدارس الخمس ومديراتها رائد يحيى، وحنان عطاطرة، وهاشم مقدساوي، ومنى دراغمة-سلامة، وسماح الشريف –صبّاح. والفائز بنشيد المئوية د. صلاح جرار، والفائز بشعار المئوية م. مؤمن خلوف، والحاجة نادرة جرار، رائدة العمل التطوعي وأول مدير للمدرسة من طلبتها، والأستاذ عبد الفتاح أحمد حسن، الذي شكل قفزة نوعية في إدارة المدرسة.