خاص بآفاق البيئة والتنمية
الفنانة هناء الغول تسعى لتحويل بحر غزة إلى لوحة بيئية جميلة
أجد نفسي دائمًا، في دائرة البحث عن تجربة حسيّة واضحة المعالم، أخوض فيها غمِار حرب ناعمة لإحداث تحوّلات ملموسة على أرض الواقع، لصالح البيئة وجمالها وديمومتها، تعالوا معي لأُخبركم عن واحدة من هذه التجارب، وهي قصّة تعاونية "البحر إلنا".
ولدت الفكرة عام 2019، بعد لقاءاتٍ متتالية جمعت عددًا من الفنانين والفنانات على شاطئ بحر غزة.
تربية وإكثار النباتات على شاطىء غزة
كنّا في كل مرة نلحظ تعامل الناس السلبي مع متنفس المدينة الجميل، ونتساءل “البحر لمين؟”، ومن منطلق المسؤولية المجتمعية، تعاهدنا على التعاون معًا للمساهمة في تغيير سلوكيات الناس السلبية تجاه البحر على وجه الخصوص، والبيئة بشكلٍ عام؛ وكان الفن وسيلتنا في الحوار مع مرتاديه.
بدأنا في بحر الزوايدة وسط قطاع غزة، بعدما منحتنا البلدية قطع أرض، نفذّنا عليها مجموعة من النشاطات الفنيّة، تمكّنا من خلالها تمرير رسائلنا للناس، ولمسنا تغييرًا حقيقًيا، ما دفعنا لتكرار التجربة في يونيو/ حزيران 2020، لكن هذه المرة في منطقة الشيخ عجلين جنوب غربيّ مدينة غزة.
اخترنا هناك أرضًا، كانت تُستخدم كمصّف لـ “الحصن والدواب”، ومكب للنفايات، لذا فضّلناها عن غيرها، ليكون التغيير واضحًا للناس، وانطلقنا بجهودٍ فردية في البداية، ثم حصلنا على تمويل من مؤسسة عبد المحسن القطان والوكالة السويسرية لدعم مبادرتنا “تعاونية البحر إلنا”.
فنانون غزيون أصدقاء للبيئة يجملون بحر غزة
على مدار الشهور الماضية، استخدم الفريق، نحو 370 طن من النفايات الصلبة الموجودة في مخازن بلدية غزة، وبعض الشركات المحلية، وتمكنّا من بناء مرافق موقع التعاونية، وبذلك ساهمنا بالحفاظ على البيئة من مخاطر بقاء النفايات مكدّسة دون تحلل.
في حين ضجر المصطافون من سرد النصائح بقوالب جامدة، اتجهنا نحن إلى الفن ووظّفنا العروض المسرحية والحكواتي والزجل الشعبي، وفعاليات أخرى ننظمها بشكلٍ شبه يومي، لتوصيل رسائلنا وتعزيز فكرة الحفاظ على الموارد الطبيعية ودعم نظافة البيئة.
السبب الذي يدفعنا للمواصلة رغم انقطاع التمويل، هو تفاعل الناس وعطشهم للحصول على المعلومات التي تخص البيئة وإعادة التدوير، فمن ضمن الأنشطة التي نُنفذها؛ تعليم الزائرين كيفية الاستفادة من الموارد البلاستيكية والمعدنية في منازلهم، ويبدو أن هذا النشّاط راق لهم إذ تفاعلوا معه كثيرًا على اختلاف أعمارهم وفئاتهم.
فنانون غزيون يجملون شاطئ غزة
أخيرًا أقول: لدي انتماء كبير لغزة الجميلة رغم ما يعتريها من دمار وتهميش، وهذا سبب كافي لأن يكون لي لمسة حقيقية وواضحة لأجلها تتمثل في بناء مدينة صديقة للبيئة وساحل سياحي نظيف وآمن.
لوحات فنية جميلة على ساحل غزة من مواد أعيد تدويرها
نشاطات فنية صديقة للبيئة على شاطئ غزة
هناء الغول/ فنانة وناشطة مجتمعية/ مدينة غزة