March 2010 No (23)

مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
اذار 2010 العدد (23)
 

الحصار ...يولد مزارعين مبدعين
الزراعة العضوية تنتشر في المنازل الغزية وتلقى رواجا في الأسواق
مزارعون: رغم الإنتاج القليل إلا أنها عنوان لسلامة الأرض والصحة
وزارة الزراعة في حكومة غزة:  2010 هو عام التحول نحو الزراعة العضوية في القطاع
الضمير: إصابة 21 طفلا بالسرطان عام 2009 جراء استخدام "المبيدات القذرة"

تحقيق:  سمر شاهين / غزة
خاص بآفاق البيئة والتنمية

"رب ضارة نافعة" هكذا مثل الحصار للزراعة في قطاع غزة، حيث تمكنت المؤسسات الزراعية الأهلية والحكومية وكذلك المزارعين من استبدال الكيماويات بمواد عضوية أولية عملوا على إعدادها، لتكون عونا للزراعة وتحقيق جودة طالما حلموا بها؛ فأصبحت الزراعة العضوية سمة في الشارع الغزي وإستراتيجية تبنتها العديد من المؤسسات رغم قلة الإنتاج إلا أن الجودة عالية، كما أن التحول إلى الزراعة العضوية يحتاج إلى تغيير أنماط ممارسات وأسلوب العمل وذلك يتطلب وقتاً وجهداً، وكذلك يتطلب تعزيز الشراكة بين المؤسسات المعنية في هذا المجال؛ لأن  الهدف الأساسي في المجمل هو خدمة المزارع وتحسين وضعه المعيشي، وفي الوقت نفسه توفير منتجات صحية للمواطنين.


وتؤكد وزارة الزراعة في غزة ومزارعون وخبراء في الزراعة في أحاديث منفصلة لـ"آفاق البيئة والتنمية" أنهم عملوا على إيجاد بدائل للكيماويات الزراعية التي كانت تستخدم، لعدم توافرها؛ كما أن بعض الكيماويات التي تم إدخالها إلى القطاع سواء عبر الأنفاق أو عبر المعابر من قبل الاحتلال الإسرائيلي عملت المؤسسات ذات العلاقة إلى إصدار جملة من الإرشادات التوعوية للمزارعين للاستخدام الأمثللها، ومحاولة تبنيهم للبدائل لما لها من فائدة سواء على الأرض أو الزراعة.  

لا للكيماويات
وكان  المزارع أبو حمد أبو طعمية من سكان قرية بني سهيلا جنوب قطاع غزة قد اعتاد أن يزرع الأمتار التي يمتلكها بالخضروات التي تحتاجها أسرته؛ لأنها اقل تكاليف من شراء هذه الخضروات من السوق، وأنها أكثر أمنا على حياة أبنائه، ولاسيما لأنه لا يعتمد أيا من الكيماويات التي يستخدمها المزارعون دون رقابة تذكر.
ويعاني قطاع غزة من نقص الأراضي الزراعية بسبب الممارسات الإسرائيلية المتواصلة لاسيما في المناطق الحدودية شمال وجنوب القطاع واستهداف الاحتلال بصورة مباشرة الأراضي الزراعية خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتهجير العديد من المواطنين عن أراضيهم الزراعية، وعدم المقدرة للعودة إلى الزراعة فيها حتى يومنا هذا.
وأبو طعمية يمتلك "1800" متر مربع على الحدود في المنطقة التي تسمى خط الهدنة،  يعمل على زراعتها بالرغم من التهديدات اليومية التي تستهدف أرضه.


ويقول أبو طعيمة "56" عاما: "أنا وزوجتي نعمل بالأرض (...)  وأحرص على ألا استخدم أيا من المواد الكيميائية؛ حتى لا تتضرر الأرض من ناحية، ولا تحمل الخضروات لنا السموم من ناحية أخرى وتؤثر علي صحتنا العامة".
ويلفت النظر إلى أنه كان في السابق يستخدم هذه الكيماويات إلا أنه وبعد أن أصيب أحد أبنائه بحالة تسمم أوشكت أن تقضى عليه(...) فقط  لحظتئذ قرر عدم استخدام أي من المواد الكيماوية " ؛ حتى لو لم أتمكن من إنتاج أي من المزروعات نتيجة الفترة الزمنية الطويلة التي قد تستغرقها".


ويعيل المزارع أبو أحمد أبو طعيمة سبعة أبناء ثلاثة منهم يعملون في الزراعة التي تعد مصدر رزقهم الوحيد.  ويلفت إلى أنه حصل على عدد من الدورات المختلفة التي ساعدته على الابتعاد بصورة كلية عن المواد الكيماوية ويقول: "أستخدم روث الحيوانات لاسيما روث الدجاج والأرانب التي امتلكها بالبيت، وهي أفضل للتربة والزراعة معا".
ويشير إلى أنه ومع اشتداد الحصار كان يحضر العديد من المزارعين للحصول على روث الحيوانات لاستخدامها بدلا من النقص الكبير الذي أصاب قطاع الكيماويات، إلا أنه مع وجود الأنفاق على الحدود الفلسطينية المصرية، فقد ساهم ذلك في إدخال المواد الكيماوية المختلفة التي بات يمتلكها العديد من المزارعين".
ويجمع المزارعون على أنه ونتيجة للحصار اختفى من السوق المحلى غاز " ميثيل البروميد" لتعقيم التربة وتم توفر مبيد يدعى "النيماكور"، ولكنه أكثر خطورة ليس على الأرض والزراعة فحسب بل على صحة الإنسان أيضا، وقد يؤدي إلى الوفاة خلال فترة قصيرة من التعامل معه.
وحذرت وزارة الزراعة في غزة المزارعين من عدم الالتزام بتعليماتها الخاصة باستخدام مبيد "النيماكور" المستعمل في تعقيم التربة، ومعالجتها من الأمراض.

ويقول مدير الوقاية والنبات في الوزارة المهندس زياد حمادة: "النيماكور هو مبيد يستخدم كعلاج لآفة (النيماتودا) والإصابات المرضية الموجودة في النباتات"، محذراً من سوء استخدامه من قبل المزارعين مما يجعله شديد الضرر، ولاسيما لأنه يُعتبر أحد مسببات الأمراض السرطانية للإنسان، ويوضح أن فترة الأمان لهذا المبيد هي 90 يوماً يبقى خلالها تأثيره فعال داخل النبات، مشيراً إلى أن ضرر المبيد يصل إلى الإنسان إذا ما استخدمه قبل الفترة المحددة بـ(90) يوماً.  ويلفت إلى أنه على المدى البعيد يكون أحد مسببات حصول أمراض سرطانية للإنسان الذي تناول ثمرة لم تمض عليها فترة الأمان من المبيد(...).  لكن لو استخدمه المزارع  كمادة في التربة وانتظر المدة المحددة بـ 90 يوماً، ولم يستخدم خلالها المحصول كمادة غذائية، فإن المبيد يتكسر داخل النبات ويصبح المحصول آمناً"، مشيراً إلى أن وزارة الزراعة أعطت مؤخراً تصريحاً بآليات استخدام هذا المبيد.

   

دعم المزارعين
المهندس الزراعي عماد الجيار تحدث عن ذلك بالقول: "يحبذ المزارعون استخدام المواد الكيماوية وبكثرة؛ وذلك لبيع المحصول الزراعي في غير موسمه لأن هذه الكيماويات تؤدي إلى نضج الثمار والخضروات قبل موعدها ؛مما يشكل خطراً حقيقيا على حياة الكائن وكذلك على التربة (...). ورغم جملة الإرشادات التي نقدمها للمزارعين عن مدى خطورة استخدام هذه المواد إلا أنهم يعكفون على استخدامها، ويحاولون الحصول عليها بشتى الطرق".
ويشير الخبير الزراعي الجيار في حديث لـ"آفاق البيئة والتنمية" إلى أن المزارع في قطاع غزة ضحية لجملة من الأمور والقضايا التي أثرت على واقعه الزراعي أهمها تدمير أراضيه الزراعية من قبل الاحتلال الاسرائيلي، وتلويثها بالمواد الكيماوية السامة التي يستخدمها الاحتلال عبر قذائفه إضافة إلى مصادرة جانب كبير من هذه الأراضي، ولاسيما الواقعة على حدود قطاع غزة، وهو ما يعرف بخط الهدنة.
ويقول الجيار:  "عمل مركز معا وما زال يعمل في حقل دعم الزراعة العضوية وعدم استخدام المواد الكيماوية أو التخفيف منها؛ وذلك حفاظا على صحة الإنسان الفلسطيني وسلامة الأرض".
ويؤكد مزارعون في أحاديث منفصلة لـ"آفاق البيئة والتنمية" أنهم مع بداية الحصار عملوا على إيجاد بدائل لهذه الكيماويات، من خلال إعداد الكومبست (دبال) من روث الحيوانات، لتقوية الزراعة والحصول على إنتاج يعوضهم جانبا من خسائرهم التي تكبدوها خلال سنوات الحصار الأربع".
ولفتوا النظر إلى أنهم يعمدون إلى شراء روث الحيوانات من الأسواق الأسبوعية، ولاسيما سوق الأربعاء في خانيونس وسوق الجمعة في مدينة غزة، من أجل دفنه بالأرض وتحويله إلى دبال يستفيدون منه في أي وقت قد يحتاجونه فيه.

الدراسات تؤكد
وبينت وكالة حماية البيئة في دراسة لها أن التلوث البيئي أصاب  كل الكائنات، وأن واحدا  من 24 حالة عجز جسدي وواحدا من كل 17 حالة وفاة يسببهما تلوث البيئة بالمبيدات.
ويمكن اعتبار جميع المبيدات مواد سامة، وتختلف درجة سمية مركب ما تبعا لحساسية الكائن الحي، سواء أكان إنسانا أو نباتا أو حيوانا؛ كما تختلف القدرة على إحداث التسمم والخطورة باختلاف السن والجنس والنوع والحالة الصحية والتغذية وصورة المستحضر.

   


ويتم قياس سمية المادة الكيميائية بمعيار الجرعة النصف مميتة LD50 ، ويعبر عنها بـ ملغم / كغم من وزن الجسم؛ وهى الجرعة التي تقتل 50% من مجتمع حيوانات التجارب؛ ولا تتمثل خطورة المبيد فقط بتناوله عن طريق الفم، ولكن يمكن أن يمتص من خلال الجلد والعين والرئتين، وترتبط خطورة المبيد باختلاف صورة المستحضر وتزداد خطورته مع تركيز المادة الفعالة.
والقاعدة العامة للمواد الكيماوية تؤكد أن مستحضر المبيد المجهز في صورة سائلة أو مركز قابل للاستحلاب، يكون أكثر خطورة من المستحضر في صورة مسحوق قابل للبلل أو مسحوق تعفير.
وبينت دراسة علمية نشرت نتائجها مؤخرا مدى تدهور خصوبة التربة نتيجة الحقن بكميات عالية من المبيدات؛ مما أثر على أعداد الكائنات الحيوية النافعة والمضادة إلى حد الإبادة التامة، إضافة إلى تلوث التربة الزراعية ببقايا المبيدات، وتأثير المبيدات على الصحة العامة وإصابة الإنسان بالسرطان والفشل الكلوي والكبدي، والتأثير على الجانب الوراثي للخلية وتشوه الأجنة أو حالات الإجهاض، كما أن تدهور السلالات النباتية السريع ما هو إلا حصاد للزراعات الكيمائية والآثار على وراثة الخلية.
وبينت هذه الدراسة أن كميات من متبقيات المبيدات تتراوح بين 50 – 90 % من الكمية المرشوشة تجد طريقا للهواء لتلوثه؛ حيث تحولها التفاعلات الكيميائية-الضوئية إلى غازات تضر ببيئة الغلاف الجوي والأوزون.

توعية وإرشادات
وعزت وزارة الزراعة تحذيرات المزارعين من المواد الكيماوية لاسيما النيماكور إلى عدم توافر مواد التعقيم، مثل بروميد الميثايل، بسبب الحصار الخانق الذي يتعرض له القطاع، إضافة إلى منع الاحتلال دخول أي من هذه المواد.
ويشدد تقرير لها تلقت "آفاق البيئة والتنمية" نسخة عنه على منع وزارة الزراعة استخدام النيماكور في حال وجود ثمار على النباتات أو الأشجار، وكذلك للنباتات الورقية، مثل: السلق والسبانخ والكوسا والذرة والملوخية والخيار؛ لأن فترة الإنتاج الخاصة بها قصيرة جداً ولا تتجاوز (40) يوماً؛ وبالتالي لا تسمح بمرور فترة الأمان للمبيد الحشري.
وتؤكد: " المزارع الذي يستخدم مبيد النيماكور لهذه النباتات يُعرض نفسه للمساءلة القانونية"، منوهة إلى أن الوزارة تعمل على برنامج رقابة وتفتيش على المحال التجارية لبيع وتداول المبيدات.

مراقبة دورية
وفي غضون ذلك يقول صاحب محل لبيع الكيماويات الزراعية إن وزارة الزراعة اتخذت تدابير قانونية للباعة والتجار عن طريق إصدار أذون خاصة بالنيماكور.
ويقول المهندس حمادة: "إن أحد مهندسي الزراعة المشرفين على عملية المراقبة يتوجه إلى  المزرعة، بهدف تفقُّد المحتوى وعمره ومساحة الأرض المزروعة، ومن ثم يعطي إرشاداته لتجار المبيدات لصرف النيماكور وفق الإذن الرسمي المختوم من قبل الوزارة ، ليصرف بالكمية المطلوبة التي يحددها المهندس الزراعي، ومن ثم يتم تسليم المبيد أمام المهندس وصب الكميات المطلوبة وإفساد العبوات أيضاً أمامه كي لا يتم استخدامها ثانية".
وفي معرض رده على سؤال هل النيماكور منتشر بكثرة في قطاع غزة؟، قال: "إن كمياته في القطاع محدودة جداً لأننا منذ عامين منعنا دخول أي كمية إلى القطاع نظراً لوجود بدائل له، إلا أنه نتيجة لعدم إدخال مستلزمات الإنتاج والحصار الشديد، وبخاصة لأن إسرائيل لا تسمح بدخول بعض المركبات ولاسيما مواد تعقيم التربة، نلجأ لإدخال جزء بسيط للاستخدام الآمن وفق الطرق التي تحددها وزارة الزراعة".
ويعرب عن أمله في أن يتخذ المزارع الصحوة الدينية والأخلاقية والأمانة في إعطاء أي مركب لأي إنتاج زراعي، مؤكداً أنه في حال احتاج المزارع لأي معلومات يريد الاستفسار عنها فليتوجه إلى أقرب مكتب للوزارة لتقدم له يد العون والمشورة.

البدائل المحلية
وعن البدائل يقول إن وزارة الزراعة عملت على إعداد الكومبست العضوي الذي يتكون من المخلفات النباتية والعضوية ويُحضر بطريقة فنية، من خلال (كمر) هذه المخلفات مع إضافة بعض المركبات للحصول على مركب عضوي آمن.
وبين أن هذه الخطوة تأتي ضمن خطة الوزارة للتوجه إلى الزراعة العضوية، وإعلانها عام 2010 عام الزراعة العضوية، قائلاً: "لتكن المحاصيل خالية من أي بقايا للمبيدات أو الأسمدة الكيماوية".
وذكر أن وزارة الزراعة نفذت عدة برامج وندوات ودورات للمزارعين، بهدف نشر آلية استخدام المبيدات الكيميائية والتقليل منها بالحد الآمن، موضحاً أنه ليس بمقدور الوزارة  الرقابة على المنتجات وفحصها؛ بسبب عدم وجود مختبرات متخصصة لتقوم بعملية الفحص الكامل والشامل للمتبقي من المبيد داخل الثمار.

موقع مشاهدة
المهندس لؤي الوحيدي من مركز العمل التنموي معا يقول: "إن تبني الزراعة العضوية يحتاج إلى دعم وتقنيات حديثة لأن المزارع يواجه مشكلة كبيرة، تجاه تبنيه للزراعة العضوية، تتمثل في قلة الإنتاج من ناحية والوقت التي تستغرقه هذه الزراعة من ناحية أخرى".
ويشير إلى أن المركز قدم ومازال يقدم دورات إرشادية حول الزراعة العضوية وأهميتها وأن المنتج له جودة لا يضاهيها شيء، و"بعض العائلات باتت اليوم تتعامل مع الزراعة العضوية بصورة متواصلة ولاسيما من يمتلكون منهم  حدائق منزلية؛ لأنهم على قناعة بأن صحتهم ترتبط بمدى سلامة المزروعات التي يتناولونها" .
ويوضح في حديث لـ"آفاق  البيئة والتنمية" أن الزراعة العضوية نجحت على نطاق الزراعة داخل المنازل، حيث لا يستخدم المواطنون الكيماويات".
وفي معرض رده على سؤال حول البدائل التي يمكن استخدامها بدلا من جملة الكيماويات قال الوحيدي: "يمكن للمزارعين استخدام أساليب عضوية لمكافحة الأمراض التي قد تظهر، وذلك بإشراف من قبل مهندسين زراعيين".
ويلفت إلى أنه وفي ظل الحصار والحد من دخول الكيماويات إلى قطاع غزة، فإن ذلك ساهم في بروز الزراعة العضوية، إلا أن المزارعين بحاجة إلى المزيد من الإرشادات والتوعية حول أهمية هذه الزراعة، ولاسيما لأن المحصول المنتج يكون قليل إذا ما قورن مع محاصيل المزارعين الذين يستخدمون الكيماويات.
ويطالب الوحيدي بإنشاء موقع مشاهدة على مساحة 10 دونمات، لتدريب المزارعين على عمل المزارع العضوية بكافة مراحلها.
 
نظام غذائي
بدوره أوضح م. محمود البنا مدير الإدارة العامة للإرشاد في وزارة الزراعة مفهوم المنتجات العضوية، قائلاً: "هي منتجات غذائية (نباتية و حيوانية) تنتج بطريقة آمنة لصحة وسلامة الإنسان والبيئة بحيث تخضع هذه المنتجات لمجموعة من القوانين ولنظام متابعة ومراقبة، بما يضمن عدم استخدام أي مواد كيماوية ضارة سواء كانت أسمدة أو مبيدات أو هورمونات أو مواد حافظة"، مضيفاً: "يعتمد هذا النظام على إنتاج الغذاء بالطرق العضوية، مثل: استخدام الأسمدة العضوية، ووسائل المكافحة الطبيعية، والإنتاج العضوي للحصول على منتج غذائي آمن للمستهلك.  ويأخذ هذا النظام في الحسبان المحافظة على صحة المستهلك، وصحة العاملين، وسلامة وجودة المنتج والمحافظة علي البيئة والموارد الطبيعية".
ويؤكد البنا، أن مزارعي قطاع غزة بدؤوا فعلياً بإنتاج بعض من هذه المنتجات مثل" البندورة ،الفلفل، الخيار، والزهرة والملفوف والعديد من النباتات الطبية والعطرية"، مبيناً أن ذلك سيوفر الغذاء الصحي الآمن للمستهلك.

رواج في الأسواق
ويشير إلى أن الكثير من المزارعين في قطاع غزة تحولوا من الزراعة التقليدية إلى الزراعة العضوية، ضمن الخطة الإستراتيجية التي تطبقها الوزارة في تغيير النمط الزراعي الخاطئ الذي كان سائداً في السابق، على اعتبار أنه غذاء صحي آمن في ظل الاستخدام المفرط للمبيدات الكيماوية والأسمدة المعدنية التي تسبب الإصابة بالسرطان والفشل الكلوي.
ويشير البنا إلى أن المنتج الزراعي العضوي الفلسطيني يلقى رواجاً في السوق المحلية، وينافس في جودته منتجات كثيرة كان التجار يستوردونها من الخارج مثل "البصل، البطيخ، الشمام، الخوخ، المشمش وغيرها "، مشيداً بسرعة استجابة المزارع الفلسطيني لخطة الوزارة في تغيير النمط الزراعي.
ويشدد على ضرورة جعل الزراعة العضوية نمطاً زراعياً وهوية للمنتجات الزراعية الفلسطينية، وضرورة تعريف المستهلكين بمزايا منتجات الزراعة العضوية.

خطة إستراتيجية
ويوضح البنا أن وزارة الزراعة بدأت تتبنى نظام الزراعة العضوية كجزء من الخطة الإستراتجية للوزارة، حيث كانت قد أعلنت "أن عام 2010 هو عام التحول للزراعة العضوية"، لافتاً إلى أن الزراعة العضوية تعكس طموحات وتطلعات وزارة الزراعة الهادفة لحماية المواطن والبيئة والموارد الطبيعية (التربة، المياه، الأصناف البلدية، التنوع البيولوجي) والعمل على صيانتها وتطويرها، لضمان استمرارها للأجيال القادمة.
وشدد على أن وزارة الزراعة لديها خطة تطويرية في هذا المجال وستعمل بموجبها في الأيام القادمة على دعم المزروعات العضوية، وتشجيع المزارعين لزراعتها وتقديم الأشتال والأسمدة العضوية ومراقبة المزارع العضوية، لضمان عدم استخدام الأسمدة والمبيدات غير المسموح بها، وفرض العقوبات على المزارعين المخالفين.

إنتاج الكومبست
من جانبه قال م. يوسف الجعيدي المشرف علي محطة إنتاج الكومبست في محررة القسطل التابعة لوزارة الزراعة، أن محطة الكومبوست أنشئت لتقوم بإنتاج سماد عضوي وتوزيعه على مزارعي الزراعة العضوية، موضحاً أن الكومبوست يتم إعداده من خلال العملية البيولوجية التي تعتمد على البكتيريا في عملية التخمير الهوائي للمواد العضوية.
ويشدد الجعيدي علي ضرورة نشر ثقافة الزراعة العضوية لدى المزارعين والمستهلكين باعتباره غذاء صحيا آمنا، مشيراً إلى أن الزراعة العضوية هي الزراعة التي لا تستخدم أي مركب كيميائي غير طبيعي، وتعتمد بالأساس على التسميد العضوي والوقاية من الأمراض ومنع حدوثها.
وبين أن ذلك من شأنه الإحلال للواردات من خلال تصنيع الأسمدة العضوية، وخلق فرص عمل من خلال تشغيل الأيدي العاملة، عوضاً عن التخلص من مخلفات الأسواق في عملية التصنيع.
وعن انطباع المزارعين ومتابعة وزارة الزراعة لهم أكد الجعيدي، أنه من خلال متابعة آراء المزارعين الذين قاموا بتجربة استخدام الكومبست لوحظ استحسان كبير لدى المزارعين من المنتج المقدم، ورغبة المزارعين في تعلم أفضل الطرق العملية لتصنيع الكومبست.
بدوره يقول المواطن خليل أبو شمالة:  "أعددت داخل منزلي حديقة منزلية رائعة (...) لم تعرف المواد الكيماوية طريقا لها وسعادتي تفوق الوصف، حينما أقطف منها أيا من الثمار وأيا كانت الكمية فهي نجاح كبير يسجل لي ولأسرتي التي باتت تحرص عليها ".
ويشير في حديثه لآفاق البيئة والتنمية أن فكرة الحديقة جاءت عقب قراءاته عن خطر الكيماويات من ناحية وغلاء الأسعار من ناحية ثانية، ويلفت إلى أنه عمد إلى زراعة كميات كبيرة من الخضروات سواء الطماطم والبطاطا والجرجير والسبانخ وما إلى ذلك، وأنه أصبح لديه في منزله المكون من 11 فردا اكتفاء ذاتي في الكثير من الخضروات".
ويبين أنه إذا ما واجهته مشكلة فإنه يتصل بالمؤسسات المعنية ولاسيما الإغاثة الزراعية أو اتحاد لجان العمل الزراعي للمشورة.
وفي أثناء إعدادي هذا التحقيق زرت الحديقة العضوية في مركز العمل التنموي معا بغزة، واستمعت إلى شرح مفصل حول الحديقة من قبل الخبير الزراعي عماد الجيار الذي أكد بدوره على أهمية دعم المزارع الذي يتبني تلك الزراعة؛ لأنها تستغرق وقتا طويلا وهي بحاجة إلى متابعة متواصلة خوفا من أي أمراض قد تصاحب المزروعات.
ودعا إلى تخصيص سوق خاصة بالزراعة العضوية، وتشجيع المواطنين على الإقبال عليها، والعمل على توضيح مدى الفائدة التي تحققها تلك الزراعات لصحة الإنسان.

تحذير حقوقي
وكانت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان في قطاع غزة فجرت قضية الاستخدام المفرط والمميت من قبل المزارعين الفلسطينيين لما يسمى "المبيدات القذرة" في الزراعة، محذرة من أن 21 طفلاً فلسطينياً أصيبوا بالسرطان عام 2009 في مختلف مناطق القطاع جراء استخدام تلك المبيدات القاتلة.
وأثارت تلك القضية خوفا وهلعا في أوساط الفلسطينيين، فيما اعتبر وزير الزراعة في حكومة غزة محمد الأغا أن القضية أخذت أكبر من حجمها وأنها ليست على تلك الدرجة من الخطورة، مشددا على أن المبيدات الموجودة في الأسواق مسموح استعمالها في قطاع غزة عدا بعض المبيدات التي دخلت القطاع من خلال الأنفاق بصورة غير شرعية.
وجاء تحذير الضمير بعد أن بينت أبحاثها أن مختلف أنواع المبيدات شديدة السمية أو المحرم استخدامها دولياً أو الخطيرة تستخدم بشكل مفرط وغير مراقب في القطاع من قبل المزارعين داخل أراضيهم، أو تجار المبيدات في الأسواق المحلية؛ الأمر الذي ساهم في تدمير البيئة الفلسطينية المتدهورة أصلا في قطاع غزة.

وأكد خليل أبو شمالة مدير مؤسسة الضمير في غزة في تصريحات صحفية أن خطورة استخدام تلك المبيدات تكمن في أنها مسرطنة وتزيد من نسب الإصابة بالسرطانات، كما أنها سامة وتؤثر مباشرة على الجهاز العصبي، فضلا عن تسببها في إصابة الأجنة بتشوهات خلقية، مؤكدا إصابة21 طفلا بمرض السرطان جراء استخدام تلك المبيدات.
وقال إن الأبحاث التي أجراها مختصون في منظمته أكدت أن تلك المبيدات القذرة تتسبب أيضا في تقليل الخصوبة لدى السيدات والرجال على حد سواء، وإحداث تغير في الجينات في الخلايا التناسلية لديهم.
وحذر أبو شمالة من أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تتعمد تسهيل دخول أنواع مبيدات زراعية وحشرية خطيرة ومنتهية الصلاحية ومحرم استخدامها دولياً إلى قطاع غزة، سواء عن طريق إدخالها مع المواد الغذائية التي تورد إلى القطاع أو عن طريق تهريبها من الأنفاق الأرضية؛ وذلك بهدف زيادة نسب تلوث البيئة ومكوناتها، والتسبب بمكاره صحية وبيئية لمواطني قطاع غزة.
ولفت النظر إلى أن تلك المبيدات تتسبب أيضا في تسرب السموم والمبيدات إلى خزان المياه الجوفي مع هطول المطر؛ الأمر الذي يؤدي إلى تلوث المياه التي تعاني أصلا من نسب تلوث مرتفعة في القطاع.

 

مجلة افاق البيئة و التنمية
 
في هذا العدد


احترام المراحل والقواعد

الوقود الحيوي: هل بإمكان المزارعين الحلول مكان أمراء النفط في دول الخليج؟

تطبيع إسرائيلي – إماراتي تحت غطاء الطاقة المتجددة

إحراجات متتالية في أوساط لجنة (IPCC) التابعة للأمم المتحدة بسبب غياب الدليل العلمي لادعائها بأن ارتفاع حرارة الأرض هو سبب تعاظم الأعاصير والفيضانات

بروتوكول كيوتو يواجه الانهيار مع تضاؤل فرص التوصل لاتفاق جديد للمناخ

عماد سعد السوري الأول الذي يفوز بجائزة داعية البيئة

إيران تتحدث عن تطوير طائرة تعمل بالطاقة الشمسية

نفايات نووية مشعة فرنسية في الهواء الطلق بصحراء الجزائر

نحو سن قانون يفرض تدوير نفايات التغليف

فلنتعلم من الخبرات الناجحة للدول التي تعالج مخلفات القناني بأنواعها 

نحو التحول إلى استعمال الأكياس الصديقة للبيئة

لماذا لا يزال التوجه العربي نحو البناء الأخضر ضعيفا جدا وهامشيا؟

الأسمدة العضوية والزراعة المتداخلة أساس الزراعة البيئية

النباتات كعامل مطهر للهواء

إدوارد سعيد والإيكولوجيا السياسية

أدوات وأواني المطبخ الفلسطيني (2)

زهرة من أرض بلادي القيقب

الري المتوازن والسيطرة على أمراض النباتات

نشاط لا منهجي حول مزارع قرر التحول من الزراعة الكيماوية إلى الزراعة العضوية

سلوكيات بيئية خاطئة تتوارث 

مدينة عكا 

قاموس التنمية.. دليل إلى المعرفة باعتبارها قوة

محمد عبيدية: زراعات خضراء وعداء للمبيدات والأسمدة الكيماوية

 

 
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (التسوق الصديق للبيئة...) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 آذار 2010.
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
     
التعليقات
   
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق