الطبيعة تُعيدنا إلى فطرتنا الأولى
خاص بآفاق البيئة والتنمية

التوأمان لارا وماندي سرداح
لكل منّا بداية يتذكر ملامحها كلّما تحدث عن نفسه لمن حوله، وكلّما حقق نجاحًا في مجالٍ ما، وفي كل مرّة شعر فيها بالفخر لأنه آمن بقدرته على الوصول في وقتٍ لم يسمع فيه التشجيع الكافي للمضي قدمًا.
كان لعائلتنا كاميرا رقمية بموصفاتٍ عادية، نُخلّد بها لحظاتنا وذكرياتنا السعيدة، وفي لحظةٍ ما أصبحت هذه الكاميرا، نقطة تحوّل حقيقية في حياة التوأم “لارا” و”ماندي”.
الحكاية بدأت في عام 2005، كنّا نسير على شاطئ بحر غزة، أوقفنا مشهد الغروب وما خلّفته لنا الشمس من جمال عند مغيبها، بعد دقائق من التأمل صورّنا المشهد، وكانت لقطة مميزة رغم عفويتها؛ ثم نشرناها على حسابنا المشترك عبر فيسبوك؛ لاقت الصورة رواجًا تَبعه تشجيع كبير من الأقارب والأصدقاء لتوثيق معالم الحياة بمدينتنا الجميلة.
نحن توأم يُحب الطبيعة، ويُراقب كل شيء له علاقة بعوالمها، لذا عندما قررنا الولوج إلى التصوير، اخترنا مجال التنوع الحيوي في القطاع، بما يشمل الطيور البرية والنباتات النادرة، وتتبع مواسمها.
عامٌ بعد آخر، بالمحاولة واستشارة أهل الخبرة، تمكّنا من إتقان فن التصوير، واشترينا كاميرا احترافية، زاد معها شغفنا بالطبيعة، وتوسعت آفاق فكرنا، إذ بدأنا بتنظيم جولاتٍ استكشافية في مختلف مناطق غزة على مدار العام.
تخيّلوا مثلًا أننا نتتّبع موسم هجرة الطيور، نحسب باليوم لموعد نمو بعض النباتات، ونبحث عن أماكن تواجدها، ولا نتردد لحظة في الذهاب إليها لتوثيقها، كما أننا نرقب عصفورًا لساعات، ولا نمّل! بل يملؤنا حُب الحياة كلما خضنا تجربة جديدة تُعرفنا أكثر عن التنوّع الحيوي في بلادنا.
عادةً تبدأ رحلتنا اليومية مع ساعات الفجر الأولى، ولدينا اتفاق مسبق على تقسيم المهام عند زيارة مكانٍ ما، "ماندي" ترصد بالمنظار الطيور، أو تتبع النبتة، ثم تُرشد توأمها "لارا" بالتفاصيل الكافية، لالتقاط الصور بأفضل وضعية وبجودةٍ عالية.
على مدار الأعوام الماضية من ممارسة هوايتنا، وثقنّا عشرات الطيور وفيها المقيم والزائر، إضافة إلى مئات النباتات البرية، منها ما تُوصف بـ "النادرة"، ونسعى لجمع تجربتنا في كتابٍ خاص بنا، كما نتمنى أن يكون لنا حضورًا في المعارض الدولية ذات التخصص.
أخيرًا يا أصدقاء، ثمة شيءٍ يستحق منّا السعي، شيء يُهذب المرء ويُشعره أنه لازال حيًا، يجعله أكثر صفاءً ورضا، لقد وجدنا ذلك في حياة الطبيعة؛ حقًا ليس لدينا ما يُعدّل مزاجنا إلا في هذه الأماكن التي نعود فيها إلى فطرتنا الأولى.

لارا وماندي سرداح
التوأم "لارا" و"ماندي" (43 عامًا)، مولعتان بتوثيق الحياة البرية - غزة.