هِبة إلهية أن تكون راصدًا جويًا
خاص بآفاق البيئة والتنمية

ليث علامي
تبدّل أحوال الطقس، رسالة من الطبيعة إلينا، لتأمل ظواهرها الجميلة والبحث في الأسرار التي تُخبئها مع كل نَسمة صيفية عليلة، أو رياحٍ عاصفة في ليلة شتوية باردة.
عام 2010 كنت طالبًا على مقاعد الدراسة الثانوية، شهد الصيف آنذاك موجةً حارّة قويّة، ومع دخول شتاء ذلك العام، تأثرت فلسطين بمنخفضٍ جوي عميق مصحوبًا برياح وبرودة شديدة، لكن دون هطول للأمطار أو الثلوج؛ الأمر دفعني للتساؤل أيعقل هذا الجنون الجوي دون قطرة مطر واحدة؟
من هنا بدأت رحلتي مع واحدة من أجمل الهَبات الإلهية، لأعمل راصدًا جويًا ومتتبعًا لأحوال الطقس والمناخ.
لكن الشغف وحده لا يكفي، كان لا بد أن أتقن ما أحبّ، فقبل أن أُصبح مشهورًا بهذا المجال، درست لسنواتٍ طويلة والتحقت بدوراتٍ علمية عبر الإنترنت، مستعينًا بأبحاث وكتب في علوم الطقس والمناخ، فضلًا عن الاستزادة بمعرفة ذوي الاختصاص محليًا وعربيًا.
في شتاء 2015، نشرت توقعاتي الخاصة في صفحتي الشخصية، تزامنًا مع مشاركتها في إذاعة الجامعة (عندما كنت طالبًا)، ومنذ ذلك الوقت بدأت ألقى انتشارًا واسعًا وألمَع محليًا، إلى أن أصبحت ضيفًا متكررًا لقنوات عربية وعالمية للتحدث عن مواضيع المناخ والبيئة.
الجميل في عالم الطبيعة، أنك كل يومٍ تقضيه لأجله، تتعلم شيئًا جديدًا عنه، فعلم الطقس واسع جدًا، لا حصر له ولا حدود، وكل خريطة جويّة هي بالتأكيد نتيجة معادلات وحسابات فيزيائية ورياضية معقدة، ما يُوجب عليك أن تكون شديد الانتباه، صبورًا، قادرًا على الأرشفة والملاحظة لتُغذي معرفتك.
أما الطريف في عملنا، أن هامش الخطأ وارد علميًا، لكنّه مرفوض على الأرض الواقع؛ فالناس تتعامل مع توقعاتك الجوية حقيقة ثابتة لا تتغير. مثلًا عند التنبؤ بهطول ثلوج على الجبال المرتفعة، يأتي شخص بمنطقة منخفضة ليسأل أين هي الثلوج؟ هذا علّمني الصبّر والتعامل مع الآخرين بتفهم.
مدهش حقًا كيف تعمقت علاقتي الروحيّة بالطبيعة، يُمكنني القول أن تأمل ظواهرها وسِحرها الجميل، يجعلك مُحبًا للحياة، واسع الصَدر، ويفتح لك نافذة جديدة للتفكر بعظمة الله في خَلق الكون الفسيح.
ليث علامي (25 عامًا) / راصد جوي من مدينة الخليل