تطوير تكنولوجيا ذكية للري في تونس للمحافظة على الطبقة المائية

تونس/ خاص: يتفقد محمود بوعصيدة أشجار البرتقال في مزرعته التي تبلغ مساحتها حوالي 30 فداناً في تاكلسة في شمال شرق تونس، فيما يبدو عليه الانزعاج بسبب نقص المياه الذي أثر على زراعته في السنوات الماضية، إلا أن قلقه أخذ يتبدد بعد استخدامه التكنولوجيا الذكية.
يقول الرجل البالغ من العمر (46 عاما) الذي ترك عمله في قطاع النفط قبل عشر سنوات لشراء أرض وإنشاء مزرعة يزرع فيها أشجار مختلفة من بينها البرتقال والكلَمَنتينا: "في السنوات الأخيرة نلاحظ نقصاً كبيراً في مياه السدود، وكما نعرف فإن الفلاحة هي أكبر مستهلك للمياه في تونس وفي العالم أجمع. واليوم يجد الفلاح نفسه أمام شح للمياه مما ينجم عنه تكاثر الأمراض لدى الأشجار".
ويضيف بوعصيدة: "الهدف الأول بالنسبة لي من استخدام التكنولوجيا الذكية للري هو المحافظة على الطبقة المائية. فبسبب التغيرات المناخية أصبح هناك شح في المياه بالنسبة للكمية والنوعية، وبات من الصعب الوصول إلى أهداف الإنتاج بالاستغلال المفرط للمياه. اليوم يتوجب علينا المحافظة على ثروتنا المائية".
وفي مواجهة الخطر التجأ بوعصيدة إلى التكنولوجيا، وركّب أجهزة استشعار في أنابيب الري وفي التربة، تتصل ببرنامج "حلول الزايرة"، وهي شركة ناشئة للتكنولوجيا البيولوجية، لمساعدته في إدارة المزرعة، وهذا النظام يعمل على تنظيم ملوحة التربة وحقن الأملاح المعدنية اللازمة فيها.
يربط النظام أيضًا بين المزرعة ومحطة تنظم بشكل آلي عمليات الري والتسميد باستخدام المعلومات التي يرسلها البرنامج.
ويصف ياسر بوعود، الشريك المؤسس لشركة "حلول الزايرة"، برنامج نظام تنمية الري الذي طورته شركته الناشئة بأنه "نظام ذكي".
ويضيف: "النظام الذكي للري هو نظام للري والتحكم فيه. إذ يسمح للمزارع بالحصول على تقرير عما يحدث في أرضه، ويُمَكِّنه من الحصول على معلومات دقيقة وآنية، وذلك بفضل جهازي التحكم الذاتي وتحليل الطقس، وبالتالي يتسنى له اتخاذ قرار واضح بخصوص عملية الري وتحديد كمية المياه المستعملة وتحديد الأوقات الملائمة للري، وهذا سيساعد الفلاح في تقليص كمية المياه المستعملة للري والمحافظة عليها".
من جانبه يقول المهندس في "شركة الزايرة" وجيه بوعود: "هذا المسبار تحت الأرض يعطي لنا كمية المياه الموجودة في الطبقات السفلي للأرض".
مستشهدًا بمثال "إذا نزلت الأمطار يجب أن نعرف فيما إذا كانت كمية كافية أم لا ووفقاً لذلك تتم عملية السقي، أو أثناء عملية السقي لو لاحظت أني تجاوزت كمية معينة لا تحتاجها الشجرة فهذا المسبار يعطيني فكرة عن ما يحصل في الأرض".
وتحذر التوقعات في تونس من فترات جفاف طويلة، وانخفاض في الموارد المائية وزيادة عدد الحرائق خلال العقد المقبل.
وتسهم الزراعة بما يتراوح بين 9 و11 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وتُشغِّل حوالي 15 في المئة من العمالة في البلاد.
ويقول على مرزوقي، منسق المرصد التونسي للمياه "لإنتاج تفاحة واحدة يجب علينا توفير 200 لتر من الماء. أما بالنسبة للطماطم (البندورة) لننتج 1 كيلوغرام منها علينا أن نستهلك أكثر من 280 لتر من الماء وهذه المعدلات العالمية، فما بالك بالمعدلات التونسية التي يمكن أن تتضاعف أكثر من مرة بحكم أننا لا نحسن التصرف في مواردنا المائية، وهناك نسبة كبيرة في الاستهلاك والماء الضائع دون الاعتماد على أسس علمية لترشيد استهلاك المياه".