خاص بآفاق البيئة والتنمية
تعاني قرى صفا وبيت عور وخربثا وبيت لقيا الواقعة غرب رام الله، من شح المياه منذ نحو شهرين نتيجة انقطاعها من جانب الاحتلال الاسرائيلي، حيث ان هذه القرى تشتري المياه من شركة ميكوروت الاسرائيلية، بحجة خلل في احدى المضختين المغذيتين للمياه لقرى غرب رام الله، ويضطر الأهالي الى شراء المياه بالصهاريج بأثمان عالية من قرية بلعين المجاورة. وأصبح اهالي قرى غرب رام الله الأربع يرشدون استهلاك الماء كثيرا بعد انتهائها لديهم، وقطع الاحتلال لها؛ بل انهم يستخدمونها بالقطارة ليقتصدوا، رغم الصيف الحار. وهنا تتضح أهمية الآبار في المنازل والتي تحد غالبا من شح المياه وانقطاعها. فالعديد من الاهالي يخزنون المياه في فصل الشتاء في آبارهم ليستفيدوا منها في الصيف الذي يكثر فيه انقطاع المياه. الاحتلال يستخدم المياه كسلاح لمحاربة الفلسطينيين ويمارس سياسة التعطيش ضدهم للتنكيل بهم، وبخاصة في فصل الصيف الذي تشتد فيه أهمية المياه؛ لذلك يجب ان يحتوي كل بيت على بئر.
|
|
صهريج مياه صدىء متنقل يبيع المياه للأهالي في قرى غرب رام الله |
تتكدس الأواني فوق بعضها وتمتلئُ السلال بالغسيل وينتظر الصغار مجيء المياه كي يغتسلوا من حر الصيف في منزل السيدة أم عامر من قرية صفا غرب مدينة رام الله.
وتعاني قرى غرب رام الله (صفا، وبيت عور، وخربثا، وبيت لقيا)، من شحٍ في المياه نتيجة انقطاعها في بعض الأحيان بفعل سلطات الاحتلال الاسرائيلي، حيث انهم يشترونها من شركة "ميكوروت" الاسرائيلية، التي تتذرع بخلل في إحدى المضختين المغذيتين للمياه في قرى غرب رام الله، ما يضطر الأهالي الى شراء المياه بالصهاريج بأثمان عالية من قرية بلعين المجاورة.
وتحتار السيدة في تدبر أمور منزلها بعد غياب المياه عنه وهي التي تمثل عصب الحياة، خاصة في ظل الظروف التي يمر بها الشعب الفلسطيني كما العالم؛ من انتشار لفيروس كورونا الذي يحتاج الى المزيد من النظافة، إضافة إلى فصل الصيف الحار وضرورة الاستحمام المتكرر.
وعانت قرى غرب رام الله من انقطاع دام أكثر من 35 يوما متواصلا للمياه، لتعود مرة أخرى لكن بشكل متقطع وشحيح، وقد لا تصل في الأسبوع الواحد لأكثر من 12 ساعة.
وتروي أم عامر، "لأول مرة منذ سنوات... نشعر بانقطاع المياه عن البلدة، ولهذه الفترة الطويلة، استهلكنا مياه البئر كاملا، والان نشتري المياه عبر الصهاريج بتكاليف مرتفعة تتراوح ما بين 60-80 شيقلا لكل 3 كوب، بينما كان يكلف الكوب الواحد من المياه القطرية 5 شيقل فقط".
السيدة صابرين أم لطفلين من قرية صفا أيضا، تصف حالتهم "ببهدلة"، وذلك عندما تنقطع المياه عن منازلهم، وتحاول قدر الإمكان تقليل استهلاك المياه.
وتقول: "نختصر كثيرا في استهلاك المياه، ومن لديه بئر يعتمد عليه، ولكن عندما ينفذ الماء منه؛ نضطر إلى احضار كأس ماء من هنا وهناك لقضاء حاجتنا".
وتضيف أن المياه تأتي لمدة قصيرة وبكميات شحيحة، وتتوزع على حارات البلدة ولكنها غير كافية لسد الاحتياجات، كما أن الناس الذي يسكنون بمدخل البلدة وبيوتهم قريبة من فتحة المياه يستهلكون المياه أولا، ويقلّ وصولها إلى المناطق المرتفعة.
|
|
العديد من سكان قرى غرب رام الله يضخون المياه إلى خزاناتهم من صهاريج المياه المتنقلة |
جفاف العديد من الحدائق المنزلية في قرى غرب رام الله بسبب شح المياه |
شح المياه أرهق الأهالي مادياً ومعنويا وفكريا
ويشاركها الرأي ابن بلدتها حمدي الشيخ أحمد، ويقول: "لقد اعتدنا على عدم وجود أي مشكلة في المياه لدينا في البلدة، وتفاجأنا قبل شهر تقريبا بانقطاعها لمدة 35 يوما متتاليا، ولكنها مجددا عادت بشكل شحيح ما أثر على حياتنا اليومية، وقلب حياتنا رأسا على عقب".
ويضيف حمدي المسؤول عن عائلة مكونة من تسعة أفراد "أصبحنا نغطي احتياجنا من المياه من قرية بلعين المجاورة، وهذا أرهقنا ماديا وذهنيا ومعنويا، فكوب المياه الذي كان يكلفنا 5 شيقل أصبح علينا تقريبا 23 شيقلا، كما أصبح جلّ تفكيرنا بحجز دور للحصول على صهريج مياه للمنزل".
ويتابع أحمد أن الوضع المادي صعب لدى الاهالي في ظل انقطاع الرواتب وانتشار فيروس كورونا، ليضاف على كاهلهم ثمن مرتفع لشراء صهاريج المياه، موضحا أنه بسعر صهريج المياه الواحد الذي لا يكفي أساسا يوما واحدا، يمكن دفع فاتورة المياه القطرية لمدة أسبوع كامل.
وتعتمد مناطق السلطة الفلسطينية بشكل أساسي على المياه المستخرجة من المصادر الجوفية، والتي تبلغ نسبتها 77% من مجمل المياه المتاحة. وقد بلغت كمية المياه المضخوخة من آبار الأحواض الجوفية (الحوض الشرقي، والحوض الغربي، والحوض الشمالي الشرقي) في الضفة الغربية للعام 2018 نحو 99 مليون م3. ويعود السبب الرئيسي لقلة استخدام المياه السطحية، هو سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على مياه نهر الأردن ومنع الفلسطينيين من استغلال مياه الأودية.
صهريج مياه صدىء يبيع المياه للأهالي في قرى غرب رام الله التي تعاني من العطش
الاستهلاك حسب حجم العائلة وبالقطارة
ويعمل الشاب فؤاد ابراهيم (ابو سامر) على صهريج المياه ويلبي احتياجات الأهالي الملحة، ويقول: "عانت القرية لحوالي الشهر ونصف الشهر من قطع المياه من شركة الميكروت الاسرائيلية، وأوفّر لهم بديلا عنها عن طريق صهريج المياه الذي أعمل عليه وسعته (3 كوب) من المياه القطرية من بلدة بلعين بسعر 60- 80 شيقلا لكل صهريج. أما الآن فقد عادت المياه لكنها شحيحة، وما زال الكثير يطلبون صهاريج مياه لسد النقص لديهم".
وبعد المعاناة التي مر بها اهالي قرى غرب رام الله الأربع، من قطع للمياه في فترات، وشحها في فترات أخرى فقد أصبحوا يستخدمونها بالقطارة ليقتصدوا رغم الصيف الحار.
وتسهم الإجراءات الإسرائيلية بالحد من قدرة الفلسطينيين على استغلال مواردهم الطبيعية وخصوصا المياه وإجبارهم على تعويض النقص بشراء المياه من شركة المياه الإسرائيلية "ميكروت"، حيث وصلت كمية المياه المشتراة للاستخدام المنزلي 85.7 مليون م3 عام 2018، وهي تشكل ما نسبته 22% من كمية المياه المتاحة التي بلغت 389.5 مليون م3، جاءت من 25.5 مليون م3 مياه متدفقة من الينابيع الفلسطينية، و274.2 مليون م3 مياه متدفقة من الآبار الجوفية، و4.1 ملايين م3 مياه شرب محلاة. وذلك حسب الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني.
من جانبه، يقول رئيس مجلس صفا أحمد فلنة إن حصة القرى الأربع 3600 كوب في اليوم، أي ما يعادل الـ150 كوبا في الساعة للفرد في الوضع الطبيعي، والبالغ تعداد سكانها 25 ألف نسمة.
ويشير إلى أنهم يحصلون على المياه عبر تشغيل مضختين لدى الاحتلال، لكن الأخير يتلاعب في كميات تزويدهم بالمياه في بعض الاحيان، فلا يشغّلون سوى مضخة واحدة ما يسبب شحاً في المياه، ويتذرعون بحجة أن المضخة الأخرى بها عطل يحتاج الى يوم او يومين لإصلاحه ما يدخل القرى في مشكلة شح المياه وأزمتها.
ويضيف فلنة ان ما زاد الطين بلّة في هذه المرة هو عدم وجود تنسيق مدني بين الجانبين لحل مشكلة عطل المضخة، ما جعل البلدة تعاني من شح المياه لفترة طويلة.
ويشير الى أنه في الأيام الاخيرة فقط كان يدخل عليهم من المياه بين 200 كوب إلى 2800 كوب فقط في أفضل تقدير، من أصل 3500 كوب بحجة عطل في إحدى المضخات.
الآبار تحد من مشكلة شح المياه احيانا
ويرجع فلنة، إلى أن السبب خللٌ في توزيع المياه بين القرى الأربع، حيث أن قرية صفا تصلها المياه بعد القرى الثلاث فهي الأبعد على فتحة المياه، ورغم أن لكل قرية حصتها من المياه، الا ان الالتزام به خلل. ما يزيد من معاناة صفا خاصة.
وينوه الى انه في كل عام بشهر تموز وأب تحصل مشكلة في توزيع المياه من قبل الاحتلال، لكن هذه المرة شعر بها الناس لانها امتدت على فترة طويلة ولأنهم استهلكوا المياه المخزنة في آبارهم.
ويحد وجود الآبار في المنازل من شح المياه وانقطاعها. فالعديد من الأهالي يخزنون المياه في فصل الشتاء في آبار ليستفيدوا منها في الصيف الذي يكثر فيه انقطاع المياه.
لكن في الآونة الاخيرة، ورغم أهمية الآبار، أصبح الناس يهملون حفرها في منازلهم لتكلفتها العالية، ويستعيضون عنها بالخزانات فوق الأسطح.
يقول فلنة إن الاحتلال اول ما يحارب الفلسطيني بالمياه لذلك يجب أن يحتوي كل بيت على بئر.
وحسب الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني فإن معدل استهلاك الفرد الفلسطيني بلغ 87.3 لتراً في اليوم من المياه، وذلك بتقسيم اجمالي كميات المياه المستهلكة على اجمالي عدد السكان. وقد بلغ هذا المعدل 90.5 لتراً في اليوم في الضفة الغربية، وبتحسن عن الأعوام الماضية نتيجة المشاريع المائية المنجزة والتي استطاعت تطوير المصادر المتاحة، وتقليل الفاقد.
من الجدير ذكره أن معدل استهلاك الفرد الفلسطيني للمياه ما زال أقل من الحد الادنى الموصى به عالمياً، وذلك نتيجة السيطرة الإسرائيلية على أكثر من 85% من المصادر المائية الفلسطينية.