شذرات بيئية وتنموية... صمود الفارسية وعطش الأغوار وتدخين ممنوع ومطر مبكر
خاص بآفاق البيئة والتنمية

علي ابو محسن يقف وحيدا في مواجهة قرار الاحتلال هدم مسكنه في خربة الفارسية بالأغوار الفلسطينية
ترّحيل
يبدو السبعيني علي زهدي أبو محسن وحيدًا في مواجهة قرار الاحتلال هدم مسكنه في خربة الفارسية، شرق طوباس، فهو الذي ولد فيه قبل النكسة بربع قرن، واعتاد زراعة حقوله بالحنطة والخضار.
وينقسم مسقط رأس أبو محسن إلى الفارسية نبعة غزال، وفارسية حميّر، وفيهما قرابة 40 بيتًا، تضم 170 مواطنًا، يعمل معظمهم في الرعي، والزراعات البعلية.
يقول: "حولنا أراضينا إلى منطقة عسكرية، ولم نعد نستطيع الوصول إلى خلة خضر، والجوبية، ونبع الزعبي، ومنطقة الشرك، وصدور شيخة، لكن مستعمرة (روتم) والمستوطن (ديدي) وضع يده على أراضينا، وصار يمنعنا من الرعي، واليوم ننتظر أن يهدم الاحتلال بيوتنا بأية لحظة".
وتمتد حقول الفارسية على مساحات شاسعة تحولت لمستعمرات ومعسكرات تدريب، واليوم صارت منطقة عسكرية مغلقة، ولم يبق لأهلها سوى 1500 دونم. وتابع أبو محسن: هدم الاحتلال مساكننا مرات عديدة، ولن نرحل إلا إلى قبورنا.

نهب
شهدت الأغوار الشمالية اتفاقية لتقاسمه بين المواطنين والمحتلين أبرمت عام 1976، وقضت بتزويد الأهالي بـ770 مترا مكعبا في الساعة، وسرعان ما بدأت الكمية بالتناقص، فقلصت في عين البيضاء وحدها من 245 مترا مكعبا كل ساعة إلى 188 مترا مكعبا.
وحسب رئيس مجلس عين البيضاء مصطفى فقهاء، فقد قطع الاحتلال المياه عن قرى: عين البيضاء، وبردلا، وكردلا التي يقطنها نحو 6 آلاف مواطن عدة أيام في أيلول الماضي، في سابقة هي الأولى، وقد أغلق الفتحات التي كانت تغذي المنازل والمزارع بالمياه، ولم يسمحوا لهموى بوصول 20 مترا مكعبا من 14 فتحة، كانت تزود عين البيضاء وحدها بالمياه، وأقفلوا الفتحات المغذية لبردلة وكردلة، في سياسة تعطيش تام.
وأضاف: في السابق كانت إسرائيل تقلّص كميات المياه، لكنها اليوم ودون سابق إنذار تمنع شريان الحياة من الوصول للمواطنين، ما يهدد بكارثة إنسانية، وينذر بجفاف ثلاثة آلاف دونم من المزروعات المروية، ويضع قرابة 20 ألف رأس من الثروة الحيوانية في دائرة الخطر الشديد.

مصطفى فقهاء رئيس مجلس قرية عين البيضاء
ويقول رئيس مجلس القرية التي تعد آخر نقطة قريبة من الحدود الفلسطينية– الأردنية، إن عطش عين البيضاء وجارتيها تقابله رفاهية مائية للمستوطنات والمعسكرات، التي أقيمت على أراضي المواطنين.
ووفق دائرة مياه الضفة الغربية، فإن مصدر مياه الأغوار الشمالية 10 ينابيع، هي: عين البيضاء، والشمسية التحتا، والشمسية الفوقا، والدير، وقرعان، وبليبل، ودعيبس، وأبو عفيف، وكردلا، ومحدريات، وكلها تنتج 177 متراً مكعبًا في الساعة.

تدخين
أصدر وزير التربية والتعليم العالي د. صبري صيدم قرارًا بمنع التدخين في مباني الوزارة ومديرياتها. والقرار السابقة في المؤسسات الحكومية، جاء وفق تعميم رسمي "لتوفير بيئة آمنة وكحق أساسي للمواطنين، ومن منطلق الحرص على صحة العاملين". وأرفق المنع بدراسة تبين مضار التدخين وعدد المدخنين.
وحسب تصريحات مدير مديرية التربية والتعليم بمحافظة نابلس د.عزمي بلاونة لموقع "النجاح الإخباري"، جاء القرار كون "التدخين شيء ضار جداً على المدخن وغير المدخن "التدخين السلبي" بحسب دراسات وثقت في كتاب صدر عن الوزارة، وهناك أضرار جسيمة تقع على الإنسان دون أن يشعر بها، خاصةً ارتفاع نسبة الإصابة بسرطان الرئة".
وأضاف "طلبنا هذا الشيء من الإخوة المدخنين العام الماضي، وهنا في مديرية نابلس عددهم محدود." وشدد على "أن القرار مقتصر فقط على مديريات التربية والتعليم". وحذر الطلبة المدخنين من تحويلهم للجان النظام المدرسي" حال ضبطهم داخل أروقة المدرسة.
القرار جيد، لكن علينا أن لا نغفل عن قانون مكافحة التدخين رقم (25) لسنة 2005، الذي أشارت مادته الثانية إلى "مكافحة تدخين التبغ في الأماكن العامة للمحافظة على الصحة العامة والبيئة". أما المادة (4) فقالت:" يحظر تدخين أي نوع من أنواع التبغ في المكان العام". وأكملت المادة (5) "يحظر التدخين في ساحات المدارس ورياض الأطفال". ننتظر تفعيل القوانين العديدة، التي لا نسمع للأسف عن معاقبة مخالفيها.

وثيقة وزارة التربية حول قانون منع التدخين
تربية
يجبرك صبية سرقوا ثمار شجرة الوادي على تدشين موسم الزيتون مبكرًا. في العادة تدافع عن خيار تأخير القطاف حتى مطلع تشرين الثاني، وبخاصة أن الجفاف والحرارة المتطرفة سيطرا علينا. يبدو القطاف بعد أمطار التاسع من تشرين الأول جيدًا، فالغبار على الأقل ليس بكامل لياقته، والأرض تلقت رشفة ماء في عز وقتها.
يبدو السؤال العصي على الجواب: لماذا نربي أطفالنا على سرقة ثمار الزيتون؟ ولماذا نسمح لتجاره بالتعامل معه في وقت مبكر؟ وكيف لنا أن نقتنع أن طفلاً في السادسة جمع 10 كيلو من ثمر متشابه بوقت قياسي؟
على الأغلب، لا تبدو دوافع لصوص شجرة السماء منظمة، لكنه سلوك معيب بحق الكبار، الذين لا يتدخلون لتصويب طريقة تعامل أطفالهم مع الشجرة بشكل عام، فتكسير أغصانها بالعصي لقاء الحصول على بضع حبات، ونهب ثمارها التي أنتظرها الغارس طويلاً حتى تنضج بحاجة لبحث عميق عن جذور الأزمة، وفيه تتداخل التربية والبيئة.
إحدى الحلول السريعة، منع شراء الثمار، إلا في نهاية الموسم، وتعميم تجربة محافظة سلفيت في (قلم الزيت) الاسم الذي يُطلقه المزارعون على ضريبة العائد من زيت الزيتون، وفيها يدفع المزارع قرشين أردنيين عن كل كيلو ينتجه، وتذهب النقود لحراسة المزروعات من السرقة، وفتح الطرق الزراعية، ومحاربة ظاهرة الخنازير البرية”

شذرات المطر المبكر في أوائل شهر أكتوبر بجنين
فرح
تفرح كثيرًا بالمطر المبكر، وتُسّرع صباح التاسع من تشرين الأول إلى مقياس المطر، تثبته على سطح منزلك، تدون 15 ملم، لكنك ترصد مقابلها كشف عورة البنية التحتية، فلا أنظمة تصريف جيدة لمياه المطر، والوديان جرى البناء فيها، والحُفر سرعان ما تظهر للعيان. أما الحال في أسواق الخضار فأصعب، إذ تتحول ساحات السوق إلى مكرهة صحية بسرعة البرق.

ساحات أسواق الخضار تتحول في الشتاء إلى مكرهة صحية
الشتاء نعمة، وهو أيضًا رقابة على الجودة، لكن السؤال الذي يطل برأسه: أين هي أقسام الهندسة في بلدياتنا وهيئاتنا المحلية؟ وكيف نسمح باستلام مشاريع ذات عيوب كبيرة يمكن اكتشافها بالعين المجردة؟ ومن الذي سمح بردم الوديان، وتحويلها لكتل اسمنتية؟
aabdkh@yahoo.com