خاص بآفاق البيئة والتنمية
أطفال منتدى الياسمين البيئي في قصر هشام بأريحا
شقّت الحافلة البيضاء طريقها من نابلس قاصدة مدينة القمر، وأخذت في داخلها 16 من أعضاء منتدى الياسمين البيئي، يرصدون مشاهداتهم في الرحلة الخضراء التعليمية. وتنافس الفتية في مسابقة حول التنوع الحيوي بنباته وطيوره، والأقاليم النباتية لفلسطين، فيما رصدوا على حواف الطريق حالات الاعتداء على البيئة: أكوام النفايات العشوائية، وصهاريج المياه العادمة، وقطعان ماشية أطلق العنان لها للرعي الجائر، فيما شاهدوا الأحزمة الاستيطانية الملتفة حول "عنق" أريحا.
في الطريق، دوّن الصغار معطيات حول بيئة فلسطين، معظمها كان حديثًا بالنسبة إليهم، فالأقاليم النباتية الأربع: الصحراوي، والبحر المتوسط، والتغلغل السوداني، والطوارني- الإيراني كلها جديدة، إضافة لأسماء العشرات من النباتات والأشجار الأصلية.
أطفال منتدى الياسمين البيئي يتجولون في مزرعة الأسماك داخل جمعية المشروع الإنشائي العربي في أريحا
تحّجيل
هبط المنتسبون للإطار الذي أطلقه مركز التعليم البيئي، بالشراكة مع مركز الطفل الثقافي إلى 250 متراً تحت سطح البحر، وشاركوا في اليوم الختامي من فعاليات الأسبوع العاشر لمراقبة الطيور وتحجيلها. وشاهدوا عمليات تحجيل لطيور: دويري البحر الميت، وصيّاد السمك، والبلبل أصفر العجز، فيما استعرض الباحث في "التعليم البيئي" مهد خير أرقامًا لطيور فلسطين، ومجموعاتها الخمس، وأعدادها التي تبلغ في الضفة وغزة 373 نوعًا، وأهمية موقعها للطيور المهاجرة، إذ يعبرها سنوياً قرابة 500 مليون طائر، وفي وقت وصلت فيه طيور محجّلة في فلسطين إلى بلغاريا وبولندا ودول أخرى.
وأوضح خير أن الطيور مهمة للتنوع الحيوي، وتساهم في المكافحة العضوية للآفات، وتُعد مؤشراً على جودة البيئة، في وقت تتعرض لخطر الصيد الجائر، وتتهدد موائلها بالعبث، وتجري عمليات متاجرة فيها، ما يعرضها لخطر الانقراض.
أعضاء منتدى الياسمين البيئي
ثروة
تجوّل الأطفال في مزرعة الأسماك داخل جمعية المشروع الإنشائي العربي، واستمعوا من المهندس سامر جبارين إلى شرح حول طرق تربية سمك المشط وتكثيرها، وبيّن أهمية مشروع الاستزراع السمكي، الذي يُعد الأول في فلسطين، ويساهم في رفد المزارع والأسواق بالأسماك الصغيرة للتربية، وبالأسماك الطازجة.
وقال جبارين: تعمل الجمعية منذ عام 1945، وهي أول مؤسسة أهلية في فلسطين. ولدينا اليوم 22 حوضًا بمساحة نحو 2000 متر، يحتاج كل واحد لقرابة 20 متر مكعب من الماء، ونربي فيها أسماك تسمى أيضًا (الطبراني) نسبة إلى بحرة طبرية، ونغطي منذ عام 2010 جزءًا من حاجة السوق.
والكلام لجبارين، فإن مزرعة المشروع تضم اليوم نحو 100 ألف أصبعية (سمكة صغيرة)، تنقل بعد أن تكبر إلى أحواض مجاورة تبعًا لحجمها، وقد تنفُق (10) آلاف منها، ويتم المحافظة على درجة حرارة مناسبة لها، هي 28 درجة في الوضع المثالي.
وتابع: تحتاج الأسماك ثمانية أشهر ليتحول وزن الواحدة إلى 500 غرام، فيما تبلغ دورة بيض السمك 15 يومًا، وتحفظ الأنثى البيض في فمها 7 أيام.
يُطعم المهندس أسماكه 5 مرات يوميًا، ويحتوي العلف على بروتين عالٍ، يفوق ما هو موجود في البيض بثلاثة أضعاف.
تجوّل عقب الافتتاح، وفود طلابية ونسوية في جمعية المشروع الإنشائي العربي، وتعرفوا على مزارع تربية الأبقار والأسماك فيها، واستمعوا إلى شرح من مسؤوليها باعتبارها الأقدم في فلسطين، وهي خيرية غير هادفة للربح، تأسست عام ١٩٤٥ بقرار من جامعة الدول العربية؛ دعما لمشروع تقدم به الراحل موسى العلمي، ممثل فلسطين المنتخب والناطق باسمها في المحافل الدولية. وتهتم الجمعية بخدمة المجتمعات الريفية، وتحسين أداء النشاطات الحرفية والصناعات الزراعية، والحفاظ على البيئة بغرس الأشجار المثمرة، وتوفير التعليم الزراعي والصناعي، والمهني للأطفال والشباب، وتمتد على ٨٣٠٠ دونم شرق أريحا.
حافلة منتدى الياسمين البيئي في طريقها من نابلس إلى أريحا
نخيل
وانتقل أعضاء"الياسمين البيئي" لمزارع نخيل، تجولوا في بيت تعبئة لشركة نخيل فلسطين، وقدّم منسق المبيعات فيها محمود كتانة شرحًا عن مراحل زراعة النخيل، وتحضير فسائله، وقطافه، وفرز ثماره، وتعبئتها، وتغلفيها، وصولاً إلى تسويقه إلى تركيا وأندونيسيا وماليزيا.
وأضاف: يبدأ الحصاد من منتصف آب وحتى كانون الأول، وتعطي النخلة ثمارها بعد 8 سنوات من غرسها، وتنتج الواحدة بين 80-100 كيلو، وتفرز الثمار في ركن خاص، وتجري التعبئة وفقًا للحجم وشكل الثمرة وتماسكها، وتشق طريقها إلى 12 سوقًا خارج الوطن منها تركيا، وأندونيسيا، وماليزيا.
وقال إن الشركة ملتزمة بمعايير تدوير الكرتون، ومهتمة بالمساهمة في الحفاظ على البيئة، وتغرس قرابة 46 ألف نخلة تغطي مساحات كبيرة من أريحا.
وأثناء الجولة في الشركة، شاهد الأطفال فيلمًا حول سيرة قصر هشام ومراحل ترميمه وأنماطه المعمارية، ومن ثم تجولوا في آثار القصر التاريخي، الذي يعتبر من أهم المعالم السياحية في فلسطين، وشيده الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك سنة 724 –743، الذي فضّل الصحراء على دمشق، واتخذه الوليد بن يزيد مقرًا للدولة.
حوض الاستزراع السمكي في جمعية المشروع الإنشائي العربي في أريحا
ألوان
وقال الفتى هشام عوادة إن المشاهد التي تتبعها طوال الطريق، أكدت أن بيئتنا بحاجة للكثير من الجهود، ولا يكفي أن نتحدث فقط عن نفاياتها العشوائية، فهناك ما هو أخطر كالمستوطنات، والزحف العمراني، وحرق النفايات، والمياه العادمة، والمبيدات الكيماوية المنتشرة في كل مكان.
واقترحت عضو الياسمين الأصغر، نورا شاهين أن ينقل المنتدى التجارب البيئية الناجحة إلى المدارس، لتشهد زراعة الحديقة، والأشجار، وتربية الأسماك، وتعليم الطلبة حب البيئة.
ودونت فرح يعيش: علينا أن نفكر في المستقبل، وأن نصنع من الآن الطاقة النظيفة، ونحمي أرضنا الزراعية من الزحف، ونتوقف عن قطع الأشجار، ونبتعد عن الصيد الجائر. فيما تنافس الصغار قبل انتهاء الرحلة في مسابقة المعرفة الخضراء، التي وجهت أسئلة من وحي الجولة، ومشاهداتها، ومعلوماتها، واتفقوا على انتخابات جديدة لرئاسة المنتدى، بعد الإعلان عن برنامج انتخابي أخضر، يطرح مبادرات تعزز الوعي البيئي في قلوب الأطفال، وتشجعهم على المساهمة في حمايتها في مدارسهم وطرقاتهم ومدنهم.
نشطاء منتدى الياسمين البيئي يتعلمون عن الطيور في فلسطين
aabdkh@yahoo.com