
بيروت / خاص: تتزايد معاناة اللبنانيين يوماً تلو الآخر، لا سيما بعدما أقر مجلس النواب، في أكتوبر الماضي، قانونا جديدا للضرائب يثقل كاهلهم بأعباء إضافية تهدد باستنزاف قوت يومهم.
فقد أقر مجلس النواب اللبناني، في 9 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أول رزمة من الإجراءات الضريبية التي تهدف إلى تأمين إيرادات مالية لتمويل سلسلة الرتب والرواتب ومن أبرز هذه الإجراءات رفع ضريبة القيمة المضافة من 10 إلى 11%، وزيادة رسم الطابع المالي على فواتير الهاتف. أيضا، فرضت الحكومة رسوما على عقود البيع العقاري، وضريبة إضافية على أرباح الشركات المالية، وزيادةُ الرسوم على جميع أنواع التّبغ والتمباك (تبغ النرجيلة) والمشروبات الكحولية. كذلك، طالت الزيادات الضريبية رسوم بطاقات السفر، وفرض رسوم على إنتاج الاسمنت.
وفى جولة استطلاعية على المحال التجارية، لوحظ أن أسعار السلع بدأت تسجل ارتفاعاً. ويقول أحد تجار المواد الغذائية "اضطررت لرفع الأسعار لأنني اشتريها من المصدر بأسعار أعلى".
ويظهر جليا في الشارع اللبناني امتعاض المواطنين من الضرائب والرسوم الجديدة، إذ يصف أحد المواطنين، الذي رفض الإفصاح عن اسمه، قانون الضرائب الجديد بـ "التهجيري" كونه سيؤدي إلى تهجير المواطنين من وطنهم للبحث عن مصدر رزق خارج البلاد، وقال "إنه سرقة للقمة عيشهم". ويضيف "تحتار الطبقة الحاكمة بكيفية سرقة ما تبقى لنا من عيش كريم، والضرائب وسيلة جديدة لسرقة قوتنا اليومي".
وقال الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة أن "رفع ضريبة القيمة المضافة 1% مع سلة الإجراءات الضريبية التي أقرتها الدولة، سيزيد عدد الفقراء في لبنان" (العائلات التي لا يتجاوز مدخول الفرد فيها 6 دولارات في اليوم).
وأضاف في مقابلة أن نحو 170 ألف شخص، سيُنتَزعون من أسفل الطبقة الوسطى ليضافوا إلى الطبقة الفقيرة المتمثلة بمليون و800 ألف فقير، ما يرفع نسبة الفقر في لبنان من 31.52% إلى 33.93%.
وأشار إلى أن "ضريبة القيمة المضافة التي تمت زيادتها ستكون عاملا أساسيا وراء زيادة نسبة الفقر، كونها تطال كل السلع، بشكل مباشر وغير مباشر".
وأوضح أنه على اعتبار أن المكونات التي تدخل في تكوين السلعة أو الخدمة هي عرضة لضريبة القيمة المضافة، وعلى رأسها المحروقات التي تدخل بنسبة 95% في السلع والخدمات، ما يرفع أسعار السلع جميعها بنسبة تتراوح بين 10 – 15%.
وضرب عجاقة مثالاً على ذلك "الخبز" المُعفى من كل الضرائب، لكن سعره سيرتفع إلزامياً كون المحروقات تدخل في مراحل تصنيعه ونقله للبيع الى المستهلكين.
وأضاف أن الضرائب "تأتي تحت ذريعة تمويل قانون رفع الحد الأدنى للرواتب والأجور، وإعطاء زيادة غلاء المعيشة للموظفين في القطاع العام الصادر بتاريخ 21 أغسطس/آب الماضي، والذي تبلغ تكلفته أكثر من مليار دولار". وحسب عجاقة "فإن هناك مليون موظف سيدفعون ضرائب من دون أن يتم تصحيح أجورهم".
ولا يختلف رأي الخبير الاقتصادي غازي وزني كثيراً عن رأي عجاقة، حيث لا يستبعد بـ"أن تساهم هذه الضرائب بزيادة نسبة الفقر في لبنان".
ويقسّم وزني قانون الضرائب الجديد حسب تأثيراته على الشكل التالي "55% من الضرائب تطال المواطنين اللبنانيين بشكل مباشر، و26% تطال القطاع المصرفي، و19% تطال القطاع العقاري".
وعن تأثيرات الضرائب، يؤكد وزني على أن "أولى تأثيرات الضرائب ستنعكس تضخماً في الأسعار بنسبة تتراوح بين 5 و 10%، تبعاً لنوع السلع. وثاني التأثيرات، سيكون غلاءاً في أسعار وأجور الشقق السكنية، وثالثها ارتفاعاً في أسعار بقية العقارات بين 3 – 5%، كما ستطال تأثيراتها المودعين في المصارف نتيجة زيادة الضريبة على عائدات ودائعهم من 5 إلى 7%".
ويضيف الوزني أن "الركود الاقتصادي في لبنان لا يتحمل إجراءات ضريبية، لأن ارتفاع الأسعار سيؤثر على الاستهلاك وبالتالي على النمو الاقتصادي الضعيف أصلا".