خاص بآفاق البيئة والتنمية

الكمبوست الإسرائيلي السام المستخدم في بعض أراضي النخيل بالأغوار الفلسطينية
في السنوات الماضية استخدم المزارعون الفلسطينيون السماد العضوي في أراضيهم الزراعية، وكان يتم شراؤه من إسرائيل. لكن مع تقدم السنين بات الإسرائيليون يفرضون أسعاراً باهظة الثمن على شراء هذا السماد، بحيث لا يمكن الحصول عليه إلا من خلال حَملةِ التراخيص أو أصحاب الهوية الزرقاء فقط، أي أنه مسموح للمستوطنين وممنوع على الفلسطينيين.
حاول المزارعون البحث عن بديل آخر يتحملون أعباءه ويمكن توفيره بسهولة، فلم يكن أمامهم سوى نوع يشبه السماد، رخيص الثمن، ويتكون من مخلفات النباتات والحيوانات المُعالجة. ومن هنا تبدأ الحبكة!!
تقوم إسرائيل بإلقاء مخلفاتها الناتجة عن الاستخدامات المنزلية والطبية والمياه العادمة غير المُعالجة وغيرها من المخلفات وأهمها البلاستيك والزجاج في مكب "توفلان" يتواجد في منطقة فروش بيت دجن، يقوم سمسار يملك الموقع بطحنه مع التراب وبيعه للمزارعين بأسعار زهيدة جداً (200 شيقل للطن). يعتقد بعض المزارعين بأن هذا السماد صالح للاستخدام، ولكن برأيك هل هذا الاعتقاد سائد عند جميع المزارعين والحكومة الفلسطينية ومؤسساتها وبالأخص وزارتي كل من الزراعة والصحة؟
تبين من خلال الفحوصات المخبرية التي أجرتها سلطة جودة البيئة، أن هذا الكمبوست ذو سمّية عالية لما يحتويه من عناصر ثقيلة أهمها الرصاص والخارصين والكروم والنحاس، فما بالك أن هذه العناصر تُغذي مزروعاتنا التي تصل في آخر المطاف إلى أفواهنا. إن أكثر المناطق استخداماً له تقع في الأغوار الوسطى، بحيث تعاني أراضيها من تدهور خصوبة تربتها. وجزء من محاصيلها أصابها الجفاف كأشجار النخيل نتيجة استخدام هذا السماد، مما أثر على نوعية التمور. ومن المعروف أن التمور الريحاوية هي مصدر أساسي لدخل السكان، فما أن تتعرض للهلاك سيُفضي ذلك إلى خسائر مادية كبيرة ترجع بالضرر على مدخول المزارع. وبذلك أستطيع تسمية هذا النوع من الأسمدة القاتلة بآفة الأغوار المدفونة تحت التُراب.
إذن، هل يتخيل لك بأنه من الممكن وجود وكلاء فلسطينيين يسوقون لهذا المُنتج؟ في الحقيقة نعم يوجد بعض الوكلاء بسبب جشعهم وطمعهم التجاري يسوقون هذه المخلفات السامة غير آبهين بصحة شعبهم!

الكمبوست الإسرائيلي السام في الأغوار الفلسطينية
أضرار صحية وبيئية
سأسلط الضوء على اللصوص التي تسرق وتنهب حقوقنا الإنسانية من ناحية قلة جودة الغذاء الذي نتناوله وتعرض صحتنا الى الهلاك والتدهور دون علمنا بذلك، ودون معرفة السبب وراء انتشار الأمراض المميتة، بت أعتقدُ بأن انتشار أخبث مرض كالسرطان بهذا الحجم في الآونة الأخيرة يرجع الى نوعية وجودة الطعام الذي نتناوله، والذي يعود إلى تلوث التربة بمواد وعناصر سامة وأيضاً مياه الري الملوثة التي تروي المزروعات.
إن جزءاً كبيراً من المزارعين على دراية تامة بمضار هذا الكمبوست، ومستمرون بالزراعة على أساس أنه ليس خطيراً كما يقال لهم، يشجعهم على ذلك رخص ثمنه، ومنهم من يدّعي بأنه غير سام، فهم كالذي يكذب الكذبة ويصدّقها، والبعض الآخر يجهل كلياً بأنه سام بسببُ قلة الوعي وعدم وجود توعية لهم من قِبل وزارتي الزراعة والصحة.
أقول بصوت عالٍ بأن كلاً من المزارعين والجهات الرسمية هم مسؤولون عن الأضرار الناتجة من استخدام الكمبوست السام، وعليهم التصرف قبل فوات الأوان لتغيير هذا الواقع.
تتجاهل الجهات المسؤولة وضع حلول وإجراءات وقوانين للحد من شرائه واستخدامه، وبدلاً من توفير الأموال لإنتاج السماد العضوي داخلياً وبيعه إلى المزارعين، فإن بعض الجهات الرسمية تقول بأنها تعكف على محاربة ومحاكمة ومساءلة المزارعين، ولكنها كلها أقوال غير دقيقة لأن السماد ما زال يتواجد حتى تاريخ كتابة المقال.
أما بالنسبة للمزارعين الجشعين فلو أنهم يملكون "الضمير" لامتنعوا عن التسبب بأذية الآخرين، فمن يُضحّي بضميره من أجل كسب المال فهو كمن يحرق نفسه من أجل الرماد. فمن المسؤول عن ذلك برأيك أنت عزيزي القارئ؟ المزارع أم الجهات المسؤولة أم كلاهما؟ وما الحل؟