خاص بآفاق البيئة والتنمية
تشهد أسعار الخضروات تذبذبا كبيراً، فبينما تتميز بالانخفاض كسمة عامة، ترتفع الفاكهة وبخاصة الإسرائيلية في السوق المحلي، في وقت تتصف أسعار مدخلات الإنتاج الزراعي بالارتفاع الحاد.
تسلط" آفاق البيئة والتنمية" الضوء على واقع أسعار المنتجات المحلية، وتستمع لتعليقات مزارعين ومواطنين، وتتبع تصريحات جهات مسؤولة عن الإجراءات الممكنة لحماية القطاع الزراعي.
يؤكد المزارع عبد الله إبراهيم أن الأرض ومن يعمل في فلاحتها يعانون الأمرين، فلا أحد يُقدّم لهم الدعم المناسب، فيما ترتفع أسعار تكلفة كل شيء تتراجع أثمان الخضروات، وإذا ما ارتفعت لمدة قصيرة، فإنها سرعان ما تنخفض.
وفق إبراهيم، فإن شتلة القرنبيط(الزهرة) تُزرع ستة أشهر تقريباً، وتكلف أكثر من 4 شواقل بين ماء وأسمدة وعناية، لكن سعر الرأس الواحد منها اليوم لا يتجاوز الثلاثة شواقل ونصف في أحسن الأحوال.
وفي يومياته الكثير من الهموم، فديونه لمحلات بيع مستلزمات الإنتاج الزراعي تتضاعف، وتصل إلى نحو المئة ألف شيقل، أما ما يبيعه من محصول، فهو لا يغطي التكلفة العالية.
يقول: لن نستطيع أن نصمد طويلاً، فطوال الموسم الصيفي الماضي لم نجنِ من محصول الكوسا أي أرباح، واليوم نتكبد الخسائر في الزهرة والملفوف، والدفيئات الزراعية لا تطعم صاحبها، وقطاعنا للأسف دون تنظيم ودعم، وهذا ما يُفاقم معاناتنا.
مفارقات
يقول المواطن محمد ملحم: في العادة تكون الأسعار خلال الخريف مرتفعة، أما انخفاضها فاعتقد أن له عدة أسباب، كوجود المنتج الاسرائيلي بجودة عالية وبأسعار تنافسية ما يقلل الطلب على المنتج الفلسطيني، وعدم القدرة على التصدير للخارج لأننا لا نسيطر على معبر ولا على أي شيء، وعدم التنسيق بين المزارعين لزراعة الكميات التي يحتاجها السوق فعلا، وغياب مصانع تحويلية لاستيعاب فائض الإنتاج والتهريب من السوق الإسرائيلي، وعدم وجود تعاونيات حقيقية تدعم المزارع لأنها كلها تؤسس للمصالح الذاتية، وغياب توفر أنظمة التبريد والثلاجات.
يضيف: يتمثل الحل في إشراف وزارة الزراعة على الكميات المزروعة وتحديدها، وتأمين برادات، والتصدير للخارج، وتأسيس مصانع تحويلية، وزيادة جودة الإنتاج ومكافحة التهريب. ولنتخيل المفارقة المضحكة، يكفي أن نتذكر أننا نستورد رب البندورة من سلطنة عمان ودولة الإمارات، ونحن نتلف البندورة في الطرقات في الكثير من المواسم!
فيما يرى المعلم والمزارع عوني ظاهر أن الحديث عن زيت الزيتون، يجب أن يسبق نقاش الخضروات؛ لأن المزارع الصامد باعه العام بأقل من سعر التكلفة، وللأسف دفع هذا البعض لأن يقطعوه، وكل حملات الزراعة التي تتحدث عنها وزارة الزراعة ليست صحيحة، وحتى إذا حصل تصدير يوشي مسؤولون أو الجمعيات لفئة معينة، فيقومون بجمع الزيت بأسعار متدنية وتصديره بأسعار أعلى.
إعلام غير موضوعي
بينما يقول وزير الزراعة المهندس وليد عساف، خلال برنامج" قضية ومسؤول" في طوباس، إن "الزراعة" ستفتتح اربعة برادات كبيرة لتخزين المنتجات الزراعية، وبخاصة الجزر والبطاطا، ستحظى الأغوار بواحد منها، فيما سيتواصل تصدير البطاطا الغورية للأسواق الأردنية هذا العام، مثلما سيجري افتتاح مراكز تعبئة الخضروات في طوباس ستضاف إلى مركز بردلة، عدا عن مراجعة سياسة التصدير. في أوقات شح المنتوجات، كما حصل مع البندورة، حين جرى وقف امداد السوق السعودية بها.
وذكر أن الوزارة شكلت لجنة مختصة لتحديد سياسة تصدير المحاصيل الزراعية، من خلال( الروزنامة) التي أعدتها الوزارة، وطالب الوزير وسائل الإعلام بالتعامل بموضوعية مع ارتفاع الأسعار لبعض المحاصيل، وعدم تضخيم الأمور، وتناول ما يعانيه المزارع في حال الكساد الذي يتكرر للكثير من المنتجات، خلال مواسم كثيرة طوال العام.
بدوره، قال رئيس بلدية طوباس عقاب دراغمة، خلال افتتاح الحوار، إن الإغوار تحتاج إلى وقفة وطنية جادة، ولتخطيط استراتيجي حقيقي، وخطة عمل واضحة المعالم، تعزز صمود المواطنين فعلاً لا قولاً، في وقت تتواصل فيه مخططات التهويد، وتهجير المواطنين، وبناء الجدران.
وأضاف أن المزارعين بحاجة إلى دعمهم بعدالة، والاستفادة من التجارب الناجحة لكبارهم، والبناء عليها وتعزيزها. مشيراً إلى أن إبعاد الفلاحين عن أرضهم يعني تفريغها لصالح المستوطنين ومعسكرات التدريب لجيش الاحتلال.
عوائق
من جانبه، قال محافظ طوباس والأغوار الشمالية العميد ربيح الخندقجي، إن الواقع يحتاج إلى تكثيف الحديث حول الزراعة من حيث الممكن والمتوقع، والمتاح والعوائق، والبعدين: الفلسطيني والإسرائيلي. مؤكداً أن استمرارها لا يتعلق بإرادة الاحتلال بل بالرغبة الفلسطينية.
وأضاف إن الأغوار بحاجة إلى تكريس شعار كونها سلة غذاء فلسطين، بشكل عملي. مشيراً إلى أن البند الأساسي في الزراعة يرتبط بتوفر الأرض، ويحتاج للاتفاق على شكل الإدارة الصحية للمياه.
ونوه الخندقجي إلى وجود سوء في إدارة المقدرات المائية للمحافظة، يتمثل بعدم تناسب بين المستخرج منها، والمدخلات الفردية، التي ينبغي أن تدعم التحدي الوجودي المرتبط بالزراعة.
ودعا إلى تفادي التعامل بحسابات فردية ومجاملات مع القطاعين المائي والزراعي، وضرورة إقرار خطة دفاع استراتيجي ضد التهويد، تتسلح بالزراعة.
آراء
يقترح المزارع أمين حمدان أن تدعم وزارة الزراعة مستلزمات الإنتاج بنسبة معقولة، أو تتدخل لحماية الأسعار، بفرض حد ممنوع تجاوزه او الهبوط عنه أسوة بباقي السلع والخدمات، يراعي بقاء المزارع ويحقق العدالة بالنسبة للمستهلكين.
ويطالب المزارع سمير صلاح، بإجراءات عملية أكثر لتنظيم المساحات الواجب زراعتها كل موسم، حتى لا تنهار الأسعار، فمثلاً خلال العام الحالي كان سعر الثوم مرتفعًا، بينما لم يجد في الموسم الذي سبقه من يشتريه. وتعرض الفلاح الذي زرع هذا الصنف لخسائر كبيرة.
ووفق تاجر المواد الزراعية يوسف خلف، فإن العديد من المزارعين باتوا لا يجدون طريقة لتسديد ما يتراكم عليهم من ديون، ويؤجلون الدفع؛ نظراً لانخفاض أسعار المحصول في معظم المواسم. يقول: بعضهم يتراكم عليه مبلغ يتجاوز المائتي ألف شيقل، وبعد موسمين لم يستطيعوا السداد. وإذا ما استمر الوضع على حاله الراهن لن استطيع الاستمرار في عملي.
بينما يؤكد بائع الخضروات محمد السويطات، أن أسعار غالبية المحاصيل غير طبيعية، فهي إما مرتفعة كثيراً لفترة قصيرة، أو متدنية كثيراً لفترة طويلة، ولا نجد أسعاراً معتدلة. وعلى الأغلب معظم المحاصيل المنتجة محلياً متدنية مقارنة بالمستورد من السوق الإسرائيلي كالأفوكادو الذي يباع بنحو 8 شواقل للكيلو الواحد هذه الأيام، أما الباذنجان والقرنبيط والبندورة والخيار فكلها متدنية السعر، وتٌخسّر أصحابها، فكل شيء هذه الأيام في ارتفاع كبير إلا ما نزرعه في حقولنا.
aabdkh@yahoo.com