إلى جانب كونها أبشع جريمة حرب ضد الإنسانية: الجدران العنصرية والمستعمرات الإسرائيلية تقطع تواصل المساحات الطبيعية وتعزل الحيوانات البرية عن موائلها وتعرضها للانقراض
|
الجدار العنصري لم يترك للفلسطينيين سوى الأراضي الجافة الجرداء |
خاص بآفاق البيئة والتنمية
يتبين يوما بعد يوم بـأن الجدران العنصرية الإسرائيلية والبنى التحتية الاستيطانية تفاقم أكثر فأكثر الخطر الوجودي على موائل الحيوانات البرية والحياة البرية بشكل عام، في جبال وأرياف الضفة الغربية. فهذه الجدران والمستعمرات تجسد ليس فقط أبشع عملية قهر وإذلال لشعب تحت الاحتلال، بل إنها تهدد أيضا الحياة البرية وتعزل الحيوانات وتمنعها من الوصول إلى موائلها الطبيعية؛ فتدمر تنوعها الوراثي وتعرضها للانقراض.
جدران العزل العنصرية والأسوار والأسيجة التي تغلق مئات آلاف دونمات الأراضي الفلسطينية التي نهبها الاحتلال واعتبرها مناطق عسكرية مغلقة، أو تلك الأسوار التي تحيط بالأراضي الزراعية الشاسعة التي استولى عليها المستعمرون- هذه الجدران والأسوار والأسيجة تزداد طولا باستمرار، وقد تجاوز طولها حاليا الألف كيلومتر في بقعة جغرافية صغيرة نسبيا (مساحة الضفة الغربية مع القدس الشرقية نحو 5860 كم2).
وبالإضافة إلى الجدران العنصرية الطويلة الممتدة على مسافة مئات الكيلومترات، ابتداء من شمال الضفة، مرورا بمنطقة بيت لحم وقرية الولجة وانتهاء بجنوب الخليل، فإن قوات الاحتلال وقطعان المستعمرين غالبا ما يغلقون الأراضي الزراعية التي يستولون عليها، بهدف منع الفلسطينيين من الاقتراب منها أو بذريعة "حمايتها" من الحيوانات البرية، وبخاصة حينما يعمد سارقوها الإسرائيليون إلى زراعتها ونهب إنتاجها. كما أُغلقت المساحات الواسعة التي أقيمت عليها المستعمرات.
في المحصلة، تسببت الجدران والأسوار والإغلاقات والبنى التحتية الاحتلالية في قطع شبه كامل تقريبا لتواصل المساحات المفتوحة لحركة الحيوانات البرية مثل الغزلان وعشرات الأنواع الأخرى مثل الغريرات والنيص والنمس.
ومن المنظور الإيكولوجي، تشكل الجدران والحواجز والبنى التحتية الاستيطانية والمستعمرات عائقاً أمام الحفاظ على الأنظمة البيئية والمعالم الطبيعية والترابط بين المناطق المحمية، ولها آثار مميتة على تنقل الحيوانات البرية، نتيجة لتجزئة الأنظمة البيئية بين الأرض المحتلة عام 1948 والضفة الغربية من جهة، وغياب التواصل بين الممرات البيئية الطبيعية من جهة أخرى.
الجدار العنصري وما يسمى منطقة العزل "الأمنية" الشرقية، يتسببان في تدهور الغطاء النباتي بالضفة الغربية نتيجة عزل أكثر من 45 كم2 من الغابات الطبيعية المزروعة (نحو 55% من المساحة الكلية للغابات) عن البيئة المجاورة، ناهيك عن عزل أكثر من 40 منطقة محمية يُمنع الفلسطينيون من الوصول إليها أو إدارتها.
وبسبب تدميره للأنظمة البيئية الفلسطينية وعزله للحيوانات البرية المتواجدة في جانبي الجدار، وبالتالي إعاقة حركتها الطبيعية، يهدد الجدار العنصري التنوع الحيوي والحياة البرية في فلسطين؛ ما يعوق حصولها على الغذاء ويعيق عملية تكاثرها؛ وبالتالي يهددها بالانقراض. وتولد عمليات العزل مجموعات صغيرة ومعزولة من الحيوانات البرية، ما يؤدي إلى تقليص كبير في تنوعها الوراثي وتشكيل خطر جدي على مجرد وجودها.
|
الجدار ان العنصرية دمرت النظام البيئ والغطاء الأخضر والتنوع البيولوجي في الضفة الغربية |