وارسو / خاص: توصلت الدول الغنية والبلدان الفقيرة إلى حل وسط بشأن تقاسم الجهود اللازمة لإبطاء ظاهرة ارتفاع درجات الحرارة في العالم، ما أبقى الآمال بأن مائتين من دول العالم ستواصل دعم خطة للتوصل الى اتفاقية جديدة للأمم المتحدة بشأن المناخ. غير ان كثيرا من عناصر الاتفاق تعرضت لانتقادات الجماعات المدافعة عن البيئة لافتقاره إلى الإلحاحية.
وكان من المقرر أن تنتهي يوم الجمعة 22/11/2013 مفاوضات استمرت أسبوعين، لكنها وصلت إلى طريق مسدود بشأن إطار زمني لإبرام أول اتفاقية للأمم المتحدة للمناخ، والتي ستضع قواعد جديدة بشأن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري لتلتزم بها جميع الدول. ومن المقرر إبرام الاتفاقية في 2015 وان تدخل حيز التنفيذ في 2020.
وفي وقت متأخر من يوم السبت 23/11/2013 اتفق المفاوضون في النهاية على أن جميع الدول يجب أن تعمل معا للحد من الانبعاثات في أسرع وقت ممكن والذي سيكون مثاليا بحلول الربع الأول من عام 2015. وأنهى الاتفاق الخلاف بين الدول الغنية والدول الفقيرة حول تقاسم أعباء الحد من الانبعاثات، التي يلقى عليها باللوم في موجات الحر والفيضان والجفاف المتزايدة وارتفاع مستويات المياه في البحار.
وفي ظل اتفاقية المناخ السابقة -اتفاقية كيوتو- فإن الدول الأكثر نموا (المتقدمة) فقط هي التي كانت مطالبة بالحد من الانبعاثات. وكان ذلك من الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة إلى رفض الاتفاقية قائلة إنه يتعين أيضا مشاركة دول تحقق نموا اقتصاديا سريعا مثل الصين والهند.
وقالت جنيفر مورغان من مركز أبحاث معهد الموارد العالمية "في اللحظة الحاسمة حقق المفاوضون نجاحا يكفي لإبقاء العملية مستمرة".
وأصرت الصين على ضرورة أن تعلن الدول المتقدمة تخفيضات كبيرة في الانبعاثات مع السماح للاقتصادات الناشئة بإحراق قدر أكبر من الوقود الإحفوري لمساعدتها في القضاء على الفقر.
لكن الولايات المتحدة أشارت إلى أن جميع الدول وافقت في 2012 على أن اتفاقية 2015 "ستطبق على الجميع" وإتهمت دول الاقتصادات الناشئة بالرجوع عن اتفاقيات سابقة.
والإجراء الوحيد الملموس الذي تم التوصل إليه بعد أسبوعين من المفاوضات كان الموافقة على قواعد جديدة لحماية الغابات الاستوائية التي تمتص ثاني أكسيد الكربون.
ولم تعرض أي من الدول الكبرى أثناء اجتماع وارسو إجراءات أكثر صرامة لإبطاء الانبعاثات العالمية المتزايدة للغازات المسببة للاحتباس الحراري، وتراجعت اليابان عن المستويات المستهدفة لعام 2020 بعد إغلاق صناعتها النووية في أعقاب كارثة فوكوشيما.
وحتى بعد كسر الجمود بشأن تحديد الدول التي يجب عليها التصدي للانبعاثات، استمرت المحادثات حول خلاف آخر بين الأغنياء والفقراء، يتعلق بالمساعدات التي تدفعها الدول المتقدمة للبلدان النامية لمساعدتها على الحد من الانبعاثات والتغلب على آثار التغير المناخي.
وكانت الدول المتقدمة قد وعدت في 2009 بزيادة مساعدات المناخ الى 100 مليار دولار سنويا، بعد 2020 من عشرة مليارات دولار سنويا في الفترة من 2010 الي 2012.
وقاومت الدول المتقدمة دعوات من البلدان النامية لتحديد اهداف للفترة من 2013 إلى 2019. وهكذا اكتفت مسودة للاتفاقية بحث الدول المتقدمة على تحديد "مستويات متزايدة" للمساعدات.
وتركز الدول المتقدمة على حفز النمو الاقتصادي أكثر مما تركز على معالجة التغير المناخي.
واقترحت المحادثات أيضا وضع "آلية وارسو" لمساعدة الدول النامية على التعامل مع الأضرار الناجمة عن الاحداث المفجعة مثل الموجات الحارة والجفاف والفيضانات والتهديدات الزاحفة، كزيادة مستويات مياه البحار والتصحر.
وأصرت البلدان النامية على "آلية" – لإظهار أنها منفصلة عن الهياكل القائمة- حتى على الرغم من أن الدول الغنية تقول إن تلك الآلية لن تحصل على أموال جديدة أكثر من مبلغ المئة مليار دولار المزمع دفعه سنويا بعد 2020 .
وبرأي الكثيرين اعتبر النص الذي انتهى إليه المؤتمر ضعيفا للغاية، خاصة وانه تم تأجيل أهم نقطة في الأمر وهي إلى أي مدى يمكن تحديد أهداف لحماية المناخ في كل دولة على حدة وإلزامها بتلك الأهداف.
وكان كثير من أنصار البيئة قد انسحبوا من المؤتمر قبل ثلاثة أيام من انتهائه تعبيرا عن الاستياء من عدم تحقيق تقدم، ومن انشغال الدول الغنية بإعادة تنشيط اقتصاداتها الضعيفة اكثر من مكافحة التغير المناخي.
وقال نيكولاس شتيرن من كلية لندن للاقتصاد "الإجراءات التي تم الاتفاق عليها هي ببساطة غير كافية اذا قورنت بحجم وإلحاحية المخاطر التي يواجهها العالم بسبب ارتفاع مستويات انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري".
وانتقد كريستوف بيلز من منظمة "جيرمان ووتش" الألمانية المؤتمر قائلا "هذه الأوراق تقول إن أهداف الدول التي توصف بالنمور هي أيضا لها قوة قانونية، فإلى أي مدى يبقى ذلك ملزما، هذا ما لم يحسمه المؤتمر".
كما انتقد توماس هيرش من منظمة "الخبز من أجل العالم" المؤتمر قائلا "بالنظر إلى إعصار هايان وكوارث أخرى فإننا نعتبر نتائج المؤتمر ضعيفة".
وألح ممثل بنغلادش باسم مجموعة 77 (دول نامية) والصين على اتخاذ تنازلات خاصة من جانب الولايات المتحدة قائلا "حين نتوصل الآن إلى اتفاقية فإن ذلك يمثل خطوة أولى على طريق طويل".
وقال رئيس وفد الفلبين ييبس أنو إنه بالنسبة للدول النامية فإن التوافق بشأن "آلية وارسو" يمثل ضرورة ملحة، مضيفا القول: "لن نعود خالين الوفاض إلى بلادنا، ونحن نحتاج فقط إلى خطوة شجاعة. إن هذه اللحظة تمثل مفتاحا للمشكلة".
الا ان هذا لم يمنع ممثلة الفلبين من انتقاد عدم الإدلاء بأرقام دقيقة في المؤتمر قائلة "كنا نحتاج إلى أرقام محددة تعين الدول النامية على توفيق أوضاعها مع المطالب المعلنة، لكننا بدلا من ذلك تلقينا صيغا فضفاضة".
ولم يصدر المندوبون أية بيانات محددة بخصوص بند التمويل، حيث جاءت أقوالهم دون تحديد للأهداف المقصودة بتواريخ محددة أو مبالغ نقدية معينة، كما طالبت بذلك الدول النامية.