اسم الكتاب: تسريب الأراضي والعقارات في الضفة الغربية
عدد الصفحات: 227 من القطع المتوسط
سنة الإصدار: 2016
المؤلف: محمد الياس نزال
خاص بآفاق البيئة والتنمية
يعدُّ هذا الكتاب المهم للباحث محمد النزال، بمثابة دراسة تعريفية بالشركات الإسرائيلية الاستعمارية العاملة في مجال تزوير وشراء ملكيات الأراضي الفلسطينية: أساليبها، أدواتها والبيئة القانونية الحاضنة لها.
يحاولُ هذا الكتاب الإجابة عن أسئلة أربعة، كيف تم تطويع القوانين المحلية (العثمانية، البريطانية، الأردنية) التي قصد منها حماية الأراضي لتصبح أداة يستغلها المستعمرون على نقيض مقاصد المشرّعين؟ ما هو الوضع القانوني للشركات (المملوكة للإسرائيليين) ذات الصلة بالأراضي التي جرى إنشاؤها؟ من هي هذه الشركات ومواقع نشاطاتها الرئيسية؟ ما هي الآليات والوسائل التي تلجأ إليها هذه الشركات لتنفيذ أهدافها؟
ومن المهم الإشارة إلى أن الكتاب لا يتطرق إلى التشريعات الفلسطينية ما بعد أوسلو، كونها لا تسري سوى على الأراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية، وليس لها علاقة جدية بالأراضي التي لا تزال تحت السيطرة الإسرائيلية المطلقة، والمصنفة مناطق جـ، كذلك لم يتم تخصيص مساحة كافية لما تتعرض له مدينة القدس وأراضيها بحكم ضمها إلى دولة الاحتلال وإخضاع الإجراءات فيها قسرا للقانون الإسرائيلي، لأن ذلك وحدهُ يتطلب أبحاثًا مستفيضة لا يتم اختزالها في عجالة.
فصول الكتاب
يتناول الفصل الأول التعديلات التي استخدمتها قوة الاحتلال على نصوص القوانين ذات العلاقة بالتصرف في الأموال غير المنقولة، والتي أسست لنشاط الشركات الاستعمارية القائمة، والفصل الثاني يلقي الضوء على الوضع القانوني للشركات العقارية الاستعمارية وعلاقتها البينية والخارجية، واهم السمات المشتركة في عملها. أما الفصل الثالث فيتعرض لأسماء أهم الشركات العقارية الاستعمارية العاملة في الضفة الغربية وأرقام تسجيلها، وأهم الأشخاص الذين يقفون من خلفها، إضافة إلى عدد من نماذج صفقاتها. بينما يتناول الفصل الرابع آليات وأساليب عمل تلك الشركات، مع استحضار الأمثلة الواقعية والحية، وتسليط الضوء على أسماء وهويات عددٍ من الضحايا والجناة.
السيطرة على الأراضي بالقانون المجحف
يكشفُ الكتاب أن المقارنة بين الأوامر والتشريعات الإسرائيلية التي رافقت سيطرة قواتها العسكرية على الأراضي الفلسطينية عام 48، وحتى قيام الكنيست الإسرائيلي بالمصادقة على قانون "أملاك الغائبين" عام 1950 من جهة، وبين الأمر العسكري رقم 58 الصادر في 23 تموز 1967 من جهة ثانية، يكشف أن تعليمات الأمر العسكري، جاءت نسخًا لنصوص "قانون أملاك الغائبين" مع تصرف مسّ الشكل فقط، ليتلاءم والتشخيص القانوني-الدولي وحتى الإسرائيلي- لوجودها العسكري في الأراضي الفلسطينية والتزاماتها كقوة احتلال.
الأمر الصادر عن القائد العسكري لقوة الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية ( حاييم هرتسوغ) في السابع من حزيران 1967، أبقى على النظام القانوني الذي كان نافذا قبل التاريخ –ما يعني أن القوانين والأنظمة العثمانية والانتدابية، التي لم تلغها التشريعات الأردنية بقيت نافذة في الضفة الغربية، إلى جانب التشريعات والأحكام الصادرة عن جهات التشريع الأردنية التي كانت سارية النفاذ عشية الاحتلال الإسرائيلي-لكنه بالمقابل، نقل صلاحيات التشريع للقائد العسكري أو من يعين من طرفه، وهو ما مهد السبيل لإضفاء الشرعية على الإستراتيجية التي تم إعدادها مسبقا للسيطرة على أراضي الفلسطينيين ومقدراتهم، وجرى فرضها من خلال تشريعات تضمنتها الأوامر العسكرية للقائد العسكري.
ويلفت الكتاب إلى أن تجربة إسرائيل في تطويع أو تقطيع القانون المحلي في الجزء المحتل من فلسطين عام 48 أفادتها كثيرًا في التعامل مع بقية أجزاء فلسطين التي احتلتها عام 67، فالموروث التشريعي في فلسطين التاريخية هو ذات الموروث، وخصوصا المتعلق بالأراضي (القوانين العثمانية، والانتداب البريطاني) في ذات الوقت الذي بقيت فيه مقاسات المشروع الصهيوني الاستعماري الاحتلالي ثابتة لم تتغير.
الخلاصة والتوصيات
يلخّص الكتاب أزمة تسريبات الأراضي في مناطق جـ، مع تشكّل الشركات الاستعمارية تاريخيًا والتي اُعتبرت أحد الأدوات الرئيسية لتنفيذ المخطط الاستعماري الصهيوني في فلسطين منذ بدايات نشاط الحركة الصهيونية فيها، ومع أنها استهدفت حينها-ما قبل قيام إسرائيل- أراضي كبار الملاك العرب والفلسطينيين، إلا أن نشاطها في الضفة الغربية ما بعد عام 1967، تركز في الأساس على أراضي صغار الفلاحين، ذلك أن معدل مساحات قطع الأراضي في المواقع التي حددها سياسيو دولة الاحتلال كمناطق أفضلية لإقامة المستعمرات الصهيونية في الضفة الغربية، لا تتجاوز في الواقع عشرات الدونمات لكل قطعة ارض.
من جهة ثانية، فإن القصور الذي تَكشّف لاحقا في نجاعة مواصلة اللجوء إلى آلية وضع اليد لأغراض عسكرية –بعد قرار المحكمة العليا في قضية "الون موريه" عام 79 أو اللجوء إلى آلية إعلان "أراضي دولة" في حال كون الأراضي المستهدفة مشجرة أو مفلوحة أو حتى جرت تسويتها، وهذا الواقع هو ما دفع باتجاه إنشاء الشركات العقارية الاستعمارية كي تتولى مهمة إزالة هذه العوائق، على أن يتم تمهيد السبيل أمامها وتسليحها بكل الإمكانات والمقومات التي تضمن لها النجاح.
اعتبرت تلك الشركات أداة موجهة وممنهجة وشاملة ومتواصلة تمثّلُ ممارسة حكومية بكافة أجهزتها، فالسماح بها لا يتم لولا التشريعات التي سنتها دوائر صنع القرار لدى الاحتلال، ولولا تبني إسرائيل لإستراتيجية إنشاء المستعمرات ومنح كافة التسهيلات المطلوبة لها، وعلى رأسها شعبة الاستيطان تنفيذًا لمشروعها الاستيطاني.
أوصى الكاتب بعدة توصيات تتمثل في التالي: ضرورة التوجه لمحكمة العدل الدولية لاستصدار قرار قضائي بشأن صلاحية القائد العسكري في التوسع في تعديل القوانين المحلية، ومدى مشروعية النتائج العملية التي ترتبت على هذه التعديلات، والتوجه أيضاً لمحكمة الجنايات الدولية لمخالفتها القانون الدولي بنقل جزءٍ من سكانها إلى الدولة المحتلة، والدول والمحاكم الأجنبية، كون هذه الشركات متهمة بالتزوير ومخالفة القانون الدولي، وكذلك نظراً لكون المستثمرين اليهود مسجلين ويحملون جوازات سفر أجنبية لبلدان أوروبية تدين الاستيطان.
أمّا على الصعيد المحلي فيجب: تشديد العقوبات على من يثبت تورطه في ارتكاب جريمة تسريب الأراضي، تشكيل محاكم خاصة (عسكرية وأمنية) للنظر في هذه الجرائم، تجاوز موضوع مدة التقادم على من ارتكب مثل هذه الجرائم، سحب الجنسية الفلسطينية من العملاء الهاربين، وتشكيل لجنة مؤسساتية لمتابعة هذا الملف (هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، مجلس القضاء الأعلى، الاستخبارات العسكرية، شؤون المحافظات، سلطة الأراضي، وزارة الداخلية)، وإنشاء سجل بأسماء السماسرة وكتاب العدل المتورطين في أعمال التسريب، ومتابعة ما يستجد من قضايا كلٌ في تخصصه.