بدأت السيدة صوالحة وزوجها بالعمل على إنتاج الصابون العضوي داخل مطبخ منزلهم في العام 2002، لتروق لهم الفكرة ويزداد استمتاعهم بالإنتاج مع ازدياد الطلب، فبحثا عن طرق لتوسيع مشروعهم وتحسين خط إنتاجه. أصناف الصابون المصنعة في مصنع "صِبا" المقام على مساحة دونم تقريبا في مدينة أريحا الصناعية، متعددة وجميعها من مواد طبيعية 100%، مثل مجموعة الزيوت التي تنتج من خيرات الأرض الفلسطينية والزعتر البلدي، ونبتة الخزامى، والليمون والعسل وحليب النوق والتمر واللوز والفحم وطينة البحر الميت...
|
خاص بآفاق البيئة والتنمية
|
أصناف صابون صبا العضوي الذي تطمح السيدة إخلاص لأن تجعله يضاهي المنتجات العالمية |
من مطبخ منزل ريفي صغير في قرية عصيرة الشمالية، شمال مدينة نابلس الفلسطينية، إلى مصنع بيت الصابون "صِبا" في مدينة أريحا، رحلة عمل شاقة استغرقت خمسة عشر عاما، نجحت خلالها السيدة إخلاص صوالحة بإنتاج أحد عشر صنفا من الصابون العضوي لتطرحه في الأسواق المحلية والعربية.
السيدة إخلاص وإحدى العاملات في المصنع وتطمح لأن تشغل 20 فتاة من أريحا في المشروع
صابون طبيعي عضوي
بدأت السيدة صوالحة وزوجها بالعمل على إنتاج الصابون داخل مطبخ منزلهم في العام 2002، لتروق لهم الفكرة ويزداد استمتاعهم بالإنتاج مع ازدياد الطلب، فبحثا عن طرق لتوسيع مشروعهم وتحسين خط إنتاجه.
أصناف الصابون المصنعة في مصنع "صِبا" المقام بتمويل ياباني على مساحة دونم تقريبا في مدينة أريحا الصناعية، متعددة وجميعها من مواد طبيعية 100%، تضاف إليها مادة هيدروكسيد الصوديوم بنسب قليلة تتراوح بين 0.1% و 1% فقط، بصفتها مادة قلوية وبدونها لا يمكن إنتاج الصابون.
وبالإضافة إلى هيدروكسيد الصوديوم، تشير صاحبة المشروع إلى مجموعة المواد الأساسية الداخلة في التصنيع، والتي تتمثل بزيت الزيتون والماء وملح الطعام، وجميعها مواد أساسية تدخل في تصنيع جميع أصناف الصابون في المصنع.
ويضاف إلى هذه المواد، مجموعة الزيوت والمواد الطبيعية، التي تنتج من خيرات الأرض الفلسطينية، دون الحاجة إلى الاستيراد، وبحسب صوالحة، فهذه المواد تشمل الزعتر البلدي، ونبتة الخزامى، والليمون والعسل وحليب النوق والتمر واللوز والفحم وطينة البحر الميت، وقد حملت أصناف الصابون المنتجة، اسم المادة الطبيعية التي تحتويها.
تشرف السيدة إخلاص صوالحة صاحبة المشروع على كافة مراحل إنتاج الصابون العضوي
وتوضح صاحبة مشروع مصنع "صِبا" تفاصيل المكونات التي تدخل في تصنيع كل صنف من أصناف الصابون المنتجة، وفوائدها العلاجية، التي وبحسب قولها، قد لاقت استحسانا من قبل الزبائن.
الصنف الأول من الصابون المنتج، هو صابون زيت الزيتون البلدي، يعتبر هذا الصابون خال من الدهون والشحوم الحيوانية والألوان والعطور، وأي مادة كيميائية، بحيث تجعل مزاياه الطبيعية منه صابونا يساعد على نعومة البشرة والجلد الحساس.
وغناء صابون زيت الزيتون بالمكونات الطبيعية يجعله قادرا على معالجة الإلتهابات الجلدية مثل التهابات فروة الرأس، كما يمنع تقشرها ويكسب الجلد النضارة ويمكن للجميع استخدامه بغض النظر عن العمر.
أما الصنف الثاني الذي ينتج في مصنع "صِبا" فهو صابون الزعتر، الزعتر البلدي الذي يقطف من جبال الأرض الفلسطينية، وهو يحتوي على حمض الأوليك الذي يستخدم كمضاد للشيخوخة، ومادة الماسيلينيك التي تعمل على تفتيح البشرة ويمكن استخدامها كمعقم للجروح والجلد.
الصنف الثالث يتمثل بصابون الخزامى "اللافندر"، والذي تظهر فوائده من خلال القضاء على الرؤوس السوداء، والمساعدة في شفاء الحروق ولدغات الحشرات وضربات الشمس التي تؤدي لحرق الجلد، ناهيك عن الرائحة العطرية المميزة.
صاحبة المشروع في مخزن المصنع
ومن أراضي قرية عصيرة الشمالية المزروعة بأشجار الليمون، يحصل مصنع "صِبا" على الليمون اللازم لتصنيع صابون الليمون، الذي يتكون من زيت الزيتون الصافي وخلاصة عصير الليمون وزيت الليمون وقشر الليمون.
وتكمن فوائد صابون الليمون، في المساعدة على علاج حب الشباب لأصحاب البشرة الدهنية ومقاوم للأكسدة، بالإضافة إلى المساعدة على تفتيح البشرة.
ومن خلايا العسل التي تزرع في فلسطين، ينتج صابون العسل الطبيعي، الذي يستخدم لعلاج البشرة المتقرحة والملتهبة من أشعة الشمس، ويكسب الجلد ليونة ونعومة في الملمس، كما تظهر فعاليته في إزالة آثار الإرهاق واحتقان الجلد.
مادة طبيعية سادسة تدخل في تصنيع أحد أصناف صابون "صِبا" وهي حليب النوق الطبيعي، وهو صابون مغذي ومنظف للبشرة ويدعمها بالعناصر الغذائية التي تميز حليب النوق، كما يساعد على تجديد خلايا البشرة وتحفيزها لبناء نفسها بنفسها.
ويعتبر هذا الصابون مفيد للبشرة الجافة والحساسة وبشرة الأطفال، من خلال مقاومته لأمراض جلدية كثيرة أهمها الصدفية والأكزيما والحبوب الفطرية، كما ويساعد على التئام الجروح بطرق طبية سريعة.
أما صابون التمر، فله قيمة تجميلية عالية ويعتبر مضاداً قوياً للأكسدة وللسرطان الجلدي، ويحمي من التشقات الجلدية والجفاف ويقاوم الشيخوخة.
في حين يمكن للزبون الحصول على صابون الفحم، الذي يعتبر مطهرا جيدا للجروح ومنظفا للبشرة من الخلايا الميتة، ويساعد على توحيد لون البشرة ويقاوم رائحة العرق ويزيل السواد من الجلد.
صابون طينة البحر الميت، صابون طبيعي 100% ويمنح البشرة نضارة ويساعد على تقشير الخلايا الميتة، ويخفف من ظهور حب الشباب، ويساعد في علاج أمراض جلدية كثيرة مثل الفطريات بأنواعها ويترك البشرة ناعمة ورطبة ومشدودة.
في حين يساعد صابون اللوز، البشرة المتشققة في الحفاظ على رطوبتها الطبيعية، ويحميها من تقلبات الجو والجفاف، ويخفف من الكلف ويساعد في التخلص من الرؤوس السوداء.
أما آخر أصناف صابون "صِبا" فهو صابون زيت الورد العضوي، له رائحة ورد خفيفة ومنعشة، و80% منه يحتوي على الاحماض الدهنية وهو من مشتقات فيتامين A.
وقد أثبت فعاليته في تأخير علامات الشيخوخة والخطوط على البشرة، ويساعد على تجديد الخلايا ويعزز مستوى الكولاجين للحصول على بشرة ناعمة ومشدودة، وله تأثير فعال في تصفية البشرة وتقليل تصبغاتها على الوجه، وإزالة تأثيرات الشمس المضرة.
|
|
مرحلة ختم اسم الصابون العضوي على القطع |
لقيمته العلاجية الكبيرة تجهز السيدة إخلاص طلبيات الصابون حسب طلب الزبائن وبالتعبئة التي يفضلوها |
تصنيع بمواصفات عالمية
بعد معايرة المواد المستخدمة في تصنيع الصابون، تُسكب في جهاز الخلط لتبدأ عملية مزج المواد في حرارة تصل إلى 40 درجة مئوية، وهي درجة حرارة مناسبة للحفاظ على القيمة العلاجية لزيت الزيتون، وتخلط المواد جميعها لمدة تتراوح ما بين 20 و 30 دقيقة.
يلي الخلط، عملية سكب خليط الصابون من مواد طبيعية في قوالب بأحجام وأشكال مختلفة، وتترك الصابون في القوالب لمدة ما بين 20 و 30 يوما، وهي مدة كافية ليتحول مزيج الصابون اللزج إلى مادة صلبة.
أما المرحلة الثالثة للتصنيع فتتمثل في تقطيع القوالب الصلبة إلى أحجام مختلفة تتوافق مع طلب السوق أو الطلبيات الخاصة للزبائن، لكن الحجم الذي اعتمده مصنع "صِبا" وبعد دراسات واستبيانات عدة أجروها في الأسواق هو حجم 9 سنتميترات بارتفاع 2 سنتميتر وبوزن 100 غم للقطعة الواحدة.
ويلي عملية التقطيع، تجفيف الصابون في درجة حرارة الغرفة لفترة تتراوح ما بين 20 و 30 يوما، وذلك قبل أن يمر بآخر عملية وهي التغليف.
وينتج المصنع حاليا 50,000 قطعة صابون بأحجام متفاوتة، لكن بعد الانتقال إلى المصنع الجديد في أريحا والذي يفترض أن يشغل 20 عاملة، فإن الطموح أن يصل الإنتاج إلى 80,000 قطعة شهريا.
وعن حجم الطلب على صابون "صِبا"، تقول اخلاص صوالحة أن 10% فقط من إنتاج المصنع يذهب للسوق المحلي، ليصدر باقي الإنتاج إلى الدول العربية، لكنها ترى أن جودة الصابون الذي تنتجه يرقى لأن يباع في الأسواق العالمية، لذلك تسعى للحصول على مواصفات الجودة العالمية.
تقول إخلاص أنها طورت من جودة انتاجها كثيرا حتى استطاعت الحصول على شهادة جودة المقاييس الفلسطينية، لكن المصنع الحالي سيساعدها من خلال ما تتوفر من تقنيات وأجهزة وامكانيات، على التقديم للحصول على شهادات مقاييس الجودة العالمية مثل شهادة الـ "ISO".
وقريبا سيفتتح داخل المصنع الذي لم يمضِ شهرين على تدشينه مختبرين كيميائي وبيولوجي، يساعد القائمين على المصنع في كشف الأخطاء في إنتاجهم وضمان تحسين جودة العينات، بدلا من إرسالها إلى مختبرات وزارة الصحة أو جامعة النجاح، الأمر الذي سيوفر عليهم الكثير من الجهد والمال والوقت.
|
|
يشكل المشروع نموذجا للمشاريع الناجحة التي تستحق الدراسة حيث يستقبل طلبة الجامعات للاطلاع على قصة النجاح |
مصنع صبا في المنطقة الصناعية بأريحا |
مشروع مدر للدخل
بدأت السيدة إخلاص صوالحة وزوجها بصناعة الصابون عقب الإنتفاضة الثانية وتردي الظروف المعيشية في تلك الفترة، فوجدت أن صناعة الصابون التراثي من أقل المشاريع التي ستكون قليلة المخاطر، فبدأت تنتجه في مطبخ منزلها.
إقبال الناس على شراء منتوجها، جعلها تطور من الإنتاج، وأصبح مشروع عائليا، تشارك عائلتها الكبيرة من إخوة وأخوات في الإنتاج، فتتوزع المهام عليهم، وبعد ست سنوات، انتقلت إخلاص من صناعة الصابون التراثي المعجون بزيت الزيتون فقط، إلى إدخال المواد الطبيعية الثانية.
وبقيت صاحبة المشروع لثماني سنوات تعمل بدون ترخيص حتى انتبهت إلى هذا الأمر وشرعت باجراءات الحصول على التراخيص اللازمة، فمشروعها يدر لها دخلا جيدا ولا بد من الحفاظ على استمراريته.
لكن عمل السيدة صاحبة المصنع لم يخل من التحديات، فقيمة المنحة اليابانية التي حصلت عليها 190 ألف دولار أميركي، في حين أن تكلفة تشغيل المصنع تتجاوز النصف مليون، الأمر الذي استدعى إخلاص أن تقوم بالحصول على القروض ورهن مدخراتها.
تقول السيدة إخلاص أن عملية إقناع التجار بالمنتج المحلي هي أيضا إحدى التحديات التي تواجهها، فهي اضطرت لأن تتوسع أكثر خارجيا على حساب السوق المحلي الذي تخطط للعودة له بشكل مدروس، فالسوق المحلي يعتبر أن سعر قطعة الصابون الواحدة مرتفع.
وتعلل صاحبة المشروع بأن جميع مكونات الصابون هي من إنتاج محلي، ترتفع أسعاره وتنخفض حسب الموسم وكمية الإنتاج، وهذه جميعها عوامل تؤثر في السعر، لكنها تشير إلى أن الفكرة بدأت تجني ثمارها حيث شرعت بالتفاوض على بيع المنتج للفنادق والمطاعم الفلسطينية.
|
|
يكتب على العبوات جميع المكونات والفوائد العلاجية للصابون العضوي بأنواعه المختلفة |
يوفر مشروع صبا فرص عمل للخريجات الجدد |
مشروع وطني
لكل مشروع هدف ورسالة، وكذلك مشروع بيت الصابون "صِبا" الذي تسعى صاحبته أن تمزج الأصالة الفلسطينية بإبداع الشباب وطاقاته والحفاظ على التراث، من خلال منتج يحافظ على البيئة من الملوثات الكيميائية.
كمان تهدف إلى تشغيل أيدي عاملة فلسطينية وتشجيع المزارعين واستحداث مزارع أعشاب طبية خاصة، تساهم في رفع المستوى الاقتصادي لديهم وللعاملات وغيرهم من الشركاء، في خطوة نحو تجارة عادلة تستغل خيرات الأرض.
أما رسالة "صِبا" فإلى جانب الحفاظ على الثبات في الأرض الفلسطينية، تريد صاحبة المشروع تشجيع الصناعات التقليدية وتنشيط التجارة النسوية تحديدا من خلال استغلال الموارد الطبيعية والبشرية الفلسطينية.