انابيب الغاز تستخدم كبديل عن البنزين والسولار في غزة
خاص بآفاق البيئة والتنمية
يعد الغاز وزيت الطعام –السيرج- بدائل المحروقات من "بنزين، وسولار، وكاز" في غزة اثر اشتداد الحصار المفروض على القطاع من قبل السلطات الاسرائيلية والمصرية، ومؤخراً الأخيرة، والتي تعكف منذ مطلع تموز حتى اليوم، على تدمير الانفاق الارضية المنتشرة على الحدود المصرية الفلسطينية جنوب القطاع والتي تعد شريان الحياة لـمليون وسبعمائة ألف مواطن.
وتتعرض البيئة الفلسطينية جراء استخدام زيت الطعام كمحروقات لسيارات الاجرة الى "كارثة" تلحق اضرارا جسيمة ليس بحق البيئة فحسب، وانما المواطنين الذين باتوا يشتكون من جملة من الأمراض، التي أضحت ترافقهم في كل لحظة يتعرضون فيها لعوادم السيارات.
"افاق البيئة والتنمية" "تفتح ملف خطورة استخدام بدائل المحروقات على البيئة والإنسان، في هذا التقرير:
سيارات تنتظر دورها امام محطات البنزين في غزة نتيجة شح السولار واختفاء البنزين
الرؤية ضحية!!
"لم اعد اتمكن من الرؤية جيداً، لاسيما وانني قد اجريت عدة عمليات جراحية في عيني من بينها زراعة قرنية، وقد الحق بي دخان السيارات الماً شديدا سواء في عملية التنفس او الرؤية، كيف لا، وقد اصبحت استخدم القطرة عدة مرات تتجاوز الخمس في الساعة بدلا من استخدامها ثلاث مرات على مدار اليوم". بهذه الكلمات تحدثت السيدة امل نصر.
وتضيف نصر "36" عاما التى دأبت مؤخرا على وضع شاش طبي على عينيها وهي في طريقها الى العمل او العودة: "اذا ما بقي الأمر على حاله، فإنني قد اضطر الى الحصول على اجازة الى ان تنتهي هذه الازمة التي باتت تشتد يوماً بعد يوم".
ويعاني مليون وسبعمائة الف مواطن يقطنون قطاع غزة من نقص حاد في المحروقات بشتى انواعها جراء الحصار المفروض منذ عام 2007، والذي اشتد مع تدمير الانفاق -التي تعد شريان الحياة – من قبل الجيش المصري، كما يعكف العديد من السائقين على استخدام زيت الطعام كبديل عن البنزين، رغم الخطورة الشديدة الناجمة عن ذلك.
وتشير نصر التي كانت تقف في انتظار سيارة تقلها الى منزلها الكائن في منطقة التوأم شمال غزة، انها تنتظر منذ ربع ساعة علّها تجد سيارة تخلصها من رائحة الزيوت التي تملؤ المكان وتزيد من صعوبة الرؤية لديها، وتصل الى بيتها قبل عودة اطفالها من المدرسة.
حياتي في خطر
وفي زاوية اخرى من الشارع كان يقف العجوز "ابو حسين" 65 عاما وهو يتكئ على عصاه في انتظار سيارة تقله الى منزله ويقول لآفاق البيئة: "الوضع بات صعباً جدا لم يعد بمقدوري الانتظار طويلاً لأنني في أي لحظة قد أفقد حياتي(...) انظري... اجد صعوبة في التنفس لأن البخاخة التي استخدمها قد نسيتها في البيت".
ويقول ابو حسين ان "السيرج" يقتلني فالدخان الاسود يزداد كل يوم، خاصةً وأن عدد السيارات التى تستخدم زيت الطعام كوقود تزداد وتتسع (...)..".
وفجأة ودون سابق انذار انتابته حالة من السعال الشديد جراء اقتراب سيارة "دخان وقودها" قد ملأ المكان.
وما ان هدأ، حتى اكد انه لا يغادر منزله الا للضرورة، مؤكدا انه كان صباحاً في عيادة الوكالة لإجراء فحوصات طبية.
ويجمع مختصون أن "الآثار السلبية على البيئة والصحة التي من الممكن أن تنجم عن استخدام زيت الطعام كبديل عن الوقود، بحاجة لدراسة ومتابعة من قبل جهات الاختصاص لتحديد مدى خطورة استخدام زيت الطعام".
ووفقاً لآراء هؤلاء المختصين فإن خطورة النهج الجديد المتمثل بالخلط العشوائي لأنواع الزيوت المختلفة بالمحروقات، من شأنه أن يؤدي إلى مكرهة صحية وبيئية تؤثر على كلٍ من الصحة العامة والبيئة في قطاع غزة، حيث أن عملية اختلاط الزيوت مع عوادم السيارات ينتج عنها مواد مسرطنة خطيرة.
سيارات في جنوب قطاع غزة تنتظر وصول الوقود
وضع مؤقت
وتابعت افاق البيئة والتنمية جولتها في عدد من المناطق في القطاع والتقت الطالب الجامعي العشريني خالد عوني الذي أشار الى ان السائقين هم ضحية من ضحايا الحصار المشدد على القطاع، حيث لم يعد بمقدورهم العمل بعد الشح الشديد الذي اصاب المحروقات جراء هدم الانفاق قائلا: "استخدام زيت الطعام وكذلك الغاز هما بدائل مؤقتة" معربا عن امله ان تنتهي الازمة.
وأوضح انه يضطر الى الوقوف اكثر من ساعة وهو ينتظر سيارة تقله من خانيونس- جنوب القطاع- الى مدينة غزة مقر جامعته، لافتا انه اذا ما استمرت الاوضاع كما هي فإنه قد يضطر الى تأجيل الفصل الدراسي.
واضاف" "اشعر باختناق من هذه الغازات السامة المنبعثة من السيارات ولكن ما باليد حيلة".
وللسائقين مبررات
وفي ساحة فلسطين وسط مدينة غزة قال السائق احمد حطاب "41" عاماً:" لا يمكنني التوقف عن العمل لأنني المعيل الرئيس لأسرتي (...) ماذا افعل؟؟ فالبنزين بات حلماً قد يطول تحقيق وجوده، والسولار رويدا رويدا يختفي، ولم يتبقَ امامي الا زيت الطعام سواء كان المستخدم الذي احصل عليه من بائعي الفلافل او غير المستخدم الذي اشتريه من المحال التجارية".
وعن المخاطر البيئية والصحية يجيب: "مستعد ان اجلس بالبيت وماذا بعد! نعم... اشعر بالاختناق كل صباح مع تشغيل السيارة فهي تحتاج الى وقت لكي تبقى جاهزة للسير، وخلال هذه الفترة اكون انا قد تشبعت من الدخان الاسود".
وأشار الى حرصه استخدام كمامة في الفترة الصباحية عند تشغيل السيارة وإبقائه أطفاله داخل البيت حتى لا يصابوا بالاختناق، لافتا الى ان ذلك سيكلفه الكثير، من اعادة اصلاح ماتور السيارة بعد عودة البنزين، اضافة الى البخاخات التي ستصبح رفيقه الاول لتساعده على التنفس، في حال اصابته بضيق التنفس.
شهادة ..!!
بدوره قال السائق عبد سالم "اخشى ان نصل الى مرحلة نفقد فيها الزيت وبالتالى نصبح بلا شيء يذكر"
واضاف السائق الخمسيني الذي يعمل على خط غزة الشمال، نعم الأضرار على البيئة وعلى المواطنين كثيرة ولا انسى ذات مرة حين اصيب احد الركاب بحالة اغماء من هول الرائحة والدخان، وتم نقله للمستشفى.. ولكن لا يوجد امامنا بدائل!.
مولدات الكهرباء في غزة تصطف بانتظار دورها لتأخذ نصيبها من البنزين نتيجة أزمة المحروقات
غازات سامة
وللوقوف على مخاطر استخدام زيت الطعام كوقود للسيارات يقول د. فؤاد الجماصي مدير دائرة صحة البيئة ان استخدامه يعدّ خطأ كبيراً ويجب التوقف عن ذلك فوراً لأن اضراره على البيئة والصحة العامة كبيرة جدا، وعلى المختصين تبيان ذلك.
وأضاف د.الجماصي ان الخطورة تكمن في عدم احتراق الزيت "السيرج" بصورة كاملة في السيارات، مما ينجم عنه انبعاثات من غاز اول وثاني اكسيد الكربون، وهذه العوادم تشكل خطراً حقيقياً على صحة المواطنين.
واشار الى ان بعض الدول تستخدم الزيوت كوقود مثل المانيا، ولكن ضمن اجراءات معينة تضمن سلامة البيئة، لافتا الى انه يتم رفع درجة حرارة الزيت الى 190 درجة مئوية، ومن ثم وضعه في محرك السيارة، وبذلك فإن عملية الاحتراق تتم بصورة كاملة ولا يكون هناك انبعاث لغازات سامة ومضرة.
وقد حذرت مؤسسات تعنى بشؤون البيئة ومؤسسات حقوقية من التداعيات البيئية والصحية الخطيرة، الناتجة عن استخدام عدد كبير من السائقين لزيت الطعام لتشغيل مركباتهم في ظل أزمة الوقود الناتجة عن الحصار.
ولفت د.الجماصي ان ضحايا الانبعاثات كثر خاصة الذين يعانون من الربو وضيق في التنفس، مؤكدا ضرورة عدم تواجدهم في المكان المخصص للسيارات وان من تضطره الظروف فعليه استخدام كمامة.
وختم الحديث مع "آفاق" مشدداً على ضرورة منع استخدام زيت الطعام كوقود لخطورته على البيئة والصحة.