الاونكتاد: النمو الاقتصادي المسجل بالضفة الغربية خادع وغير حقيقي لارتباطه بأموال المانحين والإيرادات الضريبية
رام الله / محمد خبيصة: وصف التقرير السنوي الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد" الصادر في ايلول الماضي النمو الاقتصادي الذي عاشته الضفة الغربية خلال العام الماضي بأنه خادع وغير حقيقي، لأنه مرتبط بالكامل بأموال المانحين وبالإيرادات الضريبية التي تجبيها السلطة الفلسطينية سنوياً، رغم أن حجم التسرب الضريبي يبلغ سنوياً أكثر من 305 مليون دولار.
وبلغ مجمل حجم الدعم الذي تلقته السلطة الفلسطينية خلال العام الماضي نحو ملياري دولار، فيما بلغ حجم الإيرادات الضريبية ورسوم المعاملات الحكومية خلال نفس العام أكثر من 8 مليارات شيكل (2.2 مليار دولار)، فيما بلغت الإيرادات القادمة من الصادرات السلعية والقطاعات الإنتاجية الفلسطينية نحو 250 مليون دولار.
وأشار التقرير إلى أن اعتماد السلطة الفلسطينية على أموال المانحين والإيرادات الضريبية التي تم تحصيلها أدى إلى ظهور اقتصاد وهمي، بلغ نموه 11% عام 2011 بسبب حجم أموال المانحين، لينخفض عام 2012 إلى 5% بسبب تقليص المنح الناتجة عن الأزمة المالية التي عصفت بالدول الداعمة من جهة، وتغير مواقف بعض المانحين بسبب سياسة السلطة وموقفها من المفاوضات، وتوجهها إلى الأمم المتحدة من ناحية أخرى.
يذكر أن النمو الاقتصادي تراجع خلال النصف الأول من العام الجاري إلى 2.7% بسبب أزمة السلطة المالية التي بدأت نهاية العام الماضي، في حين تشير بعض الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بتواصل التراجع خلال النصف الثاني و"تخوفات حكومية من تفاقم الأزمة المالية خلال الأشهر القادمة.
من جهة أخرى ربط التقرير الأزمة المالية التي تعصف بالسلطة الفلسطينية بالأزمة الاقتصادية التي تعاني منها المناطق الواقعة تحت السلطة الفلسطينية، وهو الأمر الذي يتوجب على صناع السياسات والقرارات الاقتصادية من الالتفات له، وفقاً لحديث خاص لوكالة الأناضول مع سمير عبد الله، مدير عام معهد الأبحاث والسياسات الاقتصادية.
وأضاف عبدالله أن جهود السلطة الفلسطينية عملت بأقصى طاقتها لتطوير النظم الاقتصادية للنهوض بالبيئة الاستثمارية المحلية "إلا أن إسرائيل ما زالت تتمسك بالمفتاح الأساسي للنهوض بالاقتصاد، والمتمثل بالسيطرة على الأرض والموارد الطبيعية، بينما يملك الفلسطينيون مفاتيح خاطئة للنمو".
وأشار مسؤول وحدة فلسطين السابق في الأونكتاد، مسيف مسيف، إلى أن السلطة الفلسطينية خسرت نحو 33% من اقتصادها بسبب حالة الانقسام مع قطاع غزة، "حيث تشكل الحركة السوقية والاقتصادية هناك ثلث الاقتصاد الفلسطيني ككل".
وقال مسيف للأناضول إن تحقيق الاستدامة المالية هو ضرب من ضروب الخيال "كما وصفه التقرير" بسبب سيطرة إسرائيل على الإيرادات الضريبية للسلطة كضريبة القيمة المضافة، إضافة إلى تدني حجم الانتاج والذي سببه ارتفاع كلفة التصدير لوجود إسرائيل كعائق بين الضفة وغزة والعالم الخارجي، وارتفاع معدل الفقر والبطالة، "كل ذلك أدى إلى زيادة الضغط على السلطة في زيادة الإنفاق، وليس بغريب أن تشكل المعونات الإنسانية جزءاً ليس بقليل من الخزينة".
وأدى تراكم ديون السلطة لصالح البنوك ومؤسسات القطاع الخاص، وتراجع أموال المانحين، إلى وقوعها بأزمة ديون تجاوزت 4.3 مليار دولار، فيما تجاوز الإنفاق من رصيد الميزانية الموضوع، بسبب ارتفاع نسبة الفوائد على الديون التي بلغت 80 مليون دولار عام 2012، وبسبب زيادة نفقات الوزارات.
وتناول التقرير حجم الأموال التي تفقدها خزينة السلطة سنوياً بسبب التسرب الضريبي، والذي بلغ خلال العام الماضي نحو 305 مليون دولار، ناتج عن تهريب البضائع من المستوطنات وإسرائيل أو عبر إسرائيل.
وبحسب التقرير فإنه إذا أمكن تقليص هذا التسرب وتحويل الأموال إلى الخزينة، فإن من شأن ذلك منح السلطة الفلسطينية توسعاً في النمو الاقتصادي، وتوليد فرص عمل، عندها سيزداد الناتج المحلي للأرض الفلسطينية بنسبة 4%، وستزداد العمالة بمقدار 10 آلاف فرصة عمل في السنة.
وأورد التقرير أرقاماً حول البطالة في صفوف الشباب الفلسطيني، والتي بلغت عام 2012 نحو 50%، أما معدل الفقر فقد تجاوز 26%، منها 18% في الضفة الغربية، و30% في قطاع غزة، بنسبة ارتفاع بلغت 4% عن العام 2011، بسبب تقلص حجم الدعم المقدم للمعونات الإنسانية.