التحضر السريع في أفريقيا يؤجج التوترات الاجتماعية
كيب تاون / خاص: كانت الآمال الكبيرة تراود كريستينا موكوا في مستقبل أفضل عندما انتقلت من قريتها الريفية في مقاطعة مبومالانجا في جنوب أفريقيا إلى مدينة جوهانسبرج منذ عقد من الزمان. ولكن سرعان ما تحطمت أحلامها.
فبدلا من الاستفادة من الفرص الاقتصادية التي يمكن أن تتوفر في واحدة من المدن الكبرى، انتهى المطاف بموكوا (31 عاما) وأطفالها الأربعة في كوخ متهالك في حي أورانج فارم، أحد الأحياء الفقيرة في جوهانسبرغ. ولا توجد لدى الأسرة مياه جارية أو مرحاض جيد كما يفتقرون إلى معظم الخدمات العامة. وقالت موكوا التي تقوم بجمع الأشياء من القمامة في مركز لإعادة التدوير "الحضور إلى جوهانسبرج لم يكن هو ما كنت أتوقعه.. لقد كنا نكافح. أشعر بخيبة أمل وغضب". وتعد موكوا واحدة من ملايين الأفارقة الذين وقعوا ضحية للتحضر السريع في القارة والذي تم بدون إدارة، فقد أصبحوا ضحايا للحكومات الأفريقية التي تغض الطرف عن التوتر الاجتماعي الذي ينجم عن هذا التحضر.
ووفقا لشعبة السكان بالأمم المتحدة فإن دول جنوب الصحراء الكبرى في افريقيا تحقق معدل نمو حضري سنوي يبلغ 3.6%، أي تقريبا متوسط النمو العالمي.
ويعيش حوالي 40% من أكثر من مليار شخص في مدن وبلدات أفريقيا. وقد هاجر العديد من هؤلاء من المناطق الريفية إلى المدن هربا من الفقر أو الجفاف أو الصراع.
ويعيش حوالي 200 مليون شخص في أحياء فقيرة. وقالت آنا تيبايجوكا، المديرة التنفيذية لوكالة "UN HABITAT" وهي وكالة تابعة للأمم المتحدة معنية بالمستوطنات البشرية "أفريقيا آخذة في التحضر أسرع من أي قارة أخرى، لدرجة أنه بحلول عام 2030 لن تكون قارة ريفية. على الرغم من هذا، فإن القليل من القادة الأفارقة يأخذ هذه المسألة على محمل الجد".
ولم تتخذ الحكومات الأفريقية ما يكفي من إجراءات لإدارة التحضر السريع وهي لا تعترف رسميا بالأحياء الفقيرة. فلا يتم تزويد الأحياء الفقيرة بالخدمات العامة، مثل الكهرباء وأنظمة الصرف الصحي وإدارة النفايات والطرق والإسكان والوصول إلى الرعاية الصحية أو التعليم.
ووفقا لبرنامج البيئة التابع للأمم المتحدة لا يصل أكثر من ربع سكان الأحياء الفقيرة في أفريقيا إلى مياه شرب مأمونة، كما أن 175 مليون شخص ليس لديهم ما يعتبر صرف صحي معقول.
وقد أظهرت احصاءات بنك التنمية الأفريقي أن هذا الوضع لن يتغير قريبا لأن الإنفاق السنوي في أفريقيا على البنية التحتية هو 45 مليار دولار، في حين أن هناك حاجة إلى ما يقرب من ضعف هذا المبلغ من أجل معالجة المشكلات الكبرى.
وتعد أكبر مدينة أفريقية في جنوب الصحراء الكبرى وهي مدينة لاغوس النيجيرية، مثالا نموذجيا على سوء التخطيط، حيث يقطن المدينة 11 مليون شخص، وثُلُثا هذا العدد من سكان الأحياء الفقيرة. وتشتهر المدينة بالاكتظاظ والشوارع المليئة بالحفر والاختناقات المرورية وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر وسوء الصرف الصحي.
وقال فرانسيسكو أبوسيدي مفوض تخطيط المدن والتحضر في لاجوس: "لاجوس لديها بنية تحتية أقل من أي مدينة من المدن الكبرى في العالم".
ونظرا لنمو سكان لاجوس بنسبة 8% كل عام، فإن الأحياء الفقيرة والمشاكل المرتبطة بها تتزايد مع تزايد السكان، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة معدل الجريمة والتوترات الاجتماعية.