منذ توقيع اتفاقات اوسلو: دخل الفرد الاسرائيلي زاد 196 ضعفا عن نظيره الفلسطيني
رام الله / محمد خبيصة: أرقام صادمة تلك التي أعلنت عنها منظمة أوكسفام في أيلول الماضي، عشية الذكرى العشرين لاتفاقية أوسلو الموقعة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حول متوسط دخل الفرد الإسرائيلي مقابل نظيره الفلسطيني.
ففي الوقت الذي ارتفع فيه متوسط دخل المواطن الفلسطيني بقيمة 93 دولاراً في السنوات العشرين الماضية، فقد ارتفع متوسط دخل الفرد الإسرائيلي بنحو 196 ضعفاً خلال نفس الفترة، أي منذ توقيع اتفاقيات أوسلو. وبين التقرير أن متوسط الدخل السنوي للفرد الفلسطيني شهد ركوداً، وصفته المنظمة بـ"المخيف"، اذ كان قرابة 2000 دولار عام 1993 إلى 2093 دولار نهاية في العام 2013، ولم يرتفع الا بمقدار 93 دولارا خلال عشرين سنة، مقابل ارتفاع متوسط الدخل السنوي للإسرائيلي خلال نفس الفترة من حوالي 13800 دولار، إلى أكثر من 32 ألف دولار في العام الجاري، أي ارتفاع مقداره أكثر من 18200 دولار.
ويجد باسم مكحول، أستاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت، هذه الفجوة بين متوسط دخل الفرد الفلسطيني والإسرائيلي مرتفعة جداً، "والتي تصل إلى خمسة عشر ضعفاً في إجمالي الدخل بين اقتصادين متجاورين، أحدهما ينمو بشكل متسارع والأخر يراوح مكانه إن لم يتراجع خلال الفترة المعنية".
وأضاف، خلال حديثه مع وكالة الأناضول، أن المساعدات الدولية والجهود التي تبذلها السلطة الفلسطينية لا تحقق نتائج كافية، بسبب إجراءات الحصار الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة.
ولم يكن قطاع غزة أفضل حالاً من الضفة الغربية، بل انه شهد انخفاضاً في متوسط دخل الفرد من 1230 دولار عام 1993 ويهبط إلى ما دون 1075 دولاراً العام الجاري، لأسباب تتعلق بتراجع المنظومة الاقتصادية، بالتحديد خلال السنوات التي أعقبت سيطرة حركة حماس على القطاع، بهدف تضييق الخناق عليها. وكان تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني نهاية حزيران الماضي بعنوان "أطلس الفقر في فلسطين" أشار إلى وجود أكثر من مليون فلسطيني يعيشون تحت خط الفقر، من أصل قرابة 4 ملايين فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة، الذي يشهد النسبة الأعلى في عدد الفقراء والتي تتجاوز 39% من السكان.
ويعتقد مكحول أن حصار إسرائيل للقطاع أدى إلى انهيار بنيته الاقتصادية، "فإغلاق المعابر من جهة، والحروب التي شنها على مدن غزة من جهة ثانية، أدت إلى إنهاك الاقتصاد والأسواق"، مشيراً أن ارتفاع معدل السكان هناك يعد سبباً آخر للتراجع، "لأن متوسط دخل الفرد يتم حسابه من خلال مجمل الناتج المحلي على عدد السكان".
ورغم الفجوة الكبيرة بين متوسط دخل الإسرائيلي مقارنة مع الفلسطيني، إلا أن الزيادة الضريبية، خاصة ضريبتي الدخل والقيمة المضافة (المفروضة على المشتريات) التي يتم إقرارها في إسرائيل يتم تطبيقها في الأراضي الفلسطينية تلقائياً، وفقاً لبروتوكول باريس الاقتصادي المنبثق عن اتفاقية أوسلو، الذي وضع الاقتصاد الفلسطيني في حالة تبعية لنظيره الإسرائيلي.
كما أن ارتفاع أسعار العديد من السلع الأساسية التي ترتفع في إسرائيل تنتقل إلى الأراضي الفلسطينية، خاصة فيما يتعلق بسلع مشتقات البترول، وأسعار الماء والكهرباء وغالبية أنواع السجائر، حيث تعتبر إسرائيل المصدر الوحيد لهذه المنتجات الأساسية للسوق الفلسطينية.
وبحسب المحاضر في جامعة بيرزيت، فإن العبء الضريبي على الفلسطينيين يبلغ 32% من إجمالي دخله، مؤكداً أن هذه النسبة تعد من أعلى النسب في الوطن العربي، وتقترب من إسرائيل التي يبلغ فيها العبء الضريبي 36%، "في المقابل لا تقدم الحكومة الفلسطينية خدمات لما هو مأمول من دافعي الضرائب".
وحمل التقرير الصادر عن أوكسفام إسرائيل جزءا اساسيا من مسؤولية جعل الاقتصاد الفلسطيني في حالة تخبط وتبعية وضعف، مشيراً إلى أن "القيود والعمليات العسكرية الاسرائيلية خلال السنوات العشرين الماضية أفقدت الاقتصاد الفلسطيني مئات ملايين الدولارات سنويا".
ويلخص تقرير أوكسفام الحالة المتردية التي وصل إليها الاقتصاد الفلسطيني في تقريرها، أن "حياة ملايين الفلسطينيين اسوأ مما كانت عليه قبل عشرين عاما"، مشيراً أنه "اذا كانت كل عملية سلام تشمل تنازلات، فإن المدنيين الفلسطينيين هم الذين دفعوا الثمن الباهظ لها حتى الان".